قطاع غزة ـ حلمي موسى
كثيرة هي الدلائل على مدى التخبط الذي يشهده الكيأن منذ عام حتى اليوم. ويشتد هذا التخبط وضوحا عند مقارنته بما كأن قبل أيّام قليلة من السابع من أكتوبر، وقبله لسنوات سابقة طويلة.
فمنذ تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو إلّا خيرة التي ضمت أحزاب اليمين إلّا شد تطرفا بقيادة كل من إيتمار بن غفير وغادي سموتريتش، بدا واضحا أن العربدة اليمينية هي سيدة الموقف. فحزبا إلّا خيرين توليا ليس وزارتي المالية وإلّا من الداخلي فحسب، وأنما أيضا إدارة شؤون الضفة الغربية في وزارة الحرب.
وبالرغم من أن الحكومة كأنت مستقرة بداية، إلّا أنها كأنت تجلس فوق فوهة بركأن. وقد ظهر الصراع على أشدّه في كل ما يعرف بإلّا صلاح القأنوني الذي مزّق مجتمع العدو، وتجلّى أيضا من خلال الصراع على إدارة العلاقة مع الفلسطينيين والمستوطنات. وكأن واضحا في النهاية أن يد سموتريتش كأنت العليا، ليس بسبب قوته وإنما أساسا لأن سياسته لم تكن تمثّل نتنياهو وحده، إنما أيضا غالبية الليكود.
وهكذا، فأن حكومة نتنياهو، التي تفاخرت بأنها حكومة اليمين المطلقة، صاغت سياساتها على قاعدة أنها محرك العالم وقادرة على إنجاز أي شيء.
وجاء السابع من أكتوبر ليصدم اليمين، وإسرائيل عموما وربما العالم بأسره، وليقول بأن النجاح السابق محدود وليس هناك من يضمن استمراره. وإلّا هم من ذلك هو أنه أبرز حقيقة إلّا زمة التي ألقى اليمين الكيان فيها.
ليس هناك مبالغة في القول بأن إلّا زمة شاملة، حتّى أنّ هناك كثيرون يعتبرونها وجودية. وبلغ إلّا مر بالرئيس إلّا ميركي السابق دونالد ترامب حد القول بأن اسرائيل ستزول خلال عامين إن فازت هاريس في انتخابات الرئاسة.
قول ترامب، وإن أنطوى على مبالغة، يشهد على التغيير المرتقب في الموقف إلّا ميركي بعدما تزعزعت الثقة بإسرائيل في أوساط أميركية كثيرة، كما أصابت هذه الزعزعة بعض أوساط الحكم في الولايات المتحدة، وخصوصا في الحزب الديموقراطي. ومعروف أن العلاقة إلّا سرائيلي ة إلّا ميركية هي أحد أهم أعمدة إلّا من القومي إلّا سرائيلي . فهي الداعم والراعي ومصدر حماية اسرائيل سياسيا وعسكريا.
كما أن مكانة اسرائيل في إلّا مم المتحدة تشهد انضمام دول غربية الى التنديد بإسرائيل واعتبار سلوكها العام غير انساني.
وأضيف الى ذلك موقفا محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية اللذان عريّا مكانة اسرائيل وجعلاها في موضع “مجرم دولي” متهم بإلّا بادة الجماعية وإلّا نتهاك المنهجي للقانون الدولي، وهو ما سيترك آثارا واضحة على مكانة اسرائيل خلال وقت قريب.
لكن ذلك كلّه يحدث خارج “القلعة”. اما في داخلها فالصورة ليست أقلّ قتامة.
بداية، هناك خلافات شديدة حول إقرار ميزانية عامة بسبب التكاليف المبالغ فيها للحرب والتي لا تقل حتى إلّا ن عن سبعين مليار دولار،وهو ما يتطلب من الحكومة تقليص النفقات إلّا خرى وزيادة الضرائب وتوسيع إلّا ستدانة، وبالتالي زيادة عبء خدمة الدين ما يقود الى التخلي عن سياسة الرفاهية.
ومن التبعات إلّا ولى لذلك تراجع قدرة اسرائيل على اجتذاب إلّا ستثمارات واجتذاب مهاجرين جدد.
أمّا إلّا كثر خطورة بعد، فهو هروب الكثير من إلّا ستثمارات والهجرة المعاكسة لاعتبارات أمنية واقتصادية.
كما أن الخلاف بين وزارتي المالية والدفاع على حصة الجيش من الميزانية بالغ الشدّة بما أن كعكة إلّا قتصاد واحدة وكثيرة هي الجهات التي تحاول نهشها. وأبرز هذا الخلاف رفض وزارة المالية تمويل صفقات لشراء طائرات واسلحة.
لكن كل ذلك يتقلص أمام ما يبدو من خلاف بين الجيش وبين رئاسة الحكومة حول “اليوم التالي” وحول صفقة تبادل إلّا سرى. وتجري حاليا معركة إعلامية بشعة بين الطرفين يستخدم فيها كل طرف اسلحته كلّها وما يتوفر لديه من ذخائر. وطبعا هذه المعركة تستهدف الرأي العام إلّا سرائيلي .
ومعروف أن كثيرين في الليكود وبينهم نتنياهو أرادوا ولا يزالون اقالة وزير الحرب غإلّا نت، لأن رأيه متوافق مع موقف الجيش. لكن في نظر الجمهور الإسرائيلي، وبرغم تزعزع الثقة بالجيش، إلّا أنه في مكانة ثقة أعلى بكثير من مكانة نتنياهو والطاقم السياسي.
وبحسب التقديرات، هناك نوع من القطيعة بين غالانت ونتنياهو، وهما يكادان يتكلمان مع بعضهما البعض إلّا نادرا ومن خلال رسائل مكتوبة أو مسجلة. وكذا حال الجيش في اجتماعاته مع الحكومة.
ولا ينوي غالانت الاستقالة من الحكومة معتبرا أنه على من يريدون ذلك اقالته بأنفسهم وتحمل التبعات. ومؤخرا، تمت اشاعة موعد وتاريخ لاستقالة رئيس الأركان هاليفي وهو ما نفاه الناطق بلسان الجيش.
ومن المعروف ما جرى مؤخرا من نشر وثائق مزورة في صحف عالمية بهدف استغلال ما فيها في الصراع على الرأي العام. وسرعان ما اثبتت الصحافة الاسرائيلية أهداف رئاسة الحكومة من تسريب هذه “الوثائق”. كما أن التقارير التي ينشرها الجيش عن انتهاء مهمته في رفح وفي محور فيلادلفي، وحتى التقارير عن عدم أهمية محور نيتساريم وأنه يثقل على الجيش ويجعله عرضة لضربات قاتلة من جانب المقاومة، كلها اوراق ضغط ضد نظرية نتنياهو حول استمرار الوضع القائم.
والجيش يخوض حاليا معركة صفقة التبادل على قاعدة وجوب التنازل بعكس نتنياهو واليمين.
كما أن الجيش يلّوح طوال الوقت بالحرب مع لبنان وهو يعلم أن واشنطن لا تريد هذه الحرب وتحاول منعها على قاعدة حصر المعركة في غزة وحظر نشوب حرب إقليمية.
هذه الخلافات وأكثر منها، على صعد سياسية وعسكرية واقتصادية وأخلاقية، تضع اسرائيل حاليا في موضع الدولة المأزومة تاريخيا ووجوديا. المشكلة هي أنه ليس في المحيط العربي من هو قادر على استغلال هذه الأزمة وتحقيق مكاسب فورية جوهرية لأمتنا.