جاءت غارة العدو الاسرائيلي، بالطائرات المسيرة، على الضاحية الجنوبية من بيروت، كفاصل بالطبول بين ما كان وما سيكون، في سياق الصراع العربي ـ الاسرائيلي، بعنوان المقاومة الإسلامية في لبنان (حزب الله)، والعدوان الاسرائيلي المفتوح على سوريا والدور الإيراني فيها وصولاً إلى العراق.
فإزهاق الأرواح وإسالة الدماء العربية في لبنان، أو في العراق، أو في سوريا على وجه الخصوص، شرط نجاح لفوز السفاح نتنياهو في الانتخابات في الكيان الاسرائيلي، ولتوطيد التحالف الأميركي معه في سياق تنفيذ خطة و”مشروع القرن للشرق الأوسط الجديد”… وهذا بعض ما اعلنه الرئيس الأميركي الكلمنجي ترامب في بعض تصريحاته.
أن هذا المشروع الامبريالي يهدف كما هو واضح، إلى تثبيت السيطرة الأميركية ـ الاسرائيلية على هذه المنطقة العربية الغنية بثرواتها، الفقيرة شعوبها والمحرومة من الحرية،
أن اسرائيل تتقن جر “العرب” ممثلين بملوكهم وأمرائهم وشيوخهم ومعظم الرؤساء، إلى التفاوض معها، تحت الضغط الأميركي، ونزعة الاستسلام الملكية، بشروطها التي أولها وآخرها تصفية القضية الفلسطينية وإعلان الانتصار الاسرائيلي الأعظم على العرب مجتمعين، والمسلمين بعنوان إيران، وتواطؤ تركيا،
ربما لهذا وأسباب أخرى تكثف اسرائيل ضرباتها العسكرية للعرب، ممثلين بسوريا، لتشمل العراق ولبنان، في حين تنشط دبلوماسيتها عبر جولات نتنياهو في المنطقة والتي تمتد من مصر إلى سلطنة عُمان، مروراً بالأردن..
.. وحيث لا تفتح الأبواب أمام السفاح الاسرائيلي يتولى الطيران الحربي المهمة، فيقصف “الأهداف” في مختلف انحاء سوريا وصولاً إلى العراق، ويستكشف حضور “حزب الله” في لبنان تمهيداً “للإنعام” عليه بغارات تدمر منشآته الدفاعية وقدراته العسكرية التي اثبتت فعاليتها من قبل، ولا سيما عبر إلحاق الهزيمة بجيشه في البر والبحر والجو خلال حرب صيف العام 2006.
واضح أن العدو الاسرائيلي بحرب الآن، أخطر أسلحته: الفرقة العربية والخلافات الصادمة بين الدول وأشباه الدول العربية والخيانة الصريحة التي تبادر اليها بعض الأنظمة العربية بالانحياز إلى العدو، ومقاتلة ما تبقى من قوى الصمود العربي، كما يحدث في سوريا ولها، وكما يحدث في اليمن ولها، وكما يحدث في العراق وله، من غير أن ننسى ما حدث في ليبيا ولها والتي جعل “جماهيرتها” تندثر والقوات الأجنبية (تركية، وفرنسية، وأميركية، فضلاً عن القوات المصرية) تحتل مختلف أنحائها وتجعل دولتها أثراً بعد عين..
أن الولايات المتحدة تخوض حروباً “صامتة” ضد بعض الدول العربية متواطئة مع دول عربية أخرى، لا سيما تلك الغنية بالنفط والغاز..
.. واسرائيل تفيد من هذه الحروب لتمد نفوذها وهيمنتها الاستعمارية بالرشوة والضغط والتواطؤ مع بعض الأنظمة ضد بعضها الآخر..
وضعف الإرادة يأخذ إلى الخيانة، أما ضعف النفوس أمام الدولار والقوة أو أمامهما معاً فيأخذ إلى التواطؤ مع العدو ضد الأخ الشقيق،
لقد تعب الذين لم يحاربوا يوماً من الحرب التي يتصدى للعدو فيها غيرهم من المجاهدين، أبناء الأرض، ممن يرون أن الأرض هي الأم وعنوان الكرامة والشرف والإباء والانتصار، ومن دونهما يفقد الانسان قيمته ويتحول إلى عميل متواطئ مع العدو، بالقصد أو بالتخلي عن أرضه بغير قتال، وهي التي تعطيه اسمه وهويته ولون عينيه وشرف الانتماء اليها.
هل نشكر العدو الاسرائيلي لأنه لا يتركنا ننسى وجوده الطارئ على أرضنا، بقوة القهر وتواطؤ أنظمة الخيانة والدعم الأميركي المفتوح..
في أي حال، شكراً لـ”حزب الله” الذي يؤكد حضوره القوي واستعداده الدائم وقدراته التي تتطور كل يوم مجارية أسباب التقدم في مجال سلاح المواجهة مع عدو الأمة، بل وكل شعوب الأرض الطامحة إلى الحرية والعزة والكرامة مع الاستقلال.