لبنان الاخضر يحترق..
مهما غنت السيدة فيروز، وامامها الراحل عاصي الرحباني ومن خلفهما منصور الرحباني ، وفي الكواليس يعتكف زياد الرحباني،
ومهما غنى وديع الصافي للبنان يا قطعة سما..
كان يكفي أن يلتهب الطقس، وان ترتفع درجة الحرارة عن معدلها الطبيعي في الثلث الاول من تشرين الاول 2019، حتى تشتعل جنبات من عكار إلى الشوف مع امتياز لمنطقة المشرف، فوق الدامور، وصولاً إلى مدخل اقليم الخروب حيث المبنى الجديد للجامعة العربية، تمدد إلى اقصى الجنوب، على الحدود مع فلسطين.
كانت النار تلتهم الاخضر واليابس، تروع الناس وتدفعهم إلى هجر بيوتهم بعد اليأس من محاولة المساهمة في اطفاء النار “بما تيسر” من الوسائل المتاحة..
وفي اقبية المستودعات بمطار بيروت الدولي كان تقبع ثلاث طائرات أُستقدمت خصيصاً لمكافحة الحرائق، ثم اصابها الخراب فتركت للزمن..
وهكذا كان لا بد من الاستعانة بالدول العظمى، قبرص واليونان والاردن، التي لبت النداء فوراً فأرسلت طائرتها، مشكورة..
سقط قتيل وبضعة جرحى فداء للإهمال الرسمي والجدل البيزنطي مستمر حول “شرعية” اعادة العلاقات الطبيعية مع سوريا التي كانت شقيقة فقاطعها لبنان الرسمي، علنا، وان استمر الموفد الرئاسي في زيارة دمشق كل يوم اثنين من دون اعلان، كما أن وزير الخارجية جبران باسيل أعلن انه سيقوم بزيارة رسمية لسوريا في الايام المقبلة..
الحرائق تشتعل في انحاء عديدة من لبنان تمتد من عكار في الشمال إلى المتن والشوف وصولا الى الجنوب، متسببة في اضرار عظيمة في الطبيعة والبيئة، وقد سقط أحد ابناء بتاتر شهيداً لنار الاهمال وانعدام وسائل الاطفاء.
الحكومة معطلة … وبعض وزرائها يغادرون جلسة مجلس الوزراء ثم يعودون لمتابعة الجلسة وكأن كلامه لاستهلاك الشارع وتلوين الهواء بنكهة تقدمية.. ورئيس الحكومة، الذي يرفض زيارة سوريا، لا يجد ما يقوله الا تأييد موقفه وزير الصناعة، مؤكداً انه لن يزور دمشق في أي يوم.
الطوافات المهملة والمرمية في المستودعات كلفت الدولة أكثر من 13 مليون دولار،
والزملاء الصحافيون الذي عملوا، بشجاعة نادرة، على تغطية “الحدث” وتحملوا احتمال الاختناق بدخان الحرائق والوجع الذي يحدثه تهدم بعض البيوت، فضلاً عن حالات الاغماء والهلع..
لكن وزير البيئة مطمئن..
واركان الحكم كانوا منهمكين في الاحتفال بذكرى 13 تشرين، يوم الخروج على الدولة، مما ادى إلى استعانة النظام بالطيران الحربي في سوريا للقضاء على الحركة الانفصالية والتمرد العسكري قبل واحد وعشرين سنة.
وزيرة الداخلية قامت بخطوة شجاعة بزيارة بعض مواقع الحريق الهائل الذي تمدد ما بين جامعة الحريري على الطريق بين الشوف وصيدا.. ولكنها لم تكن تملك غير الوجع الا تمني وصول العون الخارجي لإطفاء الحريق.
الرحمة لشهيد بتاتر..
وأمد الله في عمر الدولة اللبنانية العاجزة عن اطفاء حريق!