طلال سلمان

لبنان نور وفضائيات باراك عربية

لم يتأخر إيهود باراك طويلاً قبل أن يلتحق بقافلة »قادة« إسرائيل الذين يكرهون النور في الوطن الصغير الذي طالما كان منارة عربية ينتشر إشعاعها في هذه الدنيا الفسيحة من حولها فيعطيه مكانة مميزة، في الثقافة والفكر والديموقراطية والحيوية السياسية التي يتشهّاها إخوانه العرب.
1993 رابين، 1996 بيريز، 1999 نتنياهو، وها هو إيهود باراك ينضم إلى سفاحي النور، مؤكداً أن الكل في التطرف سواء، وأن الفروقات في النظرة إلى »التسوية« هي مجرد سلع انتخابية لاستدراج الأصوات وإضفاء طابع ديموقراطي على العنصرية والتوسع والشهية المفتوحة للهيمنة والمزيد من الهيمنة!
كل منهم ضرب لبنان ليستقوي بأجداث الشهداء فيه، سواء أكانوا من مواطنيه البسطاء أو بيوت الفلاحين الفقراء أو المنشآت الحيوية والمرافق كمثل الجسور ومحطات الكهرباء…
كانت توابيت الضحايا، بشراً ومنشآت، صناديق اقتراع للإسرائيليين الراغبين في »السلام« الى حد قتله يومياً ثم التباري في رثائه واتهام »التعنت« العربي بالجريمة كمثل الإصرار على ترسيم »الحدود«، وضمان الأمن للمواطنين العزل القابعين تحت القلاع الطائرة والأسرع من الموت لسلاح الجو الإسرائيلي، فضلاً عن المدافع والصواريخ الهائلة التدمير التي بالكاد فرغ الأميركيون من إنتاجها!
ها هو باراك، إذن، يكمل إنجاز نتنياهو بإسقاط »تفاهم نيسان« الذي اضطر إلى التسليم به كارهاً شيمون بيريز، ودائماً بالضربة الجوية القاضية على النور!
الاحتلال حق مشروع لإسرائيل، والمقاومة داخل الأرض المحتلة محرّمة على اللبنانيين، تحت طائلة التدمير الشامل لأسباب حياتهم وأبرزها التمتع ببعض منجزات القرن التاسع عشر كمثل الكهرباء!
تسمح إسرائيل بالكهرباء فقط للفضائيات العربية التي تجاوزت بوعيها ورسالتها التنويرية وتطهّرها من التعصب وشبهة العنصرية كل حد، وهكذا فقد عمدت طوال نهار الأمس وليله إلى عرض مشاهد موجعة لأولئك المستوطنين من سكان »المستعمرات الشمالية« الذين اضطروا لتمضية الليل في الملاجئ المكيفة واللامعة النظافة، تحوّطاً، أو أنهم نقلوا في سيارات فارهة بعيداً عن مدى صواريخ المقاومة.. إذا ما أُطلقت!
كانت المشاهد مؤثرة جداً: إيهود باراك بذقن غير حليقة، يداعب الأطفال ويتبادل النكات مع الرجال ويغازل الحسناوات من بين النساء، في ضوء مصابيح كهربائية باهرة النور كتلك التي انطفأت بعد الضربة الجوية لمحطات الكهرباء في بقاع لبنان وشماله وعند مدخل عاصمته الأميرة، بيروت!
… وسنظل نعطي أمتنا نور عيوننا، واثقين من أننا ننقذ بصمودنا، ولو في العتم، شرفها، ونؤكد أنها »مغيّبة« بالقهر، ومحكوم عليها بالعتمة، مثلنا، بعدما أطفأ حكام »السلام« الإسرائيلي عيونها وحطموا محطات التحويل في إرادتها التي لا بد ستعود إليها!

Exit mobile version