إدانة العروبة بالطاغية، حل الحزب بدبابات الاحتلال
في الانتخابات النيابية في الكويت التي جرت يوم 5 تموز الماضي، سقط آخر النواب المتحدرين من حركة القوميين العرب، وقد كانوا في البرلمان الأول الذي انتخب قبل أربعين سنة الكتلة النيابية الأقوى نفوذاً والأكثر عدداً.
البديل الآن في برلمان 2003 خليط من الإسلاميين المتنافرين، سنة وشيعة، ومن العشائريين أو من بعض البدو المتهمين بأنهم من أتباع بيت الحكم ولقبهم الرسمي »نواب الخدمات«.
ولا يمكن لأي منصف أن يدعي أن نواب 2003 أرقى وعياً وأعظم علماً وأكثر وطنية من أولئك الذين انتخبهم الكويتيون قبل أربعين عاماً فشكلوا طليعة عربية مستنيرة وضمانة استقرار وثبات للوحدة الوطنية، بينما مع هؤلاء الآتين من شتات الاتجاهات المتطرفة أو المتخلفة فإن الكويت تبدو في غاية الاضطراب والقلق والبحث عن يقين.. سياسي.
في العراق ما بعد الاحتلال الأميركي يطارَد البعثيون قاطبة باعتبارهم أعتى المجرمين بل السفاحين، فيسرّح الجيش ورجال الشرطة والموظفون بذريعة أنهم كانوا أداة صدام حسين في غزو الكويت، وأنهم أذاقوا العراقيين مر العذاب فنسفوا البيوت بأهلها وأبادوا بعض المناطق بالكيماوي وقضوا على انتفاضة الجنوب بالصواريخ…
لكن ما يتبدى عليه عراق ما بعد البعث هو مزق من الجهات والأعراق والطوائف والمذاهب والأقليات الدينية المتنافرة، تتوزعها اتجاهات أصولية سلفية في الغالب الأعم، ممّا يجعل خطر الحرب الأهلية ماثلاً في الأفق، هذا الخطر الذي سرعان ما يتحوّل إلى مبرر لإدامة الاحتلال بوصفه ضمانة للوحدة الوطنية واستطراداً ضمانة لوحدة الكيان السياسي العراقي.
والكل يعرف أن صدام حسين قد حكم العراق كطاغية مستبد وليس كمناضل بعثي يعمل من أجل انتصار الوحدة والحرية والاشتراكية، وأن المناضلين البعثيين المؤمنين بالفكرة القومية حقيقة كانوا الطليعة بين ضحاياه الذين لا يقعون تحت حصر.
وفي كل الحالات فإن هذا الحكم المبرم على حزب سياسي عريق، مثل حزب البعث العربي الاشتراكي، ليس أكثر من دليل إضافي على »الديموقراطية« التي يبشّر بها الاحتلال الأميركي، فضلاً عن كونها المؤشر إلى نوع »الحياة السياسية« التي يريدها في العراق.
لقد كانت أخطاء الطاغية صدام حسين وخطاياه بمثابة الذريعة أو التبرير المقبول، ولو شكلاً، لخروج الكثير من العرب على العروبة، بدءاً بالكويت مروراً بسائر أقطار الجزيرة والخليج، حيث يفترض البعض أن الإقليمية المحمية بالحراب الأميركية تؤمن لأصحاب السلطة الاستمرار في السلطة والتمتع بالثروة التي يتهددها الشعار القومي ومن يحكم باسمه.
وانطلاقاً من تجربة صدام حسين في حكم العراق، على امتداد ثلث قرن أو يزيد، يمكن القول إن الأذى الذي لحق بالقومية العربية على أيدي الذين حكموا باسمها، هو أعظم بما لا يقاس من الأذى الذي نالها على أيدي خصومها المحليين أو أعدائها الأجانب.
لقد صُوّرت القومية العربية وكأنها تشكل الخطر الداهم على الكيانات السياسية التي فبركت على عجل، بعد الحرب العالمية الأولى، في تقسيم هادئ للمصالح بين المستعمرين الجدد آنذاك المنتصرين على المستعمر العثماني القديم.
وصُوّرت القومية العربية حيناً وكأنها تمويه للإسلام بشعار سياسي غربي، وبالتالي فهي الخطر الأكبر على الأقليات الدينية والطائفية.
بالمقابل كان أقوى المعترضين على القومية العربية أولئك الذين تتوزعهم تيارات الإسلام السياسي، من الإخوان المسلمين إلى البن لادنيين.
كذلك قيل في القومية العربية إنها صناعة غربية استوردها وأعاد صياغتها بعض المفكرين العرب من المسيحيين لمنع تجديد دولة الخلافة الإسلامية أو لمنع قيام الدولة على قاعدة من الشرع الإسلامي الحنيف.
وها هم اليوم كل هؤلاء وأولئك يتلاقون في حلف واحد ضد العروبة كفكرة وعقيدة وهوية وانتماء وليس كتنظيم سياسي.
لقد استخرجت شهادة وفاة أولى للقومية العربية مع سقوط دولة الوحدة بين مصر وسوريا في العام 1961… وكانت الحرب عليها شرسة، واجتمعت عليها سيوف الغرب الاستعماري والكيان الصهيوني والطوائفيات العربية ورابطة الطامحين إلى الحكم بأي ثمن في كل قطر عربي.
واستخرجت شهادة وفاة ثانية للقومية العربية حين أخذ دعاتها أو الحاكمون باسمها بالاشتراكية في إعادة صياغة الدولة بتقليد دول كان شرط وجودها تغييب الرابطة القومية من الاتحاد السوفياتي إلى يوغوسلافيا.
واستخرجت شهادة وفاة ثالثة للحركة القومية مع هزيمة 1967. ونُسبت كل أخطاء النظام المصري إلى الحركة القومية بدلاً من نسبتها إلى طبيعة النظام.
وكان لافتاً أن الجمهور قد ميّز بين جمال عبد الناصر، الذي رأى فيه البطل القومي المخلص، وبين نظامه والفساد المستشري فيه، وكأنه كان تمييزاً بين الفكرة والتطبيق.. كأنه كان استنقاذاً للفكرة.
كانت تلك الاندفاعة العاطفية محاولة مخلصة لتبرئة الفكرة القومية ممثلة بجمال عبد الناصر من خطايا النظام الفاسد الذي لم يكن قومياً في أي يوم.
أما في العراق فقد حصل العكس تماماً: أدينت العروبة والقومية والبعث بجريرة الطاغية الذي لم يكن في أي يوم ممثلاً شرعياً للفكرة العربية أو حتى لحزب البعث.
وثمة فارق واضح بين العروبة والقومية العربية.
العروبة هوية وفعل انتماء إلى هذه الأرض وتاريخها،
أما الحركة القومية فحركة سياسية تمكن إعادة صياغتها في ضوء التجربة بما يتناسب مع ضرورات السلامة والتقدم.
إن العروبة ليست مجرد رابطة عاطفية، وليست مجرد توكيد لوحدة المشاعر، بل هي الضمانة الأخطر لهذا الخليط المتنافر من عرب اليوم المتحدرين من أصول مختلفة والذين تجمعهم مصلحة حقيقية في رابطة سياسية ما تضمن لهم مستقبلهم، خصوصاً أن مشروع الدولة الوطنية لم ينجز بعد.
مقتطع من مداخلة في ندوة »المسألة العراقية حق تقرير المصير تحت الاحتلال«
أحمد الربعي يخسر السياسة ويستبقي قلمه!
عرفتُ الدكتور أحمد الربعي منذ ثلاثين عاماً أو يزيد: مناضلاً في صفوف حركة القوميين العرب في الكويت، وقارئاً ممتازاً، يجتهد في تثقيف نفسه، ثم أستاذاً جامعياً له حظوة في أوساط الطلاب عموماً والطالبات خصوصاً، قبل ان اعرفه نائباً شاطراً في المعارضة بحيث اصطاده الحكم وزيراً..
عرفته أيام الاجتياح العراقي للكويت داعية للتحرير، سرعان ما شدته وطنيته الى شيء من الكيانية، وكان لذلك ما يبرره في شهور التشرد خارج الوطن الذي ضاع…
وعرفته كاتباً ومعلقاً ذكي العبارة خبيث المضمون، وداعية بل مهيّجاً جماهيرياً من طراز ممتاز، يسبق فكره لسانه في إعادة صك الشعارات الموروثة عن الحقبة القومية التقدمية فإذا هي تنجح في استمالة الأعراب والكيانيين والإسلاميين و»البدون«، فترفع من قدره، في عين السلطة وتربك بيئته الأصلية التي يحرجها أن تنكره فتقطع معه، ويأخذها اعجابها بذكائه السياسي وبراعته في تدوير الزوايا الى عدم التنصل منه، لأنه متعِب كخصم… خصوصاً وانه خارج من رحمها.
أحمد الربعي لم يحالفه الحظ في الانتخابات النيابية الأخيرة في الكويت. وافترض انه لم يفاجأ بهذه النتيجة، ولم يقف أمامها لحظة واحدة ليتساءل عن أسباب فشله، التي يعرفها جيداً.
الرحلة طويلة بين أمجاد الحركة القومية وبين هزيمة الكياني الطارئ، وبين انبهار المجتمع الصغير بهذا المثقف اللامع مخترق الصفوف والأفكار والمبادئ للالتحاق بالسلطة وبين »اعتماده« ممثلاً فعلياً له.
على »المرتد« ان يدفع مزيداً من »الكفارات«… وهيهات أن تُقبل توبته!
لم يخسر أحمد الربعي الدنيا والآخرة،
فالآخرة لصاحب الآخرة، أما الدنيا فلمن يعرف من أين تؤكل الكتف، والشاطر ما يموت!
على أن هذا »المقامر« المثقف والواسعة علاقاته العربية، المرتد عن قوميته وتقدميته، ما زال ظريفاً، وما زال صاحب جملة مشرقة، وصاحب قلم قلاّب يستطيع ان يكتب جملة واحدة بعشرة معانٍ دفعة واحدة!
وأكثر ما يبرع فيه »القومي« التشهير بالقومية وتبرير الكيانية التي تكاد تكون عنصرية بدعوة مفتوحة الى الأممية… الامبريالية!
حكاية: تفاح لكل الرجال!
المرأة نحيفة جداً حتى لكأنها نسيت نصفها المكمل في البيت،
والرجل طويل جداً حتى لكأنه اضاف قامة أخيه الاصغر الى جسده الممتلئ.
والعازف معتدّ جداً بقدرته على بعث النشوة حتى في قلب مجلس عزاء!
قام الرجل الطويل جداً يراقص المرأة النحيفة جداً فغطاها حتى اختفت تماماً بين احضانه ولكنها بقيت اعظم منه حضوراً.
دار الرجل الراقص كأنما يبحث عن النصف الآخر لامرأته،
ودارت المرأة الراقصة كأنما تقول لحشد الساهرين: هل بينكم من رجل آخر؟!
احتضن الرجل المرأة منطويا عليها حتى صارت بعض جسده المهيب، لكنها في دورة واحدة انفلتت منه فملأت المكان بسراب النشوة.
قالت واحدة من الساهرات: ستضيعه هذه الصعلوكة!
قال خبيث بين الرجال: ما زال آدم غبياً. ما زال يبيع الجنة بتفاحة!
صححت له امرأة: بنصف تفاحة!
في الجولة الثانية للرقص كان الرجل قد امتلأ بالنشوة حتى لم يعد يرى من النساء الا انصافاً تتلوى فوق شجرة تفاح!
وكان بين الرجال من امسكته غصة في حلقه، في حين كانت النساء الغيورات ينادين ابليس اللعين ليوزع على الرجال قطعاً ولو صغيرة من الثمرة المحرمة!
من أقوال نسمة
قال لي »نسمة« الذي لم تعرف له مهنة إلا الحب:
الغيرة ضعف لا اقبله لنفسي ولا اقبله لحبيبي. كيف بعد الحب يمكن ان تهتز ثقتي بنفسي، وكيف ادعي حباً لمن اشك في صدقه؟
حبي يجعلني الاقوى وهو يعصمني ويرفعني فوق »العاديين« الذين يقتلون حبهم بأيديهم ثم يجلسون فوق رأسه يندبونه!