كلٌ يدعي على »ارهابه« الخاص، لكن من يُرهب المجتمعين في شرم الشيخ واحد!
الحاكم الجزائري يدّعي على »اسلامييه« الذين لم يستطع استئصالهم برغم ان الحرب ضدهم قد التهمت اكثر من خمسين ألف مواطن ودمرت البلاد تدميرù،
.. والحاكم التونسي على »اسلامييه« الذين لم تنفع السجون والمحاكمات الصورية والأحكام القاسية والمنافي في شطبهم وإلغاء تأثيرهم على صورة الغد التونسي.
.. والحاكم المصري على »اسلامييه« الذين مالأهم حينù ليوظفهم ضد »منبته« الثوري ثم اكتشف انه قد بات اسيرهم أو يكاد، فانقض عليهم يطاردهم بالرصاص حيثما وجدوا ويتلقى طبعù رصاصهم،
والحاكم السعودي على »اسلامييه« الذين رعاهم وغذاهم ودربهم »ليأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر«، ففوجئ بهم يفتحون عيونهم على »منكره« وعلى افتراقه عن »التعاليم« التي رباهم عليها وسلحهم »بالشرعية« لإلزام الرعية بها بالعصا وإلا فبالسيف إذا لزم الأمر،
أما »الحاكم« الفلسطيني فأمره اكثر تعقيدù لأنه يواجه صورة »شبابه« ويحاكم نفسه بمنطلقاته الأصلية، فيهدم الاساس »العقائدي« الذي يرتكز عليه بعدما ظل حريصù على تحصين نفسه ضد »القومية« والافكار اليسارية »الهدامة« »بالاسلامية« التي يعمل لإبادتها الآن!
وهكذا الحاكم البحريني مع »اسلامييه« الذين طالبوه بحقوقهم في الدنيا، العمل والرزق الحلال والأمن والرأي، فاتهمهم في وطنيتهم وفي عروبتهم إضافة الى اتهامهم في دينهم،
أما الحاكم الكويتي فقد وفرت عليه »عاصفة الصحراء« مهمة المواجهة المكشوفة، اذ احتمى بالعلم الاميركي الذي ثبت ان له سحره الطاغي حتى على »الاسلاميين« لا سيما متى كانوا »نفطيين«.
كل يدّعي على »ارهابه«، وكلٌ ذاهب الى شرم الشيخ بوهم انه في هذه القمة المرتجلة والمكرسة لنصرة شمعون بيريز، ليقتص من »اسلامييه« هو، وليوفر لنفسه الحماية من مخاطر المواجهة المنفردة مع »اسلامييه« بالذات.
كأنما كان الجميع ينتظر ان يعلن الاسرائيلي الحرب على هؤلاء »الاسلاميين« لكي ينخرطوا في صفوفه منافحين معه لتخليص »الاسلام« من هؤلاء الذين يقاتلون الجميع باسمه.
***
لا مجال للتمويه، مهما كانت براعة المخرج والممثلين:
فقمة الارهاب التي تنعقد في شرم الشيخ اليوم هي، في صورتها الاصلية، »محكمة دولية« لمحاكمة الاسلام و»تمدينه« بتطهيره من لوثة التطرف الدموي والتعصب المقيت والانغلاق ومجافاة روح العصر!
ان هذه القمة تنصّب نفسها، عمليù، مرجعية عليا ومطلقة، لها ان تقرر من هو المسلم ومن هو الخارج على الدين الحنيف، من هو المؤمن حقù ومن هو المرتدّ الذي لا بد من قتله حمايةً للمؤمنين!
هي الآن فوق الازهر الشريف وفوق النجف الشريف، فوق القيروان وفاس وقم، فوق الطنطاوي المصري والبوطي الدمشقي وابن باز السعودي، لها وحدها حق التحليل والتحريم والفتوى في شؤون الاسلام والمسلمين!
ربما تولت تنقيح القرآن الكريم،
وربما انتدبت نفسها لجنة قراءة لفرز الصحيح من المغلوط في »الحديث الشريف«،
وربما بلغ بها الأمر حد اعادة النظر في اصول الدين وموجباته والحدود.
***
ان القمة »محكمة دولية« تجري بسرعة قياسية »أعدل« محاكمة للاسلام والمسلمين.
فالمدعي العام: اميركي
ومحامي المرهبين: اوروبي
والقاضي: يهودي غربي (اشكيناز)،
أما شهود الادعاء فجميعهم من »المسلمين«، كثرتهم من »الأَعْراَب« وأفصحهم لسانù قرآنيù »تركي«.
هل تستحق نصرة شمعون بيريز على بنيامين نتنياهو كل هذا الحشد من المؤمنين طاهري اليد والذيل؟!
وهل الانتخابات الاسرائيلية هي المجال الارحب، والفسحة الفكرية المثلى، لإعادة النقاء الى الاسلام بغسله بدماء المسلمين؟!
ومياه شرم الشيخ الغنية بالشعب الأرجوانية هي بعض البحر »الأحمر« الذي سيستحق بعد الآن اسمه فعلاً!