طلال سلمان

حرمة مال عام

يتندر البعض فيقول: إن الدولة ستخلص قبل أن تخصخص!
أما الجديون فيتساءلون عن سر التزامن في الحديث عن الخصخصة والحملات التشهيرية ببعض المؤسسات والإدارات والشركات التي »يملكها« القطاع العام.
في البدء كان الهاتف الخلوي… وقد أُفسد مناخ التفاوض فضاعت على الدولة مبالغ طائلة، في حين تعاظمت أرباح الشركتين وتزايدت خطوطهما، بحيث ألغت او أنقصت الكثير من القيمة التجارية للهاتف الثابت.
ثم جاء الدور على مؤسسة كهرباء لبنان، وكشف المستور فإذا خسائرها هائلة وإذا الاحتمال ضعيف جدا في إصلاح الأمور فيها وإعادتها الى التوازن،
أما شركة طيران الشرق الأوسط فيجري الحديث عن أثقالها بما يمنع أي مستثمر من التفكير فيها، بدءا بعدد الموظفين المرشحين للصرف (حوالى ثلاثة آلاف؟!) والذين لا يبدو أن أحدا من »الكبار« مستعد لتحمل المسؤولية عن صرفهم، وانتهاء بواقع كلفة التشغيل الباهظ الخ…
فأما الذروة فتمثلت في ما وقع لتلفزيون لبنان، الذي اغتيل مستقبله عبر التشهير بحاضره والعقاب الصارم الذي وقع عليه!
أهكذا يكون الترويج لبيع »البضاعة«، التي كان الظن أنها ممتازة فإذا هي فاسدة؟!
أم أنها حيل وخدع إعلامية لإنقاص قيمة هذه المؤسسات التي كانت ذات يوم رابحة، فيصير بيعها وبأي ثمن إنجازا ونجاحا في الخلاص من عبء إضافي ثقيل.
ثم إن الإلحاح على ضرورة البيع، بيع أي شيء وكل شيء قابل للبيع، يثير من الذعر أكثر مما تثيره الخسائر التي نتكبدها على هذه المؤسسات، لأنه يظهر الدولة وكأنها على وشك إعلان إفلاسها.
ويبقى أن خفض النفقات العامة لا يتم انتقائيا وعشوائيا،
وثمة حالات يتبدى فيها خفض التعويضات أو ملحقاتها وكأنها عملية كيدية أو انتقامية وتستهدف فئة بالذات او مؤسسة بالذات، وليست خطة عامة تشمل المؤسسات جميعا والعاملين جميعا بقصد حماية المال العام الذي يطعمهم جميعاً.
الاصلاح الناقص أخطر من الفساد،
والتشهير بمؤسسات المال العام يضيّع المال العام.
ودولة لا سر فيها ولا حرمة لمالها لا تقوى على البقاء فكيف بزيادة معدلات النمو وتأمين مواطنيها في وجه غدر الزمان!

Exit mobile version