قطاع غزة ـ حلمي موسى
تحاول حكومة نتنياهو كعادتها وخلافا لمطالب دولية وحتى داخلية إسرائيلية تكرار ما فعلته مع قطاع غزة. التظاهر بإدارة مفاوضات بقصد ابرام صفقة هي في الأصل لا تريدها.
وهذا يعيدنا الى ما سبق وأعلنه رئيس الحكومة السابق في إسرائيل اسحق شامير بأنه يتطلع الى إدارة مفاوضات لا تنتهي مع الفلسطينيين.
فالسلام ووقف الحرب وصفقة التبادل ليست اهدافا عند حكومة نتنياهو، ولهذه الحكومة أهداف أخرى أولها الانتقام ومن ثم مواصلة الهيمنة في المنطقة بل وجرّ أميركا إلى حرب إقليمية واسعة. واليمين في إسرائيل يدرك أن مصير فكرته الأساسية هذه قد بات على المحك، وكل تسوية أو صفقة قد تمنعه من تحقيقها يشكل له هزيمة. هذا هو موقف بن جفير وسموتريتش ولكنه أيضا وفي الأصل موقف بنيامين نتنياهو ومدرسته في الليكود. فلا يهم اليمين ما الذي يحدث وإنما يهمه ما يتطلع اليه. ولذلك لا يرى الأسرة الدولية ولا يرى مواقف حلفائه ممن لا يريدون على الأقل في هذا الوقت نشوب حرب واسعة.
يغرق اليمين في بحر أوهامه وغطرسته وتقف إلى جانبه قيادة عسكرية مهزومة استراتيجياً تحاول الثأر لفشلها في ٧ اكتوبر وتتطلع لإنجازات تكتيكية، في الوقت الذي يستعيد فيه حزب الله قدرته على السيطرة النارية ويوجه ضربات تجعل أمل الحرب القصيرة بعيداً ويدفع كثيرين في إسرائيل للتحذير من نتائج كارثية لحرب لبنان الثالثة.
في كل حال منطق الخداع السياسي ممزوجا بالخداع العسكري والأمني لا يضمن لإسرائيل تحقيق مرادها. إعلان الجيش الإسرائيلي عن استعداداته للدخول البري إلى لبنان هو إعلان مخادع وفق المعلقين العسكريين الذين يرون أن ما تحشده إسرائيل من قوة أعجز من أن تكون كافية لمثل هذه الخطوة.
ويتذكر كثيرون حجم القوات الاحتياطية التي استدعتها إسرائيل قبل غزوها البري لقطاع غزة، مع الأخذ بفارق المساحة بين قطاع غزة وجنوب لبنان إذا ما تقررت خطوة برية حتى بأقل الأبعاد، وحتى لو تم تقصير مدة المعركة على الحزام الأمني القديم في جنوب لبنان والذي يشكل أضعاف مساحة قطاع غزة.
في المشهد الأوسع مظاهرات في نيويورك تطالب باعتقال مجرم الحرب نتنياهو، وصاروخ من اليمن على تل أبيب الكبرى، وطائرات مسيرة من العراق في إيلات، وصواريخ حزب الله على شمال فلسطين نزولاً متدرجاً عن حيفا وصفد الى الأغوار وغوش دان.
الخيارات الإسرائيلية صعبة، وطالما ان أميركا لا تحقق هدف إسرائيل في محاربة إيران فإن كل مساعي إسرائيل لتوسيع الحرب نتيجتها الفشل. والفشل هذه المرة ورغم الرعاية الامريكية لمنع الهزيمة الاسرائيلية فأن إسرائيل بعد هكذا فشل لن تكون أبداً كما كانت.
الفشل يعني بداية انتهاء السطوة والهيمنة الإقليمية وتغييرات في الواقع الإسرائيلي والاقليمي.