كتبت نكبة فلسطين التــاريخ الســياسي الحديث لدولــة سوريــا الـتي تغــير اســمها الرسمي كما تغير علمها أكثر مــن مرة، وتبدل نظام الحكم فيها مراراً بتداعيات تلك النكبة والعجز عن مواجهة أسبابها ونتائجها.
وكانت فلسطين عنوان التبريرات التي اعطيت للإنقلابات العسكرية التي حدث أولها، بعد شهور قليلة من هزيمة 1948 وقيام دولة الكيان الإسرائىلي، ثم توالت في السنوات اللاحقة لتتوقف مؤقتاً عند محطة الوحدة مع مصر في العام 1958 لتعود فتنفجر في الستينات وصولاً الى?هزيمة 1967، لتكون بعد ذلك بين حوافز حرب تشرين 1973
من قبل إقامة الكيــان الإســرائيلي فوق أرض فلسطين مشى الرجال مـن سـائر أنحـاء سوريـا للمشاركة مع إخوانهم الفلـسطينيين فـي مقاومـة المشـروع الإسرائيـلي تحـت رعايـة الانتـداب البريطـاني، باعتـباره واجـباً وطنياً، فقاتلوا معهم واستشهدوا من أجل عـروبة فلسطـين، التـي كانت وما تزال في وجدان شعبها «جنوب سوريا».
مع إقامة الكيان الوافـد قاتـل السـوريون، من داخل جيشهم الصغير، وقبله ومعـه ومـن خارجه كمتطوعين في «جيش الإنقاذ»… تركـوا وظائفهم وبيوتهم والتشكيلات الرسمـية وجاءوا من بعض بلادهم إلـى بعض بلادهم للقيام بواجبهم الوطني والقومي.
أما بعد النكبة فقــد استــقبل الســوريون أخوتــهم الفلسطــينيين «كوافديــن» وليــس كلاجئين، وعامــلتهم الدولة كمواطنين لهم حقوق أخوتهم المقـيمين جميـعاً، في التوظيف وشغل المناصب المختلفة في مؤسسات الدولة جميعاً، بما فيـها الجيش، كالسوريين تمـاماً، مـا عدا حـق الانتخاب.
أكثر من نصـف مليـون وافـد فلسطـيني يعيشون في سوريا موزعين على مخيمـات هـي أقرب لأن تكــون أحياء في ضواحي المـدن المختلفة مثل دمشــق، حلب، حمص، اللاذقية. أما سكان المخيمات كاليرموك وخان الشيح والنــيرب وحندرات وغيرها. فقد اندمجوا فــي المجــتمع الذي عاملهم كإخوة، فصار بعــضهم قــيادات حزبية وعسكرية ونجوماً فــي الأدب والفــنون (المسرح، السينما، التلفزيون) والصــحافة والقطاع الخــاص بمخــتلف مجــالات نشاطه.
عن فلسطــينيي سوريا الذين لا يختلفون عن سائر مواطـنيها إلا بأنـهم «وافــدون» ينتــظرون تحقيق حلم العودة، هــذا الــعدد من «فلسطين» التــي ستظل عربية وستظل علماً على طريق هذه الأمة يرشدها إلى غدها الموعود.