يعيش اللبنانيون حالة خوف واضطراب غير مسبوقة، بحيث أن حادثاً امنياً واحداً على الطريق بين شملان والبساتين (التي كان اسمها الفساقين)، قد تسبب في إثارة المخاوف من انبعاث الحرب الاهلية من رقادها.. القلق!
اللبنانيون في ضائقة مادية، تقترب بثلثهم على الاقل من العوز، ثم انهم يعيشون سلسلة من الازمات السياسية التي تنعكس على اسباب معاشهم وعلاقاتهم الاجتماعية.
وصحيح أن “الدولة” في لبنان ليست هي المرجع الصالح للأكثرية من “رعاياها” الذين تتوزع ولاءاتهم على مختلف المحاور الدولية والاقليمية: الولايات المتحدة ومعها فرنسا وبريطانيا والمانيا بذكرياتها النازية، ثم ايران ومعها سوريا وطيف فلسطين والذكريات الحزينة عن مصر الناصرية وجزائر بن بله وثورة المليون شهيد.. ثم طيف المقاومة الوطنية والاسلامية في لبنان واجلاء العدو الاسرائيلي عن ارضه عبر انتصار الدم على قوة الاحتلال والاحتفال بالنصر الاول والاعظم على هذا العدو العنصري الذي يستقوي على العرب ـ كل العرب ـ ويذلهم منذ قرن كامل.
فمنذ نهاية الحرب العالمية الاولى وحتى اليوم: يحتل فلسطين ويسقط اسمها وتاريخها وينتهك قداسة ارضها بدولته العنصرية المعززة بالدعم الغربي المفتوح، بريطانيا في البداية ثم اميركيا وروسيا عند اقامتها بالقوة، ثم دوليا مع انهيار المنظومة العربية ودول عدم الانحياز وتبعثر العرب ايدي سبأ.. قبل أن تنهار مقاومتهم للمشروع الصهيوني والتسليم بوجود اسرائيل وتناسي القضية المقدسة، ثم تتابع التحاق دولهم الضعيفة او المضعفة بأنظمتها الهزيلة والمعادية لشعوبها بالإمبريالية ومخططاتها للهيمنة على المنطقة وآخرها مشروع القرن لمبدعه الرئيس الاميركي الاحمق دونالد ترامب والمروج له صهره جاريد كوشنر.
بالعودة إلى لبنان، لا بد بداية من الاعتراف بتراكم فشل اداء النظام وسياساته حتى اضحى شعبه على حافة مخاطر عديدة بينها: العوز وضيق الحال، وفشل النظام، وتجبر بعض اقطابه نتيجة الاستقواء بالمصاهرة واستغلال السلطة، واعادة النفخ في رماد الطائفية مما ينذر بتفجر الحرب الاهلية مجدداً..
وهكذا فان حادثة تصادم واحدة نتيجة الغرور السلطاني لوزير الخارجية وإصراره على النفخ في رماد الطائفية وتظهير زعامته للمناطق جميعاً والطوائف جميعاً، تسببت في انفجار تبدى محدوداً ولكن المناخ مؤات لانتشار النار، وهكذا نرى لبنان، اليوم، واقفا على رجل واحدة واهله يرتعدون خوفاً..
لا تُبنى الزعامات بالقهر، ولا تُورث الرئاسات بالنسب، والطائفية تستسقي الطائفيات فاذا البلاد جحيم، والتعاظم على الناس بالمصاهرة يرتد على الصهر لعناتٍ وتحقيراً، والاستقواء على المقيم بالمغترب وعلى الفقراء بالأثرياء..
البلاد لا تتحمل رئيسين ينامان في بيت واحد..
والشعب لا يتحمل زعيماً انبتته مصادفة المصاهرة التي فتحت باب الثروة وامجاد العلاقات الدولية..
والعيش على باب الله وحزبه لا يبني زعامة..
قاتل الله الفتنة، لا سيما المتحركة، ولعن لها النافخ في نارها والمستفيد من حريقها ليحكم من موقع الوريث للقائم بالأمر..
ولبنان اكبر من الاقزام والاصهار والنافخين في نار الفتنة.. وهو يكون بأهله متساوين في الحقوق خصوصاً، والواجبات، اساسا، او لا يكون..
مع الاعتذار من كاتبنا الرائد الذي اعطانا “الاجنحة المتكسرة” لكنه رفرف بإبداعه فوق الدنيا بغربها وشرقها، وهو الآن مقهور، بالتأكيد لاستخدام اسمه في غير موقعه.