نعيش في لبنان، الآن، حالة قلق على المصير تتجاوز الحكم بالرئاسات والنيابات والوزارات والادارات والاحزاب والنقابات والهيئات والشخصيات من اهل الرأي: الكل يسأل، بقلق، ولا أحد يعرف الاجوبة، وتبقى الاسئلة معلقة في الفضاء حتى اللقاء التالي.
لا احد يعرف إلى أين نسير بل نهوي إلى القاع، سياسيا -اعمق من المألوف، واقتصادياً ابشع واسوأ مما يطيق الناس الذين تهاوت مطالبهم من التحرير والتقدم والاعمار إلى مجرد تأمين الحياة اليومية بتفاصيلها الثقيلة: فرص العمل، الخبز، الحد من الفساد طالما يستحيل القضاء عليه، الحد الادنى من المحاسبة وضبط الفاسدين في السلطة ومن حولها وخارجها..
فجأة، اختفت “الدولة” بمؤسساتها جميعاً: رئيس الجمهورية في قصره يستقبل ويودع وتنسب اليه تصريحات لا علاقة لها بالواقع ورئيس الحكومة منهمك باطلاق تصريحات انشائية ” لا تودي ولا تجيب” على حد ما يقول اخواننا في مصر .. أما رئيس المجلس النيابي فينأى بنفسه عما يجري، مكتفياً بلقاءات من خارج النص .
..أما السفيرة الاميركية في بيروت دورثي شيا التي خرقت الاصول الدبلوماسية وهاجمت “حزب الله” علنا، وفي مقابلة صحافية متلفزة.. فقد اكتفى وزير الخارجية باستدعائها فجاءته بتيار ابيض، وتبادلت معه أطراف الكلام مؤكدة على “اهتمام بلادها” بلبنان وامنه وسلامة اراضيه!
وسقط موضوع اهانة لبنان وقضائه.. سهواً ! القاضي الوطني مجسد العدالة محمد المازح على قرارك الوطني الجريء والصحيح بمضمونه ونصه ولو كره الكارهون.
الاسئلة تسد الافق، والجوع يقتحم البيوت ويدفع طوابير الجائعين إلى الشارع ليحتجوا ضد “المسؤولين” فيحرك هؤلاء عملاءهم ومخبريهم المأجورين ليحولوا تظاهرات الجائعين المطالبين برغيف الخبز إلى مشروع فتنة لا تُبقي ولا تذر.
وها قد بدأت عمليات الانتحار في الشارع بدافع اليأس من النظام ودولته التي يحكمها من لا يهتم بأمور الناس، بل أن جل اهتمامه أن يدوم موقعه في منصبه ويدوم ويدوم.. إلى الابد!
الدولار يتجاوز بسعره (الرسمي) قدرة المواطنين على دفع المستحق إنفاقاً على الاكل والملبس والايجار واقساط المدارس والجامعات بعدما تهاوى مستوى التعليم الرسمي.
الثورة مستحيلة لان غول الطائفية الذي يرعاه المستفيدون منها يلتهم الوطنية وافكار التقدم ونشر الفتنة..
مع ذلك لا حياة مع اليأس.