وبعد تسعة شهور من الحمل الشرعي ولدت الحكومة الثلاثينية ـ الاممية بأعجوبة خارقة، فيها من كل زوجين اثنين: المستقبل والماضي، الدين والدنيا، واليمين ويمين اليمين، الطائفي والمذهبي، السعودي والاماراتي، الأميركي والسوري، الفرنسي والايراني الخ..
فيها من يصافح بالقبلات الحارة، وفيها من يضع يده على صدره ويستعيذ بالرحمن الرحيم من الشيطان الرجيم كلما حيته احدى الوزيرات السافرات، وفيها من يدير وجهه إلى الجهة الاخرى، حت لا يواجه من كان خصماً وغدا شريكاً في المسؤولية وزميلاً يتوجب التضامن معه حتى لا تفرط الحكومة.
لكل وزير رئيسان بل ثلاثة: رئيس ظل شبحه ماثل في الذاكرة وان كان لا يُرى، ورئيس الحكومة المزدهي بنجاحه، ولو متأخرا وبحكومة غير التي كان يريدها، ورئيس المجلس النيابي ـ شريك الظل ـ ورئيس الجمهورية الذي كاد عهده يبدأ وينتهي بحكومة واحدة اعتقل رئيسها في الرياض من دون تهمة محددة ومعلنة ثم اطلق بوساطة رئاسية فرنسية (اميركية) … قبل أن تتم دعوته إلى الرياض ذاتها، ليجلسه ولي العهد السعودي ذاته، الامير محمد بن سلمان، إلى يمينه ويتضاحك معه “لنفي” تهمة الاحتجاز.
هناك وزراء اولاد تسعة، ووزراء من اولاد المصادفات المذهبة ووزراء من ابناء السفارات والقنصليات للدول ذات التاريخ الاستعماري الحافل، ووزراء يمثلون الاقطاع الذي لا يموت، وآخرون يمثلن الاقطاع الطوائفي المتجدد.
انه مجلس أممي، يشابه مجلس الامن الدولي بالنفط والغاز، بدول الاستعمار القديم ودولة الاستعمار الجديد، ودولة الاشتراكية التي ورثت عن “السوفيات” الصواريخ عابرة القارات ودهاء بوتين الذي ما زال يحمل بطاقة الحزب الشيوعي ويتحسسها كلما همدر الرئيس الاميركي ليجبره على التراجع.
انها حكومة الكل في ظل بيّ الكل..
والكل، كما تعرفون، قد تعني “لا أحد”..
وهلي عالريح يا رايتنا العاليِّة!