في السادس والعشرين من آذار/مارس 1974 صدر العدد الأول من “السفير”. كانت بالفعل لحظة تأسيسية في مسيرة الصحافة اللبنانية والعربية، وهذا ما لمسه جمهور لبناني وعربي كبير، من المحيط إلى الخليج، منذ لحظة توقف “السفير” عن الصدور في نهاية شهر كانون الأول/ديسمبر 2016، وما تركته من فراغ مستديم.
***
بينما كنتُ أغوص في أرشيف “السفير”، عشية عيدها الخمسين، وقعت بالصدفة على وثيقة خطية مطبوعة بحبر الدكتيلو، تبين أن الراحل جوزيف سماحة قد سلّمها في العام 1978، إلى أرشيف الجريدة لحفظها. سارعت إلى الإتصال بالزميل فيصل جلول المقيم في باريس، وسألته عما إذا كان أجرى مقابلة مطولة مع جوزيف سماحة في العام 1978، غداة العيد الرابع لتأسيس الصحيفة، فأجابني أن هذه المقابلة، حصلت في سياق مشروع يهدف إلى إنجاز كتاب يُوثّق التاريخ الشفهي للحرب الأهلية اللبنانية ولكنه لم يصدر، في حينه، عن معهد الإنماء العربي في بيروت، لأسباب عديدة.
ولعل قيمة هذه الوثيقة ـ المقابلة (غير المنشورة سابقاً) التي أجراها فيصل جلول مع جوزيف سماحة أنها تُحيط بظروف ومناخات تأسيس “السفير” من جهة وعلاقتها التنافسية بصحيفة “النهار” لعقود طويلة من جهة ثانية، كما تضيء على محطات من تاريخ الحرب الأهلية التي اندلعت في العام 1975 وكيف كانت “السفير” تتولى تغطيتها.
موقع 180post، وبشراكة كاملة مع “السفير” وموقع طلال سلمان بحلته الجديدة، نشر الجزء الأول من هذه المقابلة الطويلة الأسبوع الماضي، بنصها الأصلي، ومعظمه باللغة المحكية، لما يُمكن أن يُوفر للزملاء والباحثين من معلومات، فضلاً عن الإضاءة مُجدداً على تجربة “السفير”، بكل ايجابيتها وسلبياتها.. وفي ما يلي الجزء الثاني من مقابلة فيصل جلول مع جوزيف سماحة والتي أجريت بتاريخ 14 نيسان/أبريل 1978 في مقر المعهد العربي للإنماء في محلة بئر حسن في بيروت. (خاص 180)
***
كيف تعاملت جريدة “السفير” مع حادثة عين الرمانة؟ هل كما تعاملت كل الصحف بنشر البيانات اللي كانت تطلع عن المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية. يومها الكتائب بيسربوا خبر، وبيبعتوا مع ناس من المقاومة والحركة الوطنية انَو نحنا مش المسؤولين عن حادثة عين الرمانة، وبتوصل القصة لأبو عمار شخصياً وهالشي نحنا منعرفه من المقابلات اللي عملناها مع سياسيين لبنانيين خبَرونا هالشي. هلق هيدا بيَّن بعدين بندوة لخالد الحسن وادمون رزق عملتها “النهار العربي والدولي” بيقول فيها خالد إنو فتح ما كان إلها صلة بحادثة عين الرمانة. ما بعرف اذا الصحافة بشكل عام و”السفير” بشكل خاص وصلتلها أخبار من هالنوع؟
بالعكس، بعتقد منو شرط انو هيدي الرواية صحيحة لنقول انو مش الكتائب عاملينها. بالعكس شغلة خالد الحسن بوقتها يقول الكتائب ما عملوها. كان هاني الحسن قبل بجمعة حاكي بمجلة “الحوادث” انَو نحنا اكبر غلط عملناه إنو خلينا اليسار يركب على ضهرنا. كثير منطقي انَو يستطرد خالد الحسن انَو مش الكتايب اللي عاملينها..
عم قول انو رواية خالد الحسن بعدين؟
في رواية بتقول انو مش الكتائب. بهالحالة مين عملها؟ الأهالي؟ انو الكتائب سلَحوا العناصر المسؤولة، تحت ضغط سياسي هيدا. أولاً هاي المعلومات منَها واصلة، وثانياً عم قللك انو هاي مش مقنعة ولو وصلت عالجريدة انا ما بصدَقها.
هالشي يمكن حسب تفسيري الخاص، مستند لوجهة نظر الحركة الوطنية والمقاومة، يلي بيعبَر عنو احد قادة المقاومة، بيقول مثلاً رشيد الصلح رئيس للوزراء سني ضعيف، فضعفه هوَي ضعف للنظام، وبالتالي ضعفه بيسهل إمكانية انو يستولي اليسار على الحكم. قصدي هالنوع من التفسير؟
قسم منه صحيح، نحنا عطول واعيين انو رشيد الصلح شخص ضعيف. كيسار عم بحكي، مش بس كناس عم نشتغل بـ”السفير”. رشيد الصلح شخص ضعيف وما في شك إنو هالشي مفيد للحركة الوطنية بصورة عامة، يعني بيظل وجود كمال جنبلاط، والإستقطاب من حوله هوي الأساس. رئيس وزراء سني مسلم قوي، يعني بيقدر يوقف بوجه رئيس الجمهورية، بس اذا ما كان متوفر شو بتعمل؟ يعني كل ما كان ضعيف من أمين الحافظ الى رشيد الصلح كل ما كان أحسن لرئيس الجمهورية. إذا كان رئيس الوزراء المسلم قوي، شو ميزته؟ ميزته انو قوي بحكم صِلاته بالشارع والا لشو قوته، واذا قوي بحكم صِلاته بالشارع فاذا بدو يتلقى تأثيرات هذا الشارع. اذا كان ضعيف ممكن الشارع يسقطه بأي لحظة. إا سلمنا ان الشارع السني شارع وطني بصورة عامة دوّروا على رئيس وزراء يمارس اذا كان أحد شخصيتين: إذا كان قوي ومصدر قوتو الشارع تبعو، وبالتالي لا بد ما يتأثر فيه او رئيس حكومة ضعيف ويخاف من الشارع. اذا المسلم السني القوي مش موجود باللعبة السياسية اللبنانية بيفل. واحد مثل صائب سلام فضَّل الاستقالة. رشيد الصلح، يعني ما استقال الا بعد ما نقل الصراع ودفعه الى مراحل اكثر حدة، لأنه عمليا هلق رشيد الصلح مهما كان ضعيف كان برئاسة الوزارة بالفترة الأخيرة بعد حادثة عين الرمانة اذا بدك نحكي بصراحة، كان كمال جنبلاط رئيس الوزارة وبين انو رئيس الوزارة قد ما كان قوي بالآخر بدو يصطدم بالوضع بكامله وبدو يطلع، بس ما فضل منذ البداية وهاي ميزة له على غيره انو بيحمل حاله وبيمشي. خطابه بالمجلس ما كان رئيس وزراء ثاني استرجى عمله. صائب سلام كان بيستقيل وبيعمل مؤتمر صحفي. وصفوا رشيد الصلح بـ”النهار”: “يلقي بيانا كتبوه له”.. وهو (رشيد الصلح) فعلاً كتبوه له؟ قرأ البيان وكان خايف مرتبك وفركها بالآخر واضح هالشي بالجرايد مش أسرار يعني. مثلاً بنهار تلاوة البيان، اجا عـ”السفير” من الصبح. تلا البيان بالمجلس وطلع قدَم استقالته بالقصر واجا عـ”السفير”.
ليش اجا عالسفير؟
بدو يشوف شو بدنا نكتب عنو، وكان يراهن جداً على انه كيف بدها تقدمها “السفير” لاستقالتو. انو هاي كيف ممكن تكون. يعني هو بيقطف النجاح او بياكلها. كان حريص انو يجي عـ”السفير”. فطبعاً بـ”السفير” احتفلنا به. بذكر المانشيت يومها انكتب، “خرج الصلح كبيراً”، او شي من هالنوع. كان بوقتها كاريكاتور “النهار”: “خيَ، استقالت الأزمة”. لما استقال صوّرو بيار صادق بالكاريكاتور “انو بيروت كلها تتنفس الصعداء”. “خيَ استقالت الأزمة”. برأينا “انو انفجرت الازمة، وانو كان مطلوب مش انقاذ رشيد الصلح، بس اظهار انو العمل اللي عملو كان عمل كبير فعلاً. حدّد مطالب، ممكن يجمع عليها الصف الوطني والإسلامي كله، طرح انو الكتائب هني المسؤولين وهيدي مش قليلة يطلع واحد يحكي عن الكتائب وهوي الابن الشرعي للمؤسسة التقليدية. اضطر كامل الاسعد انو يحذفها من المحضر ما نزلت بالمحضر فكان واضح انو الصلح عمل شيء كبير، وحتى ما حدا مدرك قديش كان كبير بوقتها.
قبل بيانه كيف كان التعامل معه؟
كان على اساس انو الرجل مطلوب دعمه يا خيي بتدعمه بس بيفشكلها هوَي. مثل قصة صيدا، بعث المفاوضين على صيدا وبعث لهم الجيش. أوقات كان يحس بمرارة لأنو مش قادر يوقف على رجليه بالطريقة المطلوبة وكان عندو استعداد للخضوع للابتزاز مثله مثل أكثرية الزعماء السنَة. كان التعامل معه حذرا، داعم ما في شك. بس واحد داعم وبيحط ايدو على قلبه. بعد الاستقالة صارت العلاقة كثير جيدة، كان عميجي على “السفير” مش اقل من مرتين ثلاثة”.
شو تقييمك لأرشيف “السفير”؟
رأيي انو ارشيف “السفير” كثير مهم. أرشيف المعلومات معقول كثير، طبعا سرقوه قوات الردع العربية لما فاتوا. بوقتها سرقوا قسم مهم منه (1976).
سرقوا ما يتصل بالسوريين؟
لأ سرقوا كل شيء عن ازمة الشرق الأوسط وعن مشاريع التسوية الأميركية، كل الأرشيف اللي انجمع قسم كبير منه انسرق. نسبة الاعتماد عالأرشيف، عأرشيف الصور كبيرة، معقولة، نسبة الاعتماد على أرشيف المعلومات نسبة ضعيفة. يعني ما بدنا نقول أكثر من ضعيفة.
بغير جرايد كيف؟
مثلاً.
“النهار”؟
كيف؟
ما بذكر كثير تفاصيل، بس تجاه أي حدث الو علاقة بشخصيات بارزة؟
هاي مش معيار، بالاعتماد عالأرشيف، وانا ناطرك تقول هيك.
بخلفية الخبر؟
آخر حادث مثلا، مات ماو تسي تونغ، بـ”السفير” بيرجعوا للأرشيف وبيشتغلوا وبيشوفوا شو بينقال الى آخره. بهيك أحداث، مثلا شارلي شابلن مات. الوكالات جايبة نبذة عنو. “السفير” أول جريدة كتبت عنه كتابة ارشيفية عن حياته بدون كلمة واحدة من الوكالات. “النهار” ما طلعت نقطة أو فاصلة عن الوكالات. أمام احداث مهمة، عالأقل بيرجعوا للأرشيف مثلا صار في محاولة اغتيال مكاريوس، شي بديهي بـ”السفير” انو في أرشيف، شو في عنو صور الى آخره. الوكالات بيستفاد منها، بس في لجوء فعلي للأرشيف امام احداث، بس السؤال مش هون، هل في العمل التحريري اليومي، او في بعض المقالات الأسبوعية، بيكون هناك استعانة جدية بالأرشيف؟ بهيدا المعنى ضعيف، بس بالمعنى الآخر، في لحظة الأحداث يستفاد من الأرشيف الموجود. كيف انشغل على أرشيف “السفير”؟
قصة الأرشيف بلشت مع فترة تأسيس الجريدة. اول شي انشرى الأرشيف بمبلغ طائل، انشرى قسم من “النهار” بمبلغ كبير وجرت محاولات فعلية للشراء من محلات تانية، والتعاون مع مؤسسات منظمة ارشيفها. جرت محاولات فعلية مع هالمؤسسات لينجاب الأرشيف ويتصور واندفعت مبالغ كبيرة. على مستوى التحرير امام أي حدث، مثلاً زيارة أنور السادات لإسرائيل، انعمل شغل فظيع بـ”السفير”. بس بالتحرير العادي والأسبوعي، إذا ما في أحداث بيكون عادي.
قدَيش كانت توزع جريدة “السفير” بمطلع عام 1975؟
هيدي من أسرار الدولة. انا شايف بيانات رسمية من شركة التوزيع، اللي هيي مسؤول عنها خيو لغسان التويني، هيدي اللي شايفه نسبة ارتفاع مبيع “السفير”، بين 1975- 1976. الأساس أن “السفير” كانت الجريدة الثانية بشكل عام في لبنان، يعني بعد “النهار”، وبفترة اقتربت من “النهار”.
أيمتين؟
بآخر سنة 1975 وبأوائل سنة 1976. بفترة لما كان يقول كمال جنبلاط مسيطرين على 85% من الأراضي اللبنانية.. كانت “السفير” أكثر ارتباطاً بالحركة الوطنية.
توزيع “السفير” بالمقارنة مع “النهار”؟
مثلاً بالمنطقة الغربية، بالمناطق الإسلامية ما في شك انو كانت “السفير” هيي الجريدة الأولى بصورة قاطعة. بمحلات مثل صور أنا بعرف أرقام بدقة لأنو متعهد منطقة صور هويَ زميلنا ياسر نعمة، مش بس مدير اداري بـ”السفير”. صديقنا ومنعرفو وكان معنا في مجلة “الحرية” سابقاً. “السفير” كانت لوحدها، تبيع بمدينة صور قد مجموع الجرايد كلها يعني قد “النهار” و”المحرر” و”النداء”. بالأوساط الشيعية كانت “السفير” كاسحة، وكمان بأوساط الحركة الوطنية. ببيروت والشمال كانت الجريدة الأولى بلا شك. الأولى بامتياز. بالمناطق الشرقية كان التوزيع مقبول. “النهار” كانت بالمنطقة الغربية الجريدة الثانية، أما بالمنطقة الشرقية فتأتي “النهار” أولاً ومن بعدها جريدة “العمل”. يعني عملياً انخفض توزيع “السفير” انخفاضاً ملموساً بعد الخلاف السوري الوطني اللبناني الفلسطيني. بوقتها ارتفع مبيع جريدة “النداء” بصورة دراماتيكية، لأنو خاضت الحملة. “السفير” ارتباك موقفها.. ضعَّفها شوي، حتى على صعيد التوزيع.
شو تفسيرك لإرتباك موقفها؟
هيدي قصة طويلة. بيصير بدّك تحلل شخصية رئيس تحريرها وتحلّل الموقف الليبي. طلال سلمان عندو تاريخ مهني حافل. اشتغل بعدد كبير من الجرايد والمجلات بلبنان، حتى ببعض الجرايد والمجلات بالكويت مثلا. ميزة طلال إنو عندو مروحة واسعة جداً من الصلات، بصورة خاصة بأوساط صحفية، حتى بأوساط بعض الحزبيين يللي تحوّلوا إلى حُكّام، وبعض الناصريين بمصر كان على علاقة سابقة فيهم، وعلى علاقة مستمرة مع بعضهم. قسم منهم بعده بالحكم، هيدي ميزته، هيدي شغلته الواسعة من الصلات الصحفية، والسياسية. يمكن نقيصته انو يعني ولا مرة اشتغل بشي اسمه التحرير اليومي، طموحه الدائم انو تكون “السفير” جريدة يكون فيها نواة مجلة على طول الوقت، نتيجة تربيته الصحفية السابقة (الشغل بمجلات).. حكيتك سابقاً عن نوع العلاقات بـ”السفير”. علاقات شخصية. وهيدا طلال بالحقيقة هويَ منبعها وبالتالي سحب هالشي حالو على عدد من العلاقات، يعني كذا محاولة تنظيمية بـ”السفير” ما كانت تنجح بحكم انو هوي كان يخاف. هوي مثلاً بيعطيك عشرات الأمثلة من نوع انو بيجيب مدير التحرير، وهناك ضعف خاص عندو حيال المصريين.
ليــــــــــه؟
يُفضّلهم نسبياً على غيرهم. هيدا بتأثير من تربية حركة القوميين العرب. يمكن معو حق، بيعتبرهم مشتغلين بصحافة سواء بقطاع خاص او بصحافة رسمية، عندو تربية فكرية وايديولوجية.. وهني عندهم تجربة صحفية هوي معجب فيها. بيجيب مثلاً مدير التحرير وبيكلفو بمهام تنظيمية. بيشتغل هيداك حتى يتفاجأ، انو شوي شوي، عنصر التعقيد الرئيسي، يعني يللي عم يعرقل التنظيم هوي طلال من نوع بيجي هيداك بياخد قرار انو قبل كذا شهر، ما فينا نزيد معاشات، بدَنا نعمل تجميد للأجور. طلال بيقتنع أوكي وماشي الحال وكذا كذا. بيحاول مدير التحرير ضبط فريق التحرير حتى يشوف مين مظلوم، مين معاشو مليح أو مش مليح، لترجع تتجمد القصص وينبنى عن جديد بطريقة شوي منظمة. ما بيلحق يخلص الشهرين او الثلاثة اللي معطاة كمهلة إلو الا بيكون طلال مثلا بعلاقات شخصية بينو وبين المحررين بتشوفو زاد لهيدا وعمل لهيدا. يعني ولا مرة حدا، قدر يمسك الجريدة، وهيدي محاولات متكررة، مثل ما قلت لك مرة انو الجريدة كأنها عم بتدور على حالها وعم بيكون تطورها بهذا المعنى التنظيمي البسيط، وصعب الحكي عن مؤسسة. يمكن طلال عندو رغبة جامحة انو ينحكى عن مؤسسة، بعد ما ينحكى عن العلاقات الرسمية والجدية، يعني في طغيان شوي بالعلاقات الشخصية. هلق هيدا الشي الأقل أهمية. طلال اختار شخصية الجريدة، فمن البداية قرر نكون “صوت الذين لا صوت لهم”، يعني بداية قوية. بس هيدا ما بيمنع انو تعرض لضغوط ومحاولات ابتزاز.
من أي جهــــات؟
أولاً؛ الطرف المسؤول عن تمويل الجريدة، فبدو يكون الو دور هيدا واحد.
ثانياً؛ الطرف العربي ذو النفوذ الخاص بلبنان المعروف سوريا.
ثالثاً؛ الطرف القوي بالمقاومة. بيسموه بالجريدة تندرا جناح بيت الحسن يعني. طبعاً بواسطة بلال وبالتالي أبو عمار وتيار معين بفتح، مثلا لحد هلق طلال سلمان، ما بيعرفه لأبو صالح، علاقاته بأبو اياد مليحة بس مش هالقد. بالفترة الأخيرة كانت علاقاتو مع أبو جهاد احسن، بهاني الحسن ممتازة. فهيدا بيلعب دور.
رابعاً؛ الحركة الوطنية والقوى الوطنية في لبنان، هاي يمكن مضطر كل مرة يقدم موقفهم فهيدول بقدر ما بيكونوا متفقين بتكون الجريدة مرتاحة ومنسجمة الى آخره كما حدث في بداية الأحداث.
من أي فترة لأي فترة؟
من 1975 لحين الدخول السوري. اهتز الوضع كلو بعد التدخل العسكري السوري بلبنان، ورأيي انو الموقف الليبي أصلا كان اتهم بفترة طلال سلمان انو عم يروج للخط السوري. وطلال ولا مرة كان عم يعمل هيك حتى عندما اتهم من قبل الحركة الوطنية انو بخط سوري. فترة الصدام العسكري مع سوريا، بهيداك الوقت كان طلال، يعني اما ان يكون في الموقع السوري، اما ان يكون في موقع الحركة الوطنية، اما انو يلاقي موقع من نوع آخر وفعلا نبش على موقع أقرب حتى الى الموقع الليبي. ليبيا بأثناءها كانت داخلة بالوساطة وانو الحركة الوطنية والمقاومة معهم حق. بس سلوكها العملي كان انو صلَوا عالنبي اجتمعوا وبلا هالمشاكل. وعبد السلام جلَود عمل كيسنجر بفترة بين دمشق والى آخره. يعني دور “السفير” كان الى حد ما الموقف المبدئي مع المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية ولكن كان كله محكوم بهذه الرغبة، انو مش لازم تعادوا سوريا كثير والى آخره.. وطبعاً طلال بيعتبر انو طلع معو حق.
على صعيد آخر، الأجهزة يللي بتشتغل بالجريدة وموزعة على اقسام، فينا ناخذ فكرة عن طريقة عملها كل قسم لوحده، بالحرب كيف اشتغلت، كان مثلاً عندكم مراسلين عسكريين؟
ما في عنا مراسلين عسكريين.
كنتو تعتمدوا على البيانات؟
لأ، ما في مراسل عسكري، ومش بس عالبيانات. اصلاً بلبنان كله ما كان في مراسلين عسكريين، المراسلين عملتهم الحرب. يعني هني المراسلين الاكثر جرأة. هني بيصيروا مراسلين عسكريين. انو مراسل بيقدر يروح على مناطق التماس بيقدر يشوف مقاتلين، بيقَرب اثناء التحضير لمعركة او اثناء خوضها من بعيد. هيدا صار مراسل عسكري، مش شرط انو يفهم بالعمل العسكري ولا بأي شيء، بس بيقدر يفوت على الهوليداي- ان مثلاً. المراسل العسكري هوي القبضاي اللي بينزل بيقعد بأجواء التحضير للمعركة وبيشوف مقاتلين وبيسألهم يعني من بعد ما يفوت عالهوليداي- ان بيرجع بيركّب رواية استنادا الى حديث مع اللي عملوا عملية او قادوها. فما في مراسلين عسكريين.
المعارك كيف كانت تُصاغ؟
في عدة معارك ببيروت كانت أسهل من غيرها مثلا القتال بالشياح وعين الرمانة في عندك مصادر أخبار، تبدأ بمراكز الأحزاب والمقاومة الفلسطينية.
ووكالات الأنباء؟
وكالات الأنباء قليلة الإفادة منها. وكالات الانباء كانت تجيب شغلات طفيفة جداً وغير مهمة بالحقيقة اطلاقاً. كان كلو ينبنى بعمل تحريري خاص. قليل إنو تكون مفيدة وكالات الأنباء. الأطراف المقاتلة هي المصدر. في رواية لقوى الأمن كانت تطلع فلان فات فلان كذا، بتفيد كمان. كان المحرر يعمل اتصالات دايمة بالطرف الثاني، لأنو كان في عطول رواية كتائبية او شمعونية عن الاشتباكات.
كانوا متجاوبين معكم؟
طبعاً، بيهمهم يعطوك روايتهم، انو نحنا رأينا، قام المعتدون الفلسطينيون بكذا وكذا.
قصدك رواية الأحداث؟
طبعاً بـ”النهار”، بدأوا بنشر الروايتين العسكريتين قبل “السفير”. بس “السفير” بذلت جهد كبير للحصول على مصادر الرواية الرسمية عن الطرف الثاني. يعني مثلا المجلس الحربي الكتائبي أنشأ خلال الاحداث بقدر ما هنًي نظموا حالهم وبلشوا يسربوا معلومات. مثلاً بمنطقة مثل الأسواق، او ساحة رياض الصلح، أو هيك مناطق، بيظل فيها مجموعة نزلاء بكم أوتيل صغير، فيهم مصاروى (مصريين) وغيرهم.. كانت مثلا “السفير” تقيم صلات معهم. يعني كان في مجموعة تلفونات ما بتعرف أسامي الأشخاص ابداً. النمرة الفلانية معك إياها مدرى من وين، في شخص بيرد، بتحكي معه، دخلوا بعلاقات معه. نوع من مراسل. واحد عايش بنزل بساحة رياض الصلح هيك بشي زاروب. قاعدين، مثلا تلفونات من هالنوع، كان يحكي مثلا، انو هلق نزلت قذيفة بعد شوي نزلت قذيفة، هون الجماعة انصرفوا، يعني كان يعطي. على المحاور التقليدية، عين الرمانة والشياح، كان في أرقام هواتف مدنية، مواطنين عاديين بيعطونا معلومات.
كان يصير اهتمام فعلي بهالشي؟
آى، بس يعرفوا انو يللي عم يحكيهم من “السفير” خاصة بمنطقة من هالنوع. بس يعرفوا “السفير” كانوا يساعدوا انو هلق فلان جرح، فلان مات، اسمه فلان وغير ذلك من التفاصيل. كانوا يعطوا معلومات، نفس الشي بالمنطقة الشرقية، بس أصعب. بتعرف الاشاعات اللي بتطلع انهم يحددوا الرمايات على الهاتف والى آخره. هاي طريقة التجميع بالإضافة لهالشي عندك مكاتب بالمناطق، كانت تبعت رسائل، مثلا مكتب زحلة.
ظل يشتغل مكتبكم بزحلة؟
ظل يشتغل الى ان نسفوه.
ايمتين نسفوا؟
نسفوه بعد 5-6 اشهر. ما هيي زحلة تأخرت لفاتت بالحرب.
قصدك بشهر آب 1975؟
صحيح. هيدا مثلا مكتب كل شي بيصير بالبقاع بيغطي. هيدا نقلناه على بعلبك.
كم موظف عندكم بالمكتب؟
من حيث المبدأ، في مصطفى أبو اسبر هوي مراسل ومصور، هلق في مكتب مثلا ممكن يكون في معو واحد او اثنين. طبعاً مصاريف المكتب كلها مسؤولية مركزية يعني على حساب الجريدة.
المكاتب الثانية وين؟
عندك بطرابلس، صور، بعبدا، بعلبك، زحلة. هيدول الاسامي ما بعرف اذا في غيرهم، مش ذاكر اذا في غيرهم.
المراسلين ببعبدا، صور، طرابلس كمان مثل وضع مصطفى أبو اسبر مراسل ومصور؟
كله، كله.
القسم العربي والدولي شو كان وضعو قبل الحرب وبعدها. قديش كان حجمو، وليش بالحرب تقلص؟
بالحرب تقلص القسم. أولا بسبب تقلص عدد صفحات الجريدة، وكل الجرايد أصلا اختفت منها هيدي الأخبار. زم القسم شوي بالحرب وصار شغلو أقل، دوامو أقل، اذا طلعت الجريدة 4 صفحات أو 8 صفحات بيطلع شي عامودين ثلاثة عربي ودولي. يعني صار القسم مظلوم، ولا مرة طلعتلو صفحة كاملة.
والمحليات؟
بدَك تحسب الجهاز السياسي. في جهاز التحرير، كمان كان في تفاوت بفترة كمحررين، التحرير2، وهوديك كمخبرين. بتجيك وكالات الانباء. هلق المخبرين قسم كبير منهم بيشتغل بوكالات الانباء. الخبر اللي بدو يعطيك إياه، عاطيه أصلا للوكالة، ما عاد عنده أي جهد تحرير هلق صار شغلك انت بيعجبك أو ما بيعجبك. بدك تعمل جهد تحريري، يعني ولا مرة كان الجهاز المحلي مرحرح. بالعكس، كنا نشتغل 7 أيام ليلية للساعة 2 أو 3 فجراً. يمكن ما كان جهاز المخبرين بـ”السفير” مرحرح بس من أفضل طاقات جهاز التحرير المحلي. هلق بالتحقيقات كان الوضع مليح.
كان في شي أربعة محررين بتحرير المحليات؟
بدك تقول بيتراوحوا بين 2و4. هيدي خلال الأحداث. هلق زادوا.
والمراسلين؟
مش اقل من ستة. عندك مراسل او أكثر بالمنطقة الشرقية.
بالمنطقة الشرقية بعدين؟
لأ، على طول موجود عنا مراسل سياسي بالمنطقة الشرقية. من أفضل المراسلين خليل فليحان. نبيل براكس إجا مؤخراً. كان في خليل خوري بفترة، بفترة كان فيليب أبي عقل.
وقسم التحقيقات؟
ولا مرة كان أقل من ثلاثة، ما عدا مسؤول القسم. يعني أربعة. هيدا قسم التحقيقات المركزي يللي هون. عدا عن التحقيقات اللي بتجي من المكاتب بالمناطق.
قصدك غير المراسلين؟
إيه. مثلا مراسل البقاع بيعمل تحقيق عن ضيعة..
حدا منهم سافر؟
إيه سافرت نجاح القاضي وإجت واحدة محلها. فعلا ولا مرة نقص القسم عن اربعة.
والكاريكاتور؟
بفترة اشتغلوا اثنين ناجي العلي ونبيل قدوح، ثم انفرد ناجي العلي. كان أحد نجوم الحرب.
شو يللي خلاَه يترك لناجي العلي من “السفير”؟
ناجي هون بدَك تدرسو شخصياً. ناجي كان عندو موقف من جهة متحمس جداً لهذه الحرب، حرب عم بيدافع فيها الشعب الفلسطيني عن وجوده والحركة الوطنية، الى آخره. من جهة ثانية كان عنده هذا اليأس السودواي القاتم. اللي انَو هاي الحرب منتهية قبل ان تبدأ. وهذا الميل لتفسير كل شي على طريقة انو ما قلت لكم في مؤامرة. مؤامرة يعني متآمرين كلهم وضالعين بمؤامرة، وفعلا بالفترة الأولى من الحرب كان كثير يتعذب انه كانت مجريات القتال، سائرة ضد توقعاته، انو ليش أبو عمار، ليش المقاومة عم تربح بس الوضع مش راكب حسب السوداوية المفترضة.. ناجي العلي رسوماتو غير المنشورة أكثر من المنشورة، ولعلها الأفضل. ركام من الرسومات اللي أصلا ما كان يعملهم للنشر، يعني حتى ما ينقال انو فقط، كانوا يقولوا له بالجريدة ليش ما بتنتشر. أصلا كان يرسم رسمتين للنشر يعكس فيهم موقفه ملطفاً، وبيرسم لإلو مجموعة رسومات يحتفظ بها، قسم منها بعدو بالجريدة بالأرشيف فظيعة، فيها التعبير العفوي المباشر عن موقفه المعروف. بآخر فترة صار ناجي مزاجي. أوقات بطَل يرسم. يعني تخربط كل شي براسو، ففضل انو يرجع عالكويت، راح ورجع راح.
تنشر بالتزامن مع موقع 180 بوست