طلال سلمان

لبنان بين اجتماع طارئ وزيارة بوش تاريخية

من سوء حظ لبنان أن الاجتماع الطارئ الذي سيعقد في ضيافة جامعة الدول العربية، بناء لدعوة مصرية سعودية مشتركة وعاجلة، لمناقشة أوضاعه المأزومة والمنذرة بالتفجر، يقع عشية وصول الرئيس الأميركي جورج .و. بوش في جولته الإمبراطورية، الأولى بمثل هذا الاتساع، على بعض مناطق نفوذه في ما وراء المحيطات.
لذا استُبق موعد الوصول بالاجتماع الطارئ، حتى لا تقع عيون الضيف العظيم وصحبه على ما يفسد متعة السياحة، أو يزيد من همومه الثقيلة في الداخل الأميركي، وهو قد جاء يستعين عليها بنخوة مضيفيه العرب الأسخياء وإيثارهم الصديق على أنفسهم وأبنائهم والأشقاء!
هامش أول: يمكن اعتبار الفلسطينيين، أيضاً، شركاء اللبنانيين في سوء الحظ!
مكمن سوء الحظ أن اهتمام من دعا ومن سيلبي الدعوة إلى هذا الاجتماع الطارئ سيكون منصباً على الصورة التي سيقدمون بها أنفسهم للزائر العظيم الذي سيشرفهم بقدومه فيدخلهم التاريخ من أوسع أبوابه بحلوله بين ظهرانيهم.
وسوء الحظ هذا قد يفسر القلق الذي يستشعره اللبنانيون (كشعب) والفلسطينيون (كشعب) من هذا الاجتماع الطارئ المحكومة نتائجه ب الزيارة وموجبات نجاحها التي لا يمكن التهاون في تحقيقها، ولا يقبل أي عذر لتبرير التقصير!
فلم يتجشم الرئيس الأميركي (الذي يحادثه الرب) عناء السفر الطويل وتحمل المخاطر ليجد في انتظاره أنظمة عاجزة عن حسم المشكلات المتفجرة في بلادها! والاجتماع فرصة للتأكيد أن هذه الأنظمة قادرة، وليكن الثمن ما يكون!
فهذا الضيف الكبير وإدارته الخطيرة وجيشه المظفر ومخابراته المتعددة الأجهزة، قدموا وما زالوا يقدمون مساعدات ومعونات مادية هائلة… وكذلك فهم قدموا تزكيات معنوية وإشادات وتنويهات علنية (وعلى الهواء) لبعض المسؤولين العرب (العاديين في بلادهم..) جعلتهم نجوماً عالميين تضرب بهم الأمثال في صمودهم وعنادهم ومقاومتهم الضارية لخصومهم الأقوياء (في بلادهم)… بل إن أسماء بعض هؤلاء قد صارت ماركات عالمية لأنواع جديدة من القمصان والبلوزات وبعض أنواع الكازوز والوجبات السريعة!
على وزراء الخارجية العرب، إذاً، أن يخفوا فشل سياسات حكامهم تحت السجادة! بهذا المعنى فسوف يقدمون أزمة لبنان على أنها من صنع محور الشر ، ولا بد لعلاجها من طرحها على مجلس الأمن والحصول على قرار دولي بتجريد حملة أممية، كالتي جُرِّدت على العراق ومن قبله على أفغانستان، لطرد الشياطين من بلاد ثورة الأرز، وتمكين معسكر الديموقراطية من الانتصار، مهما كلف الثمن! بالنصف زائداً واحداً أو ناقصاً واحداً، لا يهم! المهم الإنجاز!
أما فلسطين فمسألتها أبسط بكثير، إذ أن جيش الدفاع الإسرائيلي قادر على حسمها، وخصوصاً أنه معزز بالخلافات الداخلية بين السلطتين العاجزتين وبالحصار العربي والدولي (على غزة)، وبالمشاركة العربية الفعالة في طمس القضية وتقزيمها، على غرار ما حصل في مؤتمر أنابوليس، الذي حولها إلى خلافات حدودية بسيطة يمكن شراؤها بالنفظ (بعد رفع أسعاره بمبررات إنسانية، كما حصل فعلاً)…
هامش ثان: قدم الشعب الفلسطيني فداء مؤتمر أنابوليس أكثر من 150 شهيداً و400 جريح و200 معتقل!
وهكذا فإن الضيف العظيم سيقطع المسافة بين العواصم التي سيشرفها بطلّته البهية، ماشياً فوق سجادة حمراء من دماء أصدقائه العرب عراقيين وفلسطينيين ولبنانيين (حتى لا ننسى الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز 2006)… فإذا ما وصل إلى فلسطين سيمشي محاطاً بطابور شرف من المستعمرات بُنيت جدرانها بجماجم أصحاب الأرض الذين عاندوا فكابروا وتحدوا فقاوموا فحق عليهم العقاب الشديد.
سيصل الزائر الفخم الثلاثاء، والاجتماع الأحد: أمام المؤتمرين على عجل يومان فقط ليحضروا الهدايا التي سيقدمونها لهذا الذي بيده مصائرهم!
فليذهب لبنان، إذاً، إلى الجحيم… ومعه فلسطين!
المهم أن تنجح الزيارة فينجح المضيفون، وتلك هي المصلحة العربية العليا، لكن رعاياهم الأغبياء لا يعرفون.
والرعاة هم المسؤولون، وليست الرعية بأي حال!

FacebookTwitterEmailWhatsAppShare
Exit mobile version