طلال سلمان

إسأل روحي اسأل روحك

تصر المرأة على طرح السؤال:

كم عرفت من النساء قبلي؟

ويعرف الرجل ان المرأة لن تصدقه فيكذب صادقاً:

عرفت كثيرات، لكنني ما زلت انتظرها.

تلح المرأة:

وهل وجدتها الآن؟

يتلجلج الكلام في الحنجرة فيجيب بسؤال:

ماذا يقول لك إحساسك؟

تمسك بطرف الخيط، وتشد قليلاً:

يقول ما أخاف من تعجل سماعه.

هذا ما يقوله عقلك، سألتك عن إحساسك.

أدارت الاسطوانة، وقربت السماعة ليصله صوت أم كلثوم: ”إسأل روحك”.

ضبط نفسه يتسلل بعيداً، مع النغم، ينتقل من وجه الى وجه، ويستعيد صوره مع كل منهن، حاول فعلاً ان ”يسأل روحه”، لكنه فضل ان يضيف الى متعة السماع مشاهد اللحظات المندثرة تحت ركام العمر وأثقال الهموم.

لا يعيش أحد بذاكرته وحدها.

الذاكرة لمن غدا على هامش الحياة.

أما الحياة فأوسع من ان تتسع لها ذاكرة الخلق جميعاً.

انتبه الى ان السماعة ما تزال مفتوحة، فأخذ يدندن بالنغم، حتى اذا صمتت أم كلثوم جاءته الدندنة من الطرف الآخر، فغطت على السؤال المعلق وجوابه المتغلغل في طيات اللحن المنعش.

Exit mobile version