صنعاء طلال سلمان
استقرّ علي عبد ا” صالح في موقع »الرئيس«.
هو الآن، في نظر نفسه كما في نظر محازبيه ومعارضيه وحتى »الخصوم« رئيس كل اليمن، ورئيس كل اليمنيين.
هو »النظام« وهو »الحكم«، وهو »صمام الأمان«، وإن كان المعارضون يضيفون إلى صفاته انه سبب الفوضى والتسيب وانه حامي الفساد والمفسدين… لكنهم يشكون منه إليه، بقدر ما يتوجه المحازبون إليه بوصفه »بطل الاصلاح«.
الكل يعترف له، الآن، بالكفاءة وبأهلية »القائد«: لقد تعلم كثيرا من تجاربه الغنية! صارت لديه الخبرة وتعزّزت حنكته… ثم انه لا يخاصم أحدا، ولا يقطع الخط مع أعتى المعارضين. بل إنه غالبا ما يباغتهم بهاتف أو بزيارة أو بلفتة تحرجهم وتسقط الكثير من حدتهم وتجعلهم »يرجئون« العمل لإسقاط النظام.
طبعا هو »مثل الآخرين«: لا بديل منه!!، بوصفه نقطة الارتكاز في التوازن الدقيق بين القوى المصطرعة »تحته« أو على الجانبين… فهو »العسكر«، وهو »القبائل«، هو رمز الدولة وهو »الزعيم السياسي«.
ولقد أخذ علي عبد ا” صالح الكثير عن أقرانه من القادة العرب: أخذ عن معمر القذافي كما عن صدام حسين، عن الملك حسين كما عن حافظ الأسد… لكنه بقي يمنيا.
تتعدّد القيافة في صوره التي تحتل الآن الزجاج الخلفي لنسبة ملحوظة من السيارات المدنية والعسكرية، أو تستقر على بوابات المؤسسات الحكومية إضافة الى العديد من الدكاكين والبيوت، لكن الرجل واحد وإن كان يلبس لكل حالة لبوسها: رجل دولة بين القبائل، عسكري في الدولة، ورجل قبيلة أصلي في الجيش، و»مدني« في »القيادة« تتعزّز »عصريته« بجهاز كومبيوتر شخصي يحتل جزءا من المكتب المنظمة فوضاه بعناية فائقة!
صورة واحدة تخترق أحيانا وحدانية »القائد«، وتطل كذكرى منسية من بعض الدكاكين: صورة صدام حسين التي يبدو انها انتشرت كثيرا في فترة انتظار »أم المعارك« ثم انحسرت مع أوهام النصر الخرافي وإن احتفظ بعض البقالين في الأرياف بالتوصيف الأسطوري الذي صار نكتة سمجة!
* * *
كيفك وكيف »السفير«؟.. بخير؟! كم لك عن صنعاء؟!
آخر زيارة كانت في بدايات العام 1990…
غياب طويل… ألم تأتِ في زمن الوحدة؟!
ولكننا الآن في زمن الوحدة، أليس كذلك؟!
دارى الحرج بضحكة عالية، ثم خروج منه إلى السؤال عن بيروت ولبنان ما بعد الحرب:
هل عادت الأمور إلى طبيعتها؟ نسمع الكثير عن إعادة الإعمار… فهل حقا تدفقت عليكم الأموال وجاءكم المستثمرون بملياراتهم؟!
بالنا، الآن، عندكم… هل انتهت الحرب عندكم؟
أجل، هي قد انتهت. لقد كلفتنا فوق ما نطيق. تكبدنا أكثر من عشرة مليارات دولار. هذا فوق احتمال بلد فقير كاليمن… لكن أصدقاءك الاشتراكيين يجيدون الهدم ولا شيء غيره.
تبدو واثقا من أن الحرب قد انتهت..
انتهت ولن تعود. بالتأكيد لا مجال لأن تتجدد. لا يمكن أن يعود التآمر بالحجم الهائل نفسه، والحشد السياسي الداخلي، الحزبي والمناطقي والعنصري، وكذلك بالمال والدعم السياسي الخارجي.
عاد يؤكد على الكلمات بقوة: لم يكن الحشد عاديا، كان استثنائيا ويمتد على جبهة واسعة في الداخل والخارج… بعض القوى الدولية كانت مع الوحدة، لكن هؤلاء الأصدقاء أنفسهم لم يكونوا على ثقة من استمرارها وقدرتها على الصمود في مواجهة ما رأوه من حشد ضدها.
مَن تقصد: الأميركيين أم الأوروبيين؟!
الكل. وإن شئنا الدقة علينا أن نعترف بأنهم بمجملهم لم يكونوا مع الانفصال، ولا هم كانوا متحمسين للوحدة، لكنهم كانوا يجاملون لكي يضمنوا مصالحهم في الخليج. وكانوا يعرفون بأمر الأسلحة، بل لعل بعض ملحقيهم العسكريين وبعض خبرائهم قد شاهدوا بأم العين طائرات »الميغ 29«، وطائرات النقل الحديثة والدبابات. ولعلهم قد سمعوا بأخبار الأسلحة الكيماوية التي كانت في طريقها الى الانفصاليين والتي جنّب انتصارنا اليمنيين من كارثة محققة لو أتيح لهم أن يستخدموها.
توقف لحظة، ربما ليباغتنا بخبر جديد: كانت لديهم كميات خرافية من الدولارات، تصور، لقد استرددنا عقودا بقيمة /227/ مليون دولار من دول أوروبا الشرقية، كان الانفصاليون قد دفعوها ثمنا لأسلحة جديدة.
لمح في عيوننا طيف السؤال فبادرنا مجيبا: الأموال من السعودية أساسا، ثم من بعض إمارات الخليج… كذلك كانت لهم تحالفاتهم مع بعض الأحزاب السياسية هنا، في اليمن، وخارج اليمن، ثم بعض القبائل اليمنية..
هل كانت »مؤامرة انفصالية« أم كانت معركة لإسقاط النظام والاستيلاء على الحكم هنا في صنعاء؟!
ردّ بسرعة من أعد لكل سؤال جوابه:
كان للمؤامرة هدف أول: الاستيلاء على حكم اليمن، فإذا ما تعذر ذلك صار الهدف الانفصال بالجنوب (اليمن الديموقراطي سابقا)، فإذا ما تعذر عليهم ذلك اكتفوا بالخيار الأخير: دولة صغيرة في حضرموت. وكنا على استعداد لأن نسقط هذه الأهداف جميعا. لا يهم عدد الشهداء. الوحدة تستحق مليون شهيد وأكثر. كان تصميمنا قويا، وكنا نؤمن بأن علينا حماية الوحدة مهما كلّف الأمر. هو حلم قد تحقق، فلا بد من حمايته بالغالي والنفيس، وهي أقدس من أن تعلن اليوم ثم يفصمها بعض المغامرين أو المهووسين بالسلطة في اليوم التالي.
الأساس.. الداخل
قلنا، عائدين به وبالحديث إلى السياسة:
ساعدتكم ظروف دولية معروفة أبرزها الموقف الأميركي. وثمة مَن يقول إنه كان لا بد أن يحمي الأميركيون وحدة أعلنت في واشنطن ورعى ولادتها البيت الأبيض.
قال عبد ا” صالح برصانة الرجل المتمتع ب»الحكمة اليمانية«:
أبدا… البعض يبالغ في تقدير تأثيرات المواقف الخارجية. الأساس هو وضعك في الداخل، إن كان قويا فإنه يعكس نفسه على الخارج، أما إن كان ضعيفا فلن ينفعك الخارج في شيء. الداخل هو الأصل. القوة في الداخل، والخارج يبني عليها.
استدرك مستذكرا تصريحاته في واشنطن، عشية إعلان الوحدة:
أما عن الموقف الأميركي فهو قد تحوّل الى الايجابية عندما ذهبت الى واشنطن أعمل لتبرئة الحزب الاشتراكي من تهمة »الارهاب«، وأتعهد بأن تكون دولة الوحدة جمهورية ذات سياسة معتدلة وحريصة على علاقات طبيعية مع الجميع، وبالذات مع الولايات المتحدة.
انتقلنا الى استعراض سريع للمواقف العربية من دولة الوحدة اليمنية وتشطيرها بالانفصال.. قلنا لعلي عبد ا” صالح:
لعلّ الشيخ زايد، رئيس دولة الامارات، كان الأكثر حدة في موقفه منك ومن دولة الوحدة، وهذا ما أثار الكثير من الاستغراب.. ما تفسيرك؟!
يبدو انه ناتج عن تأثير الآخرين عليه. ثم لعلنا لا ننسى أنه كان أخذ علينا موقفنا من حرب الخليج، وصنفنا في خانة صدام، مع اننا كنا ضده في غزو الكويت. ثم كان هناك الموقف الدولي الملتبس، وبالذات الموقف الأميركي عشية انفجار الوضع. وإجمالا فلعل البعض وبينهم الشيخ زايد، كانوا يصدرون في مواقفهم عن حسن نية إذ كانوا يجهرون بأنهم يفضلون الانفصال على الاقتتال..
ومصر، ألم تكن لليمن دائما علاقة خاصة بمصر تشفع لها عندها وتوفر لها الرعاية؟!
قال علي عبد ا” صالح:
علاقتنا بمصر ودية وتاريخية، لكن موقف الرئيس مبارك جاء متأثرا بالحمى السعودية.. ثم ان الانفصاليين اشتروا أسلحة من مصر، ونقلوا إلى المسؤولين المصريين ان اليمن تحتضن »الارهابيين«، لا سيما »جماعة الأفغان« من الاسلاميين المصريين، وهذا اتهام ظالم إضافة إلى كونه غير صحيح.
والعراق، أين كان؟!
كان ا” في عون العراق. إن وضعه سيء للغاية.
هل كان مع الوحدة؟!
أجل، كان معها.
هل ما زلت صديقا لصدام حسين، خصوصا وأنك كنت حليفه الاستراتيجي؟!
أما عن الصداقة فما زلنا أصدقاء، وإن كنا لا نتواصل إلا نادرا، فصدام لا يتحدث أبدا في الهاتف. وأما عن التحالف الاستراتيجي فهذه تهمة وحملة دعائية مغرضة. علاقات اليمن بالعراق ودية دائما وقديمة، تعود إلى أيام الإمام يحيى. ألا تذكر اسم جمال جميل؟! انه ضابط عراقي اشترك في ثورة 1948 في اليمن ضد الإمامة…
توقف لحظات ثم استدرك فقال:
على أي حال، لا بد أن تعرف الحقائق ذات يوم.. لقد كنت أول من نصح صدام حسين بالانسحاب من الكويت وعدم التورط في حرب مع العالم.
هل صحيح ان ضغطا أميركيا مورس على اليمن لإخراج »الخبراء« العراقيين ولتسريح العديد من الضباط اليمنيين الذين كانوا محسوبين على العراق؟!
أبدى الأميركيون رغبتهم في عدم وجود خبراء عراقيين في الجيش اليمني، ولم يكن قد تبقى منهم إلا عدد قليل، وقد عادوا الى بلادهم.
القوى السياسية في اليمن
انتقلنا إلى »الداخل« وإلى مواقف القوى السياسية بادئين بالشريك والحليف في الحكم، التجمع اليمني للاصلاح، أي اللقب الرسمي لتيار الإخوان المسلمين ومن معهم… سألنا عن التبدل الذي طرأ على موقفهم قبل الحرب ثم خلالها، فقال علي عبد ا” صالح:
كان الإخوان ضد الدستور، فعلا، ولكنهم أثناء الحرب كانوا أقوى من وقف مع الشرعية.
وماذا عن النهب الذي وقع في عدن… هل كانت وراءه القبائل أم كانت جماعة الاصلاح؟!
رد بسرعة: النهب تم بقرار صدر عن غرفة العمليات في عدن. تمّ نهب وتدمير كل شيء. وعموما فقد نهبت المؤسسات، أما الممتلكات الشخصية فلم تنهب، عدا بعض ما يخص عددا من مسؤولي الاشتراكي الذين قادوا الانفصال. ثم لا تنسوا انه كان هناك ثأر بايت للذين تضرروا في أحداث 13 يناير (1986) الانقلاب على علي ناصر محمد … أما الشماليون فلم ينهبوا. منطقة »صبر« بالذات تعرضت أكثر من غيرها للدمار والنهب. لقد دمروا الاذاعة والتلفزيون، ونهبوا المؤسسات جميعا، بما في ذلك المدارس.
توقف لحظات ليعود فيستطرد:
في أي حال، ذلك صار من الماضي. الآن يتم إصلاح كل ما خرّبوه. عادت الكهرباء، وعادت المياه، والكثير من المصالح والمؤسسات عادت تعمل كالمعتاد، والوحدة تتعزّز يوميا.
هل تتعزّز كوحدة أم كهيمنة شمالية على الجنوب، كما يردد البعض؟!
هذه حملات دعائية مغرضة… نحن اليمنيين وُحِّدنا كأمة، وتمّ دمج الجيش، والأمور تسير بشكل طبيعي ضمن الدولة الواحدة. وحتى تسميات الألوية التي كانت تعكس شيئا من الجهوية بدّلناها الى أرقام لنزيل الحساسيات القديمة. وفي الحكومة مجموعة من الوزراء الجنوبيين، خمسة أو ربما ستة. وباختصار فإن ما حدث هزيمة للانفصال وليس للجنوب، أما المنتصر فهو اليمن.
أين يلتقي حزبك مع »الاصلاح«؟
لا، لا… »المؤتمر« ليس حزبا.
حسنا، أين يلتقي علي عبد ا” صالح وأين يتقاطع مع الاصلاح؟
نلتقي على الوحدة، الدستور والثوابت الوطنية عموما.
وماذا عن المنافسة بين »المؤتمر« و»الاصلاح«؟!
»المؤتمر« موجود في الحكم من قبل، و»الاصلاح« ينافس ويريد أن يسيطر على مواقع، شأنه شأن أي حزب طامح الى السلطة.
برنامج الاصلاح
أعلن مؤخرا أنكم اتفقتم على برنامج للاصلاح في الدولة؟
نعم وسيحدث تغيير لعناصر في الجهاز الحكومي في المستقبل، وتبادل مواقع وإحالة متهمين بالرشوة والفساد الى القضاء.
هل تكفي مثل هذه الاجراءات لمعالجة الفساد وأسبابه؟
الفقر عامل من عوامل الفساد.. مخلفات الحرب عامل آخر. مشكلة الاشتراكي انه خلق الفساد.. كان في السلطة فسلك مثل أي نظام شمولي والموارد محدودة.. رأوا الأوضاع في الشمال أحسن.. ظنوا ان الناس تسرق فراحوا يسرقون.
في أي حال، الحرب انتهت… لذلك الثورة الثالثة في اليمن هي القضاء على مخلفات الإمامة والاستعمار والحرب.. وهي ثورة كبيرة وصعب إنجازها؟!
هل أنت قادر على تنفيذها؟
ليس الحاكم هو الذي ينفذها. الحاكم يضع خطوطا عامة والحكومة تنفذ وكذلك الشعب.. وخلال الأسابيع المقبلة سيكون هناك شبه تغيير لكل الأجهزة. وسيتم استقطاب كل الكفاءات بصرف النظر عن اتجاهها السياسي.
اندفعنا الى آخر الشوط.. سألنا:
يقال إن الحكم ائتلاف بين الجيش والقبيلة مجسدين في شخصك؟!
هذا كلام تردده المعارضة، والمؤتمر كحزب حاكم مليء بالخبرات. لكن الخبرات تحتاج الى جهاز تنفيذي، ولدينا تضخم وظيفي.. أكثر من مليون موظف، وعلينا أن نجد فرص عمل لمئات الألوف من هؤلاء ومن اليمنيين الآخرين العاطلين عن العمل.
هل الجيش قوة معطلة؟
نحن نصحح في الجيش.
بعد التوحيد كم صار عدد الجيش؟
سرّحنا الكثير من العسكريين، بالآلاف، بل بعشرات الآلاف..
لماذا لا يساهم الجيش في إنشاء البنى الأساسية؟
لا يستطيع ذلك الآن، لأنه ينتشر على مسافة 2200 كلم2.
اليمن والسعودية
هذا يوصلنا الى الموضوع الأصلي.. أنت والسعودية.
كل المشاكل في اليمن وراءها السعودية.
كيف أنتم الآن؟
في حالة مدّ وجزر.. أساس المشكلة الحدود.. توصلنا الى مذكرة التفاهم.. نحن صادقنا عليها وسلمناها لهم، لكنهم لم يتبادلوا معنا وثائق التصديق بعد. ومذكرة التفاهم هي آلية للوصول الى اتفاق نهائي.
اللجنة العسكرية التي زارتكم قبل أيام ماذا فعلت؟
تبادلنا وجهات النظر تحضيرا للجولة الثالثة التي ستجري في الرياض، وهم خرجوا في مشروعهم عن مذكرة التفاهم لكن الجانب اليمني حريص على الالتزام بالمذكرة.
أهم ما في المذكرة اعترافهم بوحدة اليمن؟
نعم… على أن هناك امتيازات في اتفاقية الطائف حين تدرس مع ملاحقها.
طرحنا السؤال مباشرا: قيل إنكم كنتم راغبين في الحرب مع السعودية؟
انتفض: أبدا، نحن لا نريد الحرب ولا ننوي الدخول فيها، خصوصا ونحن خارجون من أتون حرب مكلفة…
هدأ، ثم أضاف بلهجة الدبلوماسي:
نحن دولة مسالمة والحرب وقودها مال… دولار وليس رجالا فقط.. وكل من يفكر في الحرب غبي، والدبلوماسية اليمنية كانت ناجحة، إذ استطاعت تفويت محاولات إيقاع اليمن في شرك الحرب. وما بقاء الوفد في السعودية مدة شهر إلا دليل على نجاح الدبلوماسية اليمنية، وكذلك على رغبتنا في تجنب الصراع المسلح حول الحدود وسائر المشكلات المعلقة.
عدنا الى الداخل، وتحديدا الى »الخصوم« من معارضة الى معارضة المعارضة.. وقال علي عبد ا” صالح:
نحن نتبنى المعارضة لأنها تصحح كثيرا من الأخطاء.. والمعارضة بدورها الوطني، وليس بالمكابرة السياسية لها مميزات إيجابية ومفيدة. لكن المعارضة ما زالت محكومة بالأحقاد وهي تغذي التعصب وبرغم ان التعليم يقضي على التعصب القبلي والمناطقي والطائفي، إلا أن بعض المتعلمين مع الأسف أخبث من الأميين…
وعلى ذكر المتعلمين لم يفت الرئيس الفريق أن يذكر ان ثمة في جامعات اليمن ما يقارب المئة وخمسين ألف طالب جامعي وأن عدد الخريجين يتزايد كل سنة..
هنا.. كانوا قد جهزوا الغداء في قاعة مجاورة… وقبل أن ننتقل الى المائدة طرحنا بعض الأسئلة السريعة:
علاقتك بالادارة الأميركية الآن، هل هي مع كلينتون مثلما كانت مع بوش؟!
تأثرت علاقتنا سلبا في أثناء أزمة الخليج.
بسبب وقوفك مع صدام؟
نحن كنا ضد الغزو الأجنبي، وضد احتلال العراق للكويت.
أنت وأبو عمار.. كيف علاقتكما؟
لا بأس بها..
غزة أريحا
أنت مع غزة وأريحا إذù؟
كنا نتمنى أكثر منها، كنا مع غزة والضفة الغربية. لكن في غياب التضامن العربي اضطر الفلسطينيون لقبول غزة أريحا.
معنى هذا أنكم تجدون لهم العذر؟
هذا رأيي الشخصي.. رأيي كمسؤول. ولو وجد التضامن العربي لكنا تمسكنا بالنقاط الست التي تضمنتها مبادرة فهد في المغرب.. لكن حرب الخليج ساهمت في إيصالنا الى ما وصلنا إليه.
وعلاقتك بالملك حسين؟
ممتازة.
لماذا؟ وكيف تكون علاقتك ممتازة بالأردن والسودان والعراق وعرفات، في الوقت ذاته، ومواقفهم السياسية متعارضة الى حد القطيعة؟
نحن سعداء بهذه العلاقة الطيبة مع الجميع، ويجب أن تسود العلاقات الطيبة بين الدول العربية كلها. وليس من مصلحة اليمن إلا أن تكون علاقاته طيبة بالجميع.
صوت اليمن كان ضعيفا في ما يخص لبنان في مواجهته مع العدو الاسرائيلي..
الموقف المبدئي والسياسي اننا ضد الاحتلال، ونؤيد الموقف السوري في المفاوضات.
أنت تؤيد الموقف الأردني، وموقف أبو عمار، إذا أنت تضعف الموقف السوري؟
نتمنى أن تنجح الدبلوماسية السورية واللبنانية بدعم عربي، وكنا نتمنى أن تكون الفرصة مؤاتية لتحقيق الطموح القومي، لكن إسرائيل حققت ما كانت تتمناه وهو الانفراد بكل قطر عربي على حدة… ونحن كنا مشغولين، مشكلة الحرب جابت لنا الانفصال، والضرر في اليمن يلحق بلبنان ويلحق بالمغرب العربي والبعض لا يلمس هذا التأثير بسرعة لكن التأثير المتبادل مؤكد وعلى سبيل المثال هناك اتجاه لتخفيض أسعار النفط.. وهذا سيضر بنا بالتأكيد.
قمنا إلى المائدة، وطال الحديث وتشعب، لكن »الرئيس« كان حاضرا لكل الأسئلة، لا تعوزه الشجاعة حتى لو خانته الذاكرة في استعادة الوقائع أو بعضها أحيانا.