في السادس والعشرين من آذار/مارس 1974 صدر العدد الأول من “السفير”. كانت بالفعل لحظة تأسيسية في مسيرة الصحافة اللبنانية والعربية، وهذا ما لمسه جمهور لبناني وعربي كبير، من المحيط إلى الخليج، منذ لحظة توقف “السفير” عن الصدور في نهاية شهر كانون الأول/ديسمبر 2016، وما تركته من فراغ مستديم.
بينما كنتُ أغوص في أرشيف “السفير”، عشية عيدها الخمسين، وقعت بالصدفة على وثيقة خطية مطبوعة بحبر الدكتيلو، تبين أن الراحل جوزيف سماحة قد سلّمها في العام 1978، إلى أرشيف الجريدة لحفظها. سارعت إلى الإتصال بالزميل فيصل جلول المقيم في باريس، وسألته عما إذا كان أجرى مقابلة مطولة مع جوزيف سماحة في العام 1978، غداة العيد الرابع لتأسيس الصحيفة، فأجابني أن هذه المقابلة، حصلت في سياق مشروع يهدف إلى إنجاز كتاب يُوثّق التاريخ الشفهي للحرب الأهلية اللبنانية ولكنه لم يصدر، في حينه، عن معهد الإنماء العربي في بيروت، لأسباب عديدة.
ولعل قيمة هذه الوثيقة ـ المقابلة (غير المنشورة سابقاً) التي أجراها فيصل جلول مع جوزيف سماحة أنها تُحيط بظروف ومناخات تأسيس “السفير” من جهة وعلاقتها التنافسية بصحيفة “النهار” لعقود طويلة من جهة ثانية، كما تضيء على محطات من تاريخ الحرب الأهلية التي اندلعت في العام 1975 وكيف كانت “السفير” تتولى تغطيتها.
موقع 180post، وبشراكة كاملة مع “السفير” وموقع طلال سلمان بحلته الجديدة، كان قد بدأ بنشر المقابلة بنصها الأصلي وباللغة المحكية، في جزء أول وجزء ثان، وينشر اليوم الجزء الثالث والأخير، لما يُمكن أن تُوفّر هذه المقابلة للزملاء والباحثين من معلومات، فضلاً عن الإضاءة مُجدداً على تجربة “السفير”، بكل ايجابيتها وسلبياتها..
وفي ما يلي الجزء الثالث والأخير من مقابلة فيصل جلول مع جوزيف سماحة والتي أجريت بتاريخ 14 نيسان/أبريل 1978 في مقر المعهد العربي للإنماء في محلة بئر حسن في بيروت.
***
تحدثنا عن دور “السفير” في تغطية الحرب الأهلية، دعنا نتحدث عن مطبخ الجريدة. مدير التحرير، رئيس التحرير، رؤساء الأقسام كيف كانت طريقة عملهم، كيفية التنسيق بين الأقسام، هل الحرب لم تكن عنصراً مساعداً؟
بالعكس كانت الحرب عنصراً ضاغطاً لمحاولة ضبط هذه القضايا. بس برضو هيدا الو علاقة مثل ما قلت لك بالميوعة التنظيمية بالجريدة. فيك ترسم فواصل. لنأخذ مثل رئيس القسم المحلي، مدير التحرير، رئيس التحرير. هيدي المراتب الثلاثة ولا مرة كانت ثابتة. أوقات بيحبك واحد اسمو نائب رئيس التحرير. ما بتعرف كيف إجا، كيف نط، كيف طار ما بتعرف. بس في هيدي المراتب: مسؤول قسم محليات سياسية، وفي مسؤول ما عن الأقسام كلها (مدير التحرير)، وفي رئيس التحرير.
هلق آلية العمل، لنقول مثلا بيوم من العمل، نبدأ، انو مثلا بدو يجي مسؤول بكير، بدو يقرأ الجرايد ويحدّد شو نواقص جريدة “السفير”. يعني شو الأخبار اللي فاتت علينا. شو جدول الأعمال اليوم. انو في اجتماع فلان مع فلان كذا إلى آخره. بالنسبة للحركة السياسية بدو يتلقى بعض الاتصالات من المخبرين. بيبلشوا يخبرو شو عم بيصير، انو فلان راح فلان وفلان اجا لعند فلان، وقت اللي بتجي التصريحات بكير بتحدد الجو السياسي كلو. مثلا سليم الحص عمل تصريحه بكير انو الحكومة بدها تعمل كذا، فالمفروض بهيك حالة بيتصلوا المخبرين بيقولوا لرئيس القسم إنو هالموضوع بدو متابعة. من جهتو، بدو يقدم جدول أعمال لسكرتير التحرير ليوجّه المصورين، بدنا صورة فلان أو صورة فلان، وفي مخبرين عمليا معروف سلفا انهم عم يتابعوا هذا النوع من النشاطات، انو مثلاً في اجتماع لوليد جنبلاط ببيروت. اجتماع لصائب سلام. عند كل مساء بتكون إجت الوكالات وإجو المخبرين، فتبدأ عملية الصياغة (التحرير).
كل هذه الأخبار من الوكالات وغير الوكالات والى آخره، انو مفروض تكون بالصفحات الداخلية، سلفاً يمكن الواحد يعرف انو في خبر مهم، انو التقى رشيد كرامي وسليمان فرنجية، دغري بيعتبر هذا الخبر مش للصفحة الداخلية لانو ممكن ننشرو برا (عالأولى)، ويتم جمع المعلومات حوله على هذا الأساس.
بيصير اجتماع التحرير الساعة ستة مساء وبيحضرو، قسم المحليات، القسم العربي والدولي وقسم التحقيقات. يوميا بيصير بالاجتماع توزيع صفحات الجريدة. مثلاً نحنا بدَنا عامودين أو ثلاثة أعمدة من هذا الصفحة. بيصير تدارس للمواد، بيصير في فكرة واضحة عن تبويب الصفحات. بيقول مسؤول القسم انو ممكن تكون هيدي للصفحات الداخلية وهيدي للصفحة الأولى. هيدا خبر لازم نتابعه للمانشيت أو لصفحة التتمات. سواء لأهمية الخبر أو التوقيت. بيجي أحياناً الساعة 12 بالليل.
اجتماع شي نص ساعة، بيصير في عمليات إبلاغ وتبلغ. كل واحد بيقول شو عنده كذا والى آخره، ويتدخل المسؤول الموجود بالاجتماع. إذا كان طلال أو من يحل محله. ممكن يكون رئيس القسم معتبر انو خبر زيارة فلان لفلان كثير مهمة. بتقللو لا ما معك حق. انو تصريح أحد الأطراف اللي الو علاقة جيدة فيهم. المحرر أحياناً عندو نقطة ضعف تجاه شخصية ما. طلال هون بيتدخل لقمع رغبات البعض في نقل الأخبار التافهة للصفحة الأولى. المعيار ما بيكون لأنو النا علاقة منيحة بالجماعة منحمل لهم الطبل ومنطبلهم.
يعني هناك عشرات الأشياء يللي بذهني من هالنوع وكان يتدخل طلال بهيدا الاتجاه، انو مش فلان من الناس كل ما قال مرحبا، هيدا صار شي مهم، كل الجريدة مهمة مش بس الصفحة الأولى، بس فعلا كان همو انو كل الجريدة مهمة مش بس الصفحة الأولى.
الجريدة أيمتين بتكون خالصة بالحرب؟
ما بعرف.
تسليم الأخبار الداخلية؟
التوقيت مثلاً يبدأ بين الساعة خمسة ونص والساعة ستة. مثلا الساعة 5 ونص بتكون صفحة الرأي جاهزة، الساعة 6 بتكون صفحة التحقيقات جاهزة. الساعة 7 صفحة المحليات، 8 الصفحة العربية. وفي التوقيت بشكل انو بدك توصل للساعة 12 لازم تكون سلمت الجزء الأكبر من الجريدة. باقي عندك خبر المانشيت والتتمات وكم شغلة.
هودي أيمتين بيخلصو؟
كانوا يوصلوا للساعة 2 فجراً. تُسلم 2 ويبدأ الطبع بين 2 وربع والساعة 3 فجراً.
وأيمتين بتخلص الطباعة؟
على طول كان في مشكلة تأخير. الطباعة مفروض بين 4,30 و5 تكون خالصة، بتخلص أوقات 6 أوقات. 6,30 مرات. بشكل عادي تتأخر ساعة “السفير”، وكان في مشكلة مع شركات التوزيع بسبب التأخير من عنا.
كان في مشاكل بالنسبة للورق خلال الحرب؟
المشكلة عامة، انفقد الورق وغلي سعره.
والمصادرات اللي تمت، كانت الحركة الوطنية صادرت ورق؟ البعثيين العراقيين، كان عندهم مصادرات؟
فعلا انو الجريدة عانت جداً من قصة فقدان الورق، ودفعت مبالغ طائلة وفروقات بالأسعار. بالآخر لما انفتح مرفأ صيدا حاولنا نجيبهم عبر صيدا. في اتصالات صارت مع بعضهم فكان يتم تأمين ورق بس بأوقات بتوصل القصة انو في كمية ورق لثلاثة أو أربعة أيام بس. بأوقات اضطرينا لخفض الطباعة (الكمية). اضطرار للصدور بأربع صفحات بس، وكان في مشاكل ورق كثيرة، انحلت بإغراء بعض التجار، بشراء كميات ورق كبيرة. بالمدة الأخيرة مع التدخل السوري، بلش يروق الوضع. كانت قصة الورق مهمة كثير. وما في جريدة الا ما عانت منها.
غير قصة الورق، قصة التوزيع كانت “السفير” توصل على مناطق كثير متأخرة؟
هيدا إلو علاقة بتأخير الطبع وفي سبب ثاني انو بالمنطقة الشرقية كانوا يشطبوها (الشركات) من التوزيع.
في المقالات اللي بفترة من الفترات حكيت فيها عن ممارسات الحركة الوطنية ما بعرف اذا بتتذكر العنوان، وأشيع يومها انو الحركة الوطنية طلبت إيقاف هالسلسلة. شو صحة هالشي وبعدين شو موقف الجريدة. انو انت محرر بالجريدة وبنفس الوقت على صلة بالحركة الوطنية؟
كان مكتوب سلسلة مقالات، كان في تخطيط للموضوع.
من مين التخطيط؟
مني أنا. انكتب شي 6 مقالات وجرى الاتفاق مع الجريدة على المشروع، بعد تردد من قبلهم، نشرت 3. الأول والثاني مرَا بضجة معقولة بدك تقول انهم استقبلوا شعبيا منيح بوسط الشباب، حتى كوادر الحركة الوطنية كان استقبالها جيد. وكانوا مستعدين كثير يناقشوا حولهم وكان في تفهم بالحقيقة من أكثر من طرف. لأنه منذ ان بدأ النشر عملوا الضجة اللازمة. هون فيك تعتبر انو ما حدا إلا وطلب توقيفهم، من المقاومة الفلسطينية، لأنه كان فيه مقال مخصص للمقاومة الفلسطينية وعلاقتها بالساحة اللبنانية كلها، في الحركة الوطنية بمختلف اطرافها وفئاتها، وترجمت هذه الطلبات ضغوطات عالجريدة وعلى المنظمة (منظمة العمل الشيوعي) بإنو المطلوب وقفهم، وقالوا إنتَ وضعتنا بموقف محرج، هيدا الحكي الصريح صار بيني وبينهم. انت واضعنا بموقع حرج بغض النظر عن عدم موافقتنا عالمقالات لكن ما الك حق تحطنا بهالموقع ان نكون نحنا مُطالبين بصفتك عضو بالمنظمة أما إنو صحفي واعلامي، وعم يكتب مقالات هيك على ذوقو بالجرايد، ما قبضوها. يعني عضو في المنظمة بيكتب مقالات مفروض تكون ملزمة للمنظمة ولا سيما انها كانت كذا مرة كُتبت باسم الحركة الوطنية. نحنا فينا نسمح لحالنا بالقول ان هذه المقالات لا تعبر عن وجهة نظرنا وهيدي الها معنى يعني لما ينقال هيدي المقالات تُعبّر عن وجهة نظر صاحبها. أنا هون وقفت فعلا الكتابة. كان رأيي بوقتها ولا يزال انو من خلال ذلك يتم التعبير عن ضيق صدر الحركة الوطنية.
بلبنان فظيع هذا الصمت، فظيع انَو الحركة الوطنية ضمنا هلق بداخلها ما في شغلة تناقش بحرية اطلاقا ولا شغلة مش انو شغلة واحدة، العلاقة مع السوريين انا رأيي، في أحزاب صارت بسوريا وبقيت بالحركة الوطنية، في مسألة كان ممكن تناقش، هل هناك جدوى من العلاقة كذا مع السوريين، حتى علناً، المشاركة غير كم واحد يعني في قضايا كبيرة بالحركة الوطنية بسياستها، بمواقفها، بعطيك مثل أخير، فاتت إسرائيل عالجنوب وطلعت، مش مسألة مفروض يصير في بحث حولها، يعني ولا مرة تقدمت باسم الحركة الوطنية، وجهة نظر متكاملة، حول اهداف إسرائيل من عملية الجنوب (جنوب الليطاني)، شو هدف إسرائيل، بقاء الاحتلال الإسرائيلي، ولا مرة الا بصيغة بيانات، ولا مرة هيك في هذا الجو الصحفي اللي بيتعاطى مع هيك قضايا بيروح من النقاش الحر المفتوح ممكن يطلعوا متفقين لا بأس بس بدها شوية رحرحة، وبدها شوية من المقاومة خلينا ناخذ على الاقل هذا الجانب المبدئي يعني الجانب الإيجابي اللي هو الجانب اللي بيناقش بالمقاومة أكثر من غيرو. أي قضية بيناقشوها، خيي حركة فتح لوحدها، مش انو حدا عم ينظم النقاش. من مجلة شؤون فلسطينية بيطلع كراسات، يمكن كتاب لمنير شفيق. نشرات مركز الأبحاث الفلسطيني بترد. بعتقد الجو صار في قوى ثابتة وبتناقش حالها، بعتقد أكثر، وبتهتم بقضاياها.
المقالات اللي ما نشروا بعد عن شو بيحكوا؟
المقالات حول العمل الشعبي، المقال اللي اثار الضجة حول التجريبية، انو في سياسة تجريبية. هلق كان في مقالات ثانية حول الحركة الوطنية والمسيحيين تحت عنوان، “المجهول الذي بقي مجهولا”. كان في مقال حول مجمل العلاقات، وقضايا المقاومة كلها (…)، الإدارة المدنية وغيرها، الرغبة في تحميل المقاومة الفلسطينية كل المسؤوليات، هيدا غير صحيح، لأنه أصلا هيدا دليل عجز عن تولي المسؤوليات المطلوبة فكان في مقال عم حاول اشمل من خلالو كل مشاكل علاقات الحركة الوطنية والمقاومة الفلسطينية وأسبابها..
بالهجوم يللي تم على بلدة القاع في 1 تموز/يوليو 1975، منظمة العمل الشيوعي تنظيمها برأس بعلبك شارك بالهجوم بينما شخصين او ثلاثة من جماعة المنظمة بالهرمل وقفوا ضد الهجوم، بالوقت اللي كان الحزب الشيوعي اللبناني متحمس للهجوم. البعث العراقي تبع الهرمل كان ضد الهجوم. بعد وقت من الهجوم على القاع، كتبت انت مقال عن القاع او الانتصار الكتائبي الوحيد، وانفتح ملف القاع، شو تفسير هالشي أولا على صعيد المنظمة، وشو هالمواقف المختلفة من محل لمحل؟
موقف المنظمة واضح ونشر بمجلة “الحرية” ومن وجهة نظر قريبة من يللي انكتب بـ”السفير”. انقال فيها انو الصراع في لبنان مش صراع إسلامي مسيحي، صراع بين المسيحيين بأكثريتهم، بقيادتهم المارونية المرتبطين بالغرب، بأميركا بإسرائيل اكثريتهم. المسلمين لحد هلق هني قوة لأسباب خاصة مش كثير، نوع من الطرف الثاني بعدو مع الفلسطينيين، وبالتالي عم بيشكلوا عقبة بوجه اميركا والتسوية إلى آخره.
هيدا المنطق الحقيقي للصراع في لبنان، هيدا منطق عم يلاقي حالو مدري من أيمتين، هيدا المنطق اما قد انفجر وفجَر هيك صراع، وطرف ثاني بدو يحولو الى صراع طائفي منظم. بالجهة الثانية الإسلامية، يعني وجود الحركة الوطنية خفّف من إمكانية ان يأخذ نفس المنحى الطائفي ويتحول الى مجازر طائفية، هيدا ما بيمنع انو في مناطق كان فيها ضعف تنظيمي. قصة القاع كانت صعبة بس الأقسى والأتعس منها كانت قصة تل عباس. القرية الشيوعية العريقة المناضلة ضد الاقطاع من 40 سنة، أول خلية للحزب الشيوعي بالشمال، اول تنظيم لليسار بكل شمال لبنان، أصدرت مجلات ضد الاقطاع، خاضت نضالات طويلة ضد الاقطاع، اللي بدَك إياه قرية نموذجية في هذا النوع من النضالات. قرية استقبلت المقاومة قبل كل القوى الإسلامية في عكار قاطبة، تعرضت للهجوم وأحرقت كلها ومات شي 15 واحد، بينهم تسعة شيوعيين. الهجوم كان مدبر من قبل المقاومة الفلسطينية وعشائر ساكنة بالسهل، أصلا كانت ساكنة بالسهل بناء على استدعاء الاقطاع والمكتب الثاني لقمع الانتفاضة الفلاحية. هيدا سبب وجودها هونيك فالقاع نموذج مخفف بيصير عن تل عباس..
بالجهة الثانية متل الدامور والسعديات وهالمسح الكامل لهما؟
بتتفاوت الأمور، يعني الدامور، هل كان في مجال لعدم اقتحامها عسكريا، هلق انا مثلا بقول لأ، كان لازم ينفات عالدامور، أنا بعد اقتحام الدامور، كنت موجود بالدامور بعدها بساعات قليلة. بحثاً عن مين؟ عن بيت خالتي، بيت خالتي وزوج خالتي وأولاده. عندو 9 أولاد. قسم من أولاد خالتي رفاق بمنظمة العمل. 3 شباب موجودين خارج الدامور مع القوات المشتركة، عم بيقاتلوا وأهلهم بالدامور كان ممكن يموتوا. طبعاً هربوا من الدامور، واخترب وانهب بيتهم طبعاً. عملية النهب كانت عم بتصير قدّامنا وكانت بطريقة فوضى. أبو موسى (فتح) حاول تكون الدامور مدينة مفتوحة. وحتى أنا سمعتو عم يحكي، الو نظرية حول الموضوع، بالدامور يمكن أقل من القاع، تل عباس أكثر، الدامور اقل. قصة القاع يعني كان ممكن تجنبها. كان ممكن تجنب هذا الهجوم على القرية وكانت القصة كبيرة.
شو في عند شغلة ثانية مثل مقالات القاع؟
أنا كتبت كمان عن الدامور، بما معناه انو كان لا بد من دخول الدامور ولكن كان مكن يندخل عليها بشكل مختلف. غير شكل بيصير مثل كأنو عم يحكي الواحد بصحراء.
لما بتنزل مقالات حول القاع وحول شغلات ثانية بدَها قرار من داخل الجريدة؟
أنا مسؤول عن هاي الصفحة. بدها تشاور، مثلا هيك نوع من المقالات، بسأل فيها طلال كونو رئيس تحرير الجريدة، كمان لأنو طلال من البقاع بتسألو عن موضوع بلدة القاع. فعلاً طلال كان متحمس للنشر وإلا ما بينفتح الملف. هلق في رسائل وصلتني ما نشرتها. مثلا في رسالة اجتني انو انت جوزيف سماحة عم تكتب مع الإسلام، ليش هالمرة عم تكتب مع القاع؟
مين هوَي هيدا؟
واحد من البقاع، شو اكتشف هيدا؟ إنو انا من بيت سماحة، وإنو انتو من جبل لبنان كواتلة وهيدي القاع اول قرية كاثوليكية تُهاجم. انو ضد الموارنة بتقبل وضد الأرثوذكس بتقبل بس ضد الكواتلة ما بتقبل. كان في رسائل متحمسة جداً بالنسبة لمقال القاع وللموقف يللي أخذتو.
كم رسالة اجتك من بعد نشر المقال؟
يللي ما نشروا شي 13-14 رسالة، واللي نشروا شي 6-7 رسائل. بعدين كتبت باسم مستعار رداً على بعض الردود يللي نشروا.
شو الإسم؟
أحمد نصار، جوزيف شمالي، تعمدَت رد على بطرس رزق (قيادي في الحزب الشيوعي اللبناني).
يومها كان في خلاف بين الحزب الشيوعي ومنظمة العمل حول بلدة القاع؟
مثلا خود صحافة الحزب الشيوعي، بتقريرهم بكذا، أوقات بتنذكر بعض ردات الفعل التي يدينها الحزب وبتمرق فيها القاع.. مثلا بحديث لجورج حاوي بيقول انو صار في ردات فعل. بتمرق القاع أوقات بتقارير للحزب وما بتمرق القاع، باعتبار انو ما حدا حاول يرجع يقيّم يلي صار.
الرواتب بالجريدة خلال الحرب كيف كانت؟
“السفير” بدأت برواتب جيدة.. انتهت الحرب برواتب بائسة.
الحد الأقصى.. الحد الأدنى؟
الحد الأقصى بيكون بحدود 3 آلاف ليرة. مثلا في واحد او اثنين معاشهم فوق الألفين ليرة. خلصت الحرب في اثنين بس معاشهم فوق الألفين والباقي كلهم ما دون.
شو مقياس الراتب؟
معروفة الظروف يللي مرت فيها “السفير”. “السفير” بفترة حسّست الشباب انو الشغل بـ”السفير” مهمة نضالية، وفعلاً ما كانت كثيرة المعاشات. المعاشات كانت بائسة. انا مثلا كان معاشي بـ”السفير” بيروح منو 65% لايجار البيت.
استأجرتو للموظفين اوتيل بالحرب حد الجريدة؟
ايه. يللي كان بدو ينام ومش قادر يوصل لبيتو.
كان يندفع؟
طبعاً. اوتيل شبه مسكر للجريدة. بيندفع له أسعار معقولة. أسعار للنوم، مش أسعار للأكل في حين ان “النهار” أخذوا اوتيل كافالييه آكل، شارب، نايم الواحد.
التنسيق مع الجرايد الأخرى خلال الحرب كيف كان يصير؟
بحدود معقولة، بتحتاج صورة بيعطوك، بيحتاجوا صورة بتعطيهم.
كنتو مرات تتفقوا انتو و”النهار” على مانشيت واحدة أو إبراز خبر ما؟
لأ، لأ. مثلاً بيطلع تصريح بإسرائيل بيحكي مثلا عن العلاقة مع المسيحيين فطلال كان يتصل بـ”النهار” انو شو رأيكم الخ. “السفير” شي و“النهار” شي، يعني أوقات بتصادف شي قصة ممكن يلتقوا فيها، بيطلع تركيز مثلاً على هجوم صار على جريدة “بيروت”. ممكن هيدا رأينا أنتم تنزلوه ورأيهم هني هيك. يعني في أشياء من هالنوع سهل الاتفاق على ابرازها. هلق بيحطوها كل واحد بيحكي على ذوقه بس مش اكثر من هالحدود.
العلاقة بالجرايد الثانية مثل “بيروت” و”المحرر” و”الكفاح العربي”؟
مش منيحة، مش كثير منيحة. أصلا هيدول عم بينافسوك بنفس الجو. عداوة الكار يعني. يعني اذا بدك تحتاج لشي من “المحرر” هيدي نقطة ضعف قوية. إذا “النهار” مش عيب. بعدين افترض انك بحاجة لصورة لاجتماع الجبهة اللبنانية، او اجتماع ما بالمنطقة الشرقية. متلك مثلهم. علاقات كثير مقننة مع هيك جرايد.
تعرضت “السفير” لمحاولات تهديد بالحرب؟
أكيد. في اتنين استشهدوا.
مين هني؟
واحد اسمه عادل أبو موسى قتلوه بالمنطقة الشرقية.
شو كان هيدا؟
كان محاسب وفي شاب ثاني خطفوه وقتلوه.
شو كان؟
بالمطبعة.
في محققة من الجريدة راحت على تل الزعتر وتعرضت للإهانة؟
هيدي بسيطة، انا لأنو اشتغلت بـ”السفير” طردوا أهلي (من الشرقية) ونسفولنا بيتنا.. يعني هيك شغلات ما حدا بيحسبها.
بالهجوم السوري عالجريدة كنت موجود؟
لأ.
عندك رواية شو صار؟
اذا بتشوف شهود عيان أحسن. معروفة كيف فاتوا وضبوا العالم وخلوا اثنين عندهم، وواضح ليش خلوهم، خلوا اثنين عندهم من شان يفاوضوا الجريدة.
شو سرقوا السوريين من الجريدة؟
الأرشيف.
كلو؟
لأ. أكثرية الأرشيف حول الحرب الأهلية، وحول مشاريع التسويات الأميركية بالمنطقة.
وشو عملتو بعدين؟
بزيارات لاحقة لسوريا، اعترفوا السوريين لطلال إنو الارشيف موجود عندهم. طلب طلال منهم، إنو يا عمي صورو الأرشيف، وأعطونا نسخة وخلوا الاصلية عندكم. صار في مباحثات معلنة مع مسؤولين سوريين حول الأرشيف، لأنو الأرشيف فعلاً مهم كتير.
في شي بتلاقي لازم ينحكى بعد؟
ما في شي.
شكراً لك
تنشر بالتزامن مع موقع 180 بوست