كنا أربعة من الصحافيين، وكنا ننوي إجراء حوار متعدد الأصوات مع العقيد معمر القذافي حول المرحلة المقبلة: طبيعتها والمهمات التي تطرحها على حركة الثورة العربية ومجرى الصراع المتجدد بين قوى التغيير والقوى المحافظة،
لكن المحاورات الطويلة التي شهدتها اللقاءات المقفلة بين الرؤساء والقياديين المشاركين في قمة الصمود والتصدي بطرابلس، التهمت الكثير من الوقت المخصص لحوارنا نحن ما قائد ثورة الفاتح… وهكذا اختصرنا أسئلتنا وضغطنا المناقشات، خصوصاً وقد رأيناه متعباً نتيجة السهر المتواصل طوال أربع ليال استغرقتها القمة المصغرة.
كنا أربعة: أريك رولو من صحيفة “لوموند” الفرنسية، دافيد هيرست من “الغارديان” البريطانية، فؤاد مطر من “النهار العربي، والدولي”، وكاتب هذه السطور عن “السفير”.
وشهد لقاءنا مع العقيد في مكتبه بمجلس قيادة الثورة (سابقاً) في باب العزيزية ثلاثة من كبار العاملين في الحقل الإعلامي بالجماهيرية وهم: إبراهيم بجاد، مسؤول الأعلام في القيادة، سعد مجبر مدير عام وكالة الجماهيرية للأنباء وإبراهيم الببشاري مدير عام الأعلام الخارجي.
وتبقى ملاحظة أساسية، قبل التفرغ للأسئلة والأجوبة، وهي ملاحظة سجلناها عن الأربعة باعتبارها “ظاهرة” و”علامة تحول” في شخصية العقيد القذافي: لقد “اكتشفنا” فيه، وأكثر من أي مرة سابقة، “رجل الدولة “الدقيق في تعابيره، الحريص تماماً على اختيار الكلمات المناسبة بالضبط، وعبر تعامل حسابي واضح مع المتغير والثابت من الظروف وقواعد حركة الصراع في المنطقة العربية.
كان السؤال الأول عن قمة طرابلس وموقعها في سياق حركة الصراع العربي – الإسرائيلي، وهل تكون نقطة بداية أو فاصلاً تاريخياً بحيث يقال “ما قبل قمة طرابلس، وما بعد قمة طرابلس” كما يقال “قبل” زيارة السادات لإسرائيل و”بعدها”؟..
وأجاب معمر القذافي:
-قمة طرابلس هي تتويج للرفض القومي العربي الشامل لما قام به الرئيس المصري وليست بداية لهذا الرفض. لقد حصلت ردود الفعل الغاضبة في كل العواصم العربية (تظاهرات صاخبة واستنكارات وإدانة عبرت عنها مختلف التنظيمات الشعبية في الوطن العربي) قبل قمة طرابلس، وجاءت القمة تتويجاً أو صياغة للشكل الرسمي أو تقنيناً لهذا الرفض. القمة ليست معزولة عما قبلها، بل هي نتيجة له.
وللقمة وجه آخر: إنها تأكيد بالصوت العالي لاستمرار مسيرة النضال العربي ضد القهر والاستعمار والصهيونية. وهذه المسيرة طويلة ولم تتوقف أبداً، لكن يحدث أحياناً أن يشكك فيها مشكك أو يحاول ضربها مفرط أو يحاول تجاوزها وإلغاءها متآمر أو خارج على إرادة شعبه وأمتخ، فيكون ضرورياً تدارك الأمر من جديد، وتعزيز المسيرة وحمايتها. وما فعلناه في طرابلس هو هذا بالضبط: مسيرة نضال الأمة على طريقها، كالعادة، وفي طريقها إلى أهدافها، كما يفترض، وأما الزيارة فليست أكثر من جملة معترضة أو أمر طارئ… إن مسيرة الأمة مستمرة وكأن شيئاً لم يكن. هذا ما قصدت قمة طرابلس أن تقوله.
*قرارات قمة طرابلس تركزت على الرفض… هل القرار 242 بين الأمور المرفوضة بالنسبة لجميع المشاركين في القمة؟
ابتسم معمر القذافي بصمت. نقل بصره بيننا وقال بهدوء:
-القرار 242، القرار 338، القرار… هذه قرارات ميتة، جاءت بعدها (خصوصاً 242) حروب ومعارك خالفها وأسقطتها عملياً، ولقد تجاوزها العالم من خلال تعاطيه العملي مع القضية. لم يعد القرار هو المسألة، عادت طبيعة القضية ففرضت نفسها باعتبارها الجوهر. ومن حيث الشكل، فإن سوريا لم تكن أصلاً ممن قبلوا أو اعترفوا بالقرار 242، ولم تكن مرتبطة به، إلا باعتباره متضمناً في القرار 338 الذي قبله ضمن فهم محدد له أبلغته رسمياً إلى أمين عام الأمم المتحدة في جنيف.
واستطرد معمر القذافي فقال:
-من مراجعة سير الأحداث يمكن التمييز بين الفعل ورد الفعل. فلنر معاً ماذا حدث؟ لقد كان للأزمة خط سير محدد، وجاء حاكم مصر فطلع عنه وحاول أن يجر الآخرين معه. الآن اتضح، وبشكل قاطع الوضوع، أن محاولته فاشلة، وإنه بقي وحيداً فيها. حتى إسرائيل، وهي المستفيدة أساساً من هذه المحاولة، تحاول التنصل من تبعاتها.
هي محاولة بائسة انتهت في مهدها، وعادت الأمور بسرعة إلى سيرتها الأولى، وقد جاءت المواقف الدولية من مؤتمر القاهرة تؤكد هذه الحقيقة، وتحصر المحاولة في حدودها الصغيرة كحركة انفعالية يائسة، أو موقف فالدهايم، بل حتى موقف الولايات المتحدة ذاتها. إنها، بكلمة، محاولة للخروج عن خط سير الأمة ثم تطويقها وإجهاضها بسرعة، وأكثر ما يؤكد هذه الحقيقة أن إسرائيل باقية على تعنتها، بل إنها الآن أكثر تشدداً من أي وقت مضى.
*كان السؤال الثالث عن موقف الاتحاد السوفياتي وهل هو متعاطف مع قمة طرابلس وقراراتها والتوجهات التي رسمتها…
قال العقيد القذافي:
-ما من شك في أن الاتحاد السوفياتي يدعم ويؤيد قمة طرابلس، وقد عبر كبار المسؤولين هناك من دعمهم وتأييدهم لمنهج الصمود والتصدي. هذا منطقي وطبيعي طالما أن الولايات المتحدة الأميركية تدعم خط الاستسلام والخضوع لإرادة العدو.
-لكن السوفيات متمسكون بمؤتمر جنيف ومشروعات التسوية السلمية؟..
-هذا مفهوم ومفهوم أيضاً أن زيارة السادات لإسرائيل خربت الجهود الدولية التي كان يفترض أن تتوج بإقرار تسوية سياسية في مؤتمر جنيف.
ودعونا نتساءل : لماذا كان التفكير أو بالأحرى اقتراع مؤتمر جنيف؟! أليس لأن الأطراف المعنية كانت ترفض المفاوضات المباشرة، وكان متعذراً أن تتفاهم بغير وسيط؟! حسناً، لقد ألغى السادات هذا كله. لقد ركب الطائرة وذهب إلى القدس المحتلة وجلس إلى بيغن شخصياً، وكان يقول للعالم: نحن بغنى عنكم.
وعن جنيف. وبرغم فشل هذه المحاولة، فهو مستعد لأن يذهب مرة أخرى إلى إسرائيل، ومستعدلأن يأتي بيغن إلى القاهرة… السادات ألغى جنيف وليس السوفيات هم الذين ألغوه.
*كان السؤال الرابع:
-أما وقد ألغى السادات مؤتمر جنيف، فما هو البديل بالنسبة لسوريا ولمنظمة التحرير الفلسطينية؟
وأجاب معمر القذافي:
-إن م وقفهم واضح ومحدد تماماً: إن إسرائيل تحتل أراضي السوريين والفلسطينيين، وعليهم أن يعملوا لتحريرها إما بالقوة، وإما بإشعار العالم بالخطر وإجباره على التحرك والضغط على إسرائيل لتجلو عنها، وإلا انفجرت المنطقة، مع خطر أن يتعدى هذا الانفجار حدودها…
هذا من حيث المبدأ، كذلك فثمة مبدأ آخر وهو أنه لا يجوز توقيع أي اتفاق أو صلح في ظل الاحتلال، وحتى القانون الدولي لا يقر التوقيع أو الصلح في ظل الاحتلال..
-إذن، ليس أمامهم غير خيار العمل العسكري بل مصر؟!
-فلنوضح أولاً حقيقة موضوعة الحرب. إن مصر لم تدخل، عملياً، أي حرب إلا كنتيجة لهجوم إسرائيلي عليها. لم تشن مصر الحرب مرة واحدة ضد إسرائيل، كانت دائماً تحارب في الدفاع عن الأرض الوطنية. أما من بيده قرار الحرب والسلام فلقد كان باستمرار الشعب الفلسطيني، وهو مصدر الخطر الحقيقي على إسرائيل، لأنه هو صاحب القضية وصاحب القرار. وهذا قائم حتى من قبل أن تدخل الدول العربية في مسلسل الحروب ضد إسرائيل. والحديث عن أن قرارالحرب بيد مصر، أو أن الحرب مستحيلة بغير مصر، ليس أكثر من ترسبات ادعائية بقيت للحاكم المصري نتيجة عهد عبد الناصر حيث كانت مصر تتولى قيادة العمل الوطني والقومي من أجل الاستقلال والتحرر.
ومع التسليم بثقل مصر، فإن جبهة سوريا والأردن ولبنان هي التي يخشاها العدو، وليست الجبهة المصرية، وذلك أساساً لأسباب جغرافية، فصحراء سيناء عائق في وجه العمل العسكري، ومن هنا كان صعباً على الدوام أن تكون سيناء منطلقاً لعمل عسكري نظامي أو حتى للعمل الفدائي الفلسطيني.
وسئل العقيد القذافي:
-في ضوء هذه المعطيات جميعاً يصبح الاحتمال قائماً بأن تقوم إسرائيل بعدوان ضد سوريا ولبنان؟.. ألا ترى ذلك؟
وجاءنا الجواب:
-الخطر الإسرائيلي قائم أصلاً، ومستمر دائماً… وهناك صعوبة أن تتحرك إسرائيل ضد سوريا، وربما كان الخطر قائماً أكثر بالنسبة للبنان…
فسوريا تملك قوة عسكرية متكافئة مع قوة إسرائيل العسكرية، ثم إنها قلعة حربية منذ القدم، وهي قد أعدت نفسها لكل احتمال… وعلى سبيل المثال فإن الطائرات الإسرائيلية لا تستطيع أن تعمل في الأجواء السورية،
-وماذا عن الاردن؟
-في تقديري أن جبهة المواجهة قومية بالضرورة، فزيارة السادات تضر بمجمل القضية العربية لا نظن أن ثمة من يستفيد منها غير إسرائيل.
-والعراق؟!
قال العقيد معمر القذافي:
-ليس بيننا وبين العراق خلال، سوى أنه يريد أكثر مما قررنا من تدابير. ومسبب الإشكال القائم هو المبالغة في الرفض وليس الاختلال على المبدأ. من هنا فإننا نعتبر العراق عضواً في جبهة الصمود والتصدي، برغم انسحاب وفده، وبرغم ما ذكر عن موقف بغداد مما جرى في طرابلس. ولسوف نظر على اتصال ببغداد، وقد يذهب بعضنا ليناقش الأخوان فيها حتى تزول الاشكالات وينخرطوا معنا في جبهة الصمود والتصدي.
وطرح سؤال جديد… عن المقاومة والتغير السحري الذي أدى إلى توحد فصائلها حول موقف موحد.
قال القذافي:
-السر هو في هذا الأمر غير العادي الذي حدث والذي وضع الأمة كلها في مواجهة العدو مباشرة، لقد رأى الفلسطينيون أن خلافاتهم التنظيمية والسياسية صغيرة جداً بالقياس إلى ما حدث، وجوبهوا بتحديات تفرض عليهم أن يوحدوا موقفهم ليمكن لهم أن يواجهوها بالقوة المطلوبة.
وتوقف العقيد القذافي لحظات عن الكلام، ثم استطرد يقول وهو منقل بصره بيننا نحن الأربعة:
-بالطبع هناك مشاكل بين بعضنا والبعض الآخر. هناك مشاكل إقليمية واختلافات في وجهات النظر وفي الممارسات السياسية. ولم تكن مهمة المؤتمر حسم هذه المشاكل الإقليمية أو تصفية الخلافات تماماً. كانت مهمتنا أن نرتفع جميعاً إلى مستوى التحدي الذي فرض علينا، وأن نتجاوز خلافاتنا الصغيرة لنواجه الوضع المهدد بانهيار قومي مريع… أن نضع نقطة البداية للصمود والتصدي، أن نوقف الانهيار، ثم يكون لنا الوقت الكافي للالتفات إلى المشاكل والخلافات الإقليمية والسياسية بقصد حلها وتصفيها.
وأحب أن أضيف هنا، وأن نؤكد أن ما صدر عن قمة طرابلس هو نتاج الموقف القومي كله، وليس فقط نتاج الذين حضروا وشاركوا في القمة… وسيكون الالتزام بالقرارات التزاماً من الأمة كلها، بما في ذلك التزام العراق تجاه سوريا. أما كيف يترجم هذا عملياً فتلك هي مهمتنا اللاحقة، على أننا في كل الحالات لا بد أن نواجه، بكفاءة وبقوة . الظروف التي فرض علينا أن نواجهها.
-هل تعني قرارات قمة طرابلس أن تتوحد جيوش وقوات الأطراف المشاركة فيها؟
ورد القذافي مؤكداً على الجانب المبدئي:
-دور الجيوش ، ولمن تكون القيادة العسكرية، هذا تفصيل أما المهم فهو الالتزام السياسي. إن الأمة العربية في حال مواجهة منذ العام 1948، وكانت باستمرار تعطي ما يطلب منها. تعطي المال والسلاح والشهداء.
الآن ، قدرة الأمة على العطاء أكثر بما لا يقاس. وبالمقارنة نجدها أعطت في 1956 أكثر مما أعطته في 1948، وفي 1973 أكثر مما أعطت في 1967… وهكذا فالكفاح والعطاء العربي في حالة تصاعد مستمر. وعندما قام السادات بزيارته لإسرائيل كان يشكك بقدرة هذه الأمة على العطاء وعلى البذل وعلى الكفاح. وقد جاءت قمة طرابلس. وقبلها ومعها هذا الرفض الشعبي العارم للزيارة ونتائجها، ثم جاء تأكيد وتجديد الوحدة الوطنية الفلسطينية، وكذلك البيانات والتصريحات التي صدرت عن السعودية والكويت، جاء هذا كله ليؤكد وأد الزيارة ونتائجها في المهد وتأكيد استمرار خط سير الأمة على ما كان عليه.
لقد أحدث السادات خرقاً أو ثغرة أو “دفر سوار” سياسياً في جدار صمود الأمة، والتقينا هنا في طرابلس على ضرورة سد هذا الخرق وبأقصر سرعة. كانت الزيارة نذيراً بالخطر جعل الكل سواء نحن الذين شاركنا في قمة طرابلس أو أولئك الذين لم يشاركوا فيها لكنهم لا يقلون عنا شعوراً بالخطر، يتحركون لقتل الزيارة وما يترتب عليها من نتائج، على الفور… وقد تم هذا بالفعل.
-وكيف؟
-لقد تم عزل النظام المصري، وثم عزل السادات كرئيس وكقيادة… وتم العزل داخلياً وعربياً. فاستقالات الوزراء والسفراء تعني، داخلياً، عزله بمعنى عدم الاعتراف به رئيساً، وطرده من رئاسة اتحاد الجمهوريات ثم مقاطعته والامتناع عن أي لقاء معه ومع ممثليه، في أي إطار، بما في ذلك إطار جامعة الدول العربية، هو تكريس لعدم الاعتراف به عربياً.
ولسنا بالطبع المسؤولين عن هذا، بل هو الذي يسعى إلى هذا الوضع بنفسه، فهو من ضرب الجامعة العربية، وهو من ضرب القضية العربية، وهو من سعى ولا يزال يسعى لإخراج مصر من دائرة العمل القومي وتعطيل دورها العربي.
وفي الواقع، جمدنا – نحنا الذين التقينا في قمة طرابلس – العلاقات السياسية معه ومع نظامه من يوم أن تقررت زيارته لإسرائيل.
-هل تقدر أنه سيسقط قريباً؟
ورد القذافي:
-فأما السقوط الأدبي والسياسي فقد تحقق فعلاً، أما السقوط المادي فتحصيل حاصل.
وتدخل أريك رولو، الذي كان في القاهرة ورافق السادات في زيارته لإسرائيل، ليقول أن نسبة كبيرة من الرأي العام المصري تؤيد السادات…. وعقب القذافي قائلاً.
-ليس الكلام أو تحشيد الناس في المطار وعلى الطريق هو المقياس الصالح للحكم على موقف الرأي العام. الرأي العام يقاس بالاستقلات، بالاعتقالات لاسيما في صفوف العسكريين والطلاب والقيادات العمالية والنقابية، بالمنشورات التي وزعت وتوزع الآن.
*وطرح موضوع جديد. كان السؤال عن موقف أوروبا، وتأييدها لزيارة السادات، وهل سيرد على هذا الموقف.
وقال معمر القذافي، من خلال ابتسامة المرارة:
-والله ليس من العدل أن نلوم الآخرين إذا كان صاحب الحق هو من يفرط بحقه. على أنني أحب أن أوضح أن أثر تأييد أوروبا أو غيرها يظل محدوداً ومرهوناً بإرادة الأمة. فلم يكن تأييد أوروبا أو غيرها هو العامل الإيجابي في تحرير فيتنام أو موزامبيق أو في تأمين صمود كوبا.
وتوقف لحظة ثم تلا الآية الكريمة: “يا أيها الذين آمنوا عليكم بأنفسكم”… ملخصاً بها الجواب.
وطرح عليه السؤال الأخير، وكان – مرة أخرى – عن مبدأ التفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبالتحديد بين منظمة التحرير وإسرائيل.
وأجاب معمر القذافي:
-قلنا ونكرر أن لا مانع، من حيث المبدأ، من أن تفاوض منظمة التحرير إسرائيل، ولكن متى؟! ذلك هو السؤال…
وللجواب أقول: عندما يصبح العمل الوطني الفلسطيني عنصر ضغط مؤثراً على الوجود الصهيوني في فلسطين فلسوف تضطر الصهيونية إلى الاعتراف به وإلى التفاوض معه… وعندها لا شيء يمنع من التفاوض. أما التفاوض من موقع الضعف فلن يؤدي إلا إلى الاستسلام، ونحن ضده.
وليس بالضرورة طبعاً أن يتم التفاوض فيجنيف. إن القائلين بذهاب الفلسطينيين الآن إلى جنيف يخطئون، لأن الفلسطينيين ليسوا بالقوة المطلوبة والكافية لانتزاع حقوقهم.
والصورة عن التفاوض هي دائماً صورة جزائرية أو فيتنامية: عبر القتال، وكنتيجة للنجاحات الكبيرة فيه، يكون التفاوض طريقاً للاعتراف بانتصار القضية والثورة.
أما غير هذا فليس إلا دعوة مبطنة إلى التسليم بشروط إسرائيل على حساب فلسطين والشعب والقضية والثورة.