تزدحم صالات المغادرة في مطار بيروت بطوابير من الشباب الذين يرحلون إلى المجهول..
وتزدحم مكاتب الامن العام في العاصمة ومراكز المحافظات والاقضية بالشباب الذين يتسابقون إلى انجاز جوازات سفرهم في اسرع وقت ممكن، حتى لا يتأخروا عن موعد بدء الدراسة في جامعات الدول البعيدة..
وبرغم أن في البلاد أكثر من خمسين جامعة خاصة، بينها “الممتاز” و”المقبول” وما هو دون المستوى، فان الشباب المزدحم في صالات المطار انما يقصد “الخارج” بذريعة اتمام الدراسة ولكنه انما يطلب فرصة عمل ولو في اقصى الارض من اجل أن يعيش ـ اولاً ـ ثم ينتسب، بعد ذلك، إلى اية جامعة تقبله، خارج الدوام الرسمي، وبأقساط متواضعة.
لقد ضاقت البلاد بأهلها، وعزت فرص العمل على طالبيها، وصار السفر ضرورة تفرضها الحاجة إلى تأمين مستقبل، أي مستقبل، في أي مكان، طالما أن لا فرصة في لبنان الشامخ شموخ الارز، والذي ملأت مهرجانات الطرب والرقص والدبكة مدنه وبلداته وقراه التي لا يكاد يعرفها الا أهلها..
إن بلاداً لا تحفظ شبابها لا يمكن أن تعيش حرة، فهي ستكون رهينة الخارج اقتصاديا، فبالقروض و”المنح” والهبات و”الشرهات”، وكل ذلك ديون ثقيلة في السياسة كما على الاوضاع الاقتصادية.
إن بلاداً لا تحفظ شبابها لا تستحق الحياة، ولا هي تقدر على اعبائها الثقيلة، خصوصاً وانها غير منتجة لا في الصناعة ولا في العلوم ولا في الزراعة النوعية المكلفة، ولا حتى في التجارة حيث صارت البضائع المستوردة تباع بأسعار لا توفر الربح العظيم السابق، نتيجة دخول الصين والكوريتين وغيرهما سوق التجارة الدولي..
كلنا للعلى والعلم.. ولكن بلا وطن!