طلال سلمان

يبكي وينتخب!

أكثرية اللبنانيين معترضون على مشروع القانون الانتخابي الجديد،
لكن أكثرية اللبنانيين سيتجاوزون اعتراضاتهم ويذهبون الى صناديق الاقتراع، هذه المرة،
الطريف ان بعض من شارك في انتخابات 1992 نادم الآن على مشاركته وهو يروج للمقاطعة غدù، في حين ان أكثرية من قاطعوا قبل أربع سنوات سيقترعون بكثافة كفعل ندامة عن المقاطعة التي أضرت بهم وأفاد منها خصومهم »التقليديون«!
وفي خانة الطرافة يمكن أيضù ادراج الظواهر التالية:
} كل اللبنانيين يعتبرون مشروع القانون الجديد أشوه وأعرج ومليئù بالثغرات وربما بالمخالفات الدستورية،
لكن أكثريتهم يفصلون بين فعل الانتخاب وقانونه: لا يهم ان يكون في القانون غلط، المهم الا ينجح الخصم فيحتكر الحكم لأربع سنوات جديدة!
} من جاءت قرعته في دائرة مصغرة، القضاء، معترض، وكان يفضلها محافظة،
ومن جاءت قرعته الدائرة الموسعة، المحافظة، كان يفضلها مصغرة وعلى مستوى القضاء،
اما من جاءت قرعته موسعة وشاملة لمحافظتين، كما في الجنوب، فكان يريدهاا أوسع وعلى مستوى لبنان دائرة واحدة!
لا أحد يظهر الرضى عن وضع دائرته، لكنه سيذهب غدù »ليباطح« الخصوم و»يبطحهم«، ديموقراطيù، برغم تشكيكه المسبق في ديموقراطية القانون والتقسيم الاداري وعملية الاقتراع ذاتها!
} من أعطته »القرعة« جائزة اللائحة الواحدة معترض على القسر والتحكم وإجبار الناخبين على خيار أوحد، وتغييب حقوق الناس في حرية الترشيح وحرية المفاضلة والاختيار،
} ومن منَّت عليه »القرعة« بلائحتين (أو أكثر) يشكو من بلبلته بكثرة عدد المرشحين، لا سيما في الدوائر المحافظات، واجباره على ان »يدرس« و»يجتهد« لكي يحفظ عن ظهر قلب ما يزيد على عشرين اسمù، مع انتماءاتهم الطائفية والمذهبية والجهوية.
(مَن مِن هذه الطائفة او تلك عن هذا القضاء أو ذاك، ضمن المحافظة الواحدة..).
هل هو الشوق الى ممارسة حق الاختيار، ولو شكلا؟!
هل هو التمسك المكين بديموقراطية لم يتعرف اليها اللبنانيون الا لمامù وفي مجالات لا تؤثر كثيرù لا في القرار السياسي ولا في الدورة الاقتصادية العامة بكل وجوه الاستغلال والاحتكار والاستئثار والتحكم بالفقراء وأصحاب المداخيل المحدودة، ولا في علاج الازمة الاجتماعية المستحكمة والتي تسمم اجواء العلاقات بين »الطبقات« وشرائحها المختلفة (مع التذكير بأن اللبناني يقتل من يتهمه بالفقر حتى لو لم يكن في جيبه أجرة سرفيس أو ثمن سندويش فلافل)؟!
هل هي محاولة لاستعادة الاهلية في ممارسة حقوق الانسان؟!
هل هو »الترف« في ممارسة عادات مهجورة، كنوع من التحدي الضمني للذين سحبوا من التداول تلك العادات؟!
هل هو مجرد صراخ في بئر مهجورة لاثبات الحضور؟!
ام انه اعلان مبكر عن عودة الروح الى جسد كان مشلولا ومثخنù بالجراح، وقد بدأ يستعيد تدريجيù قدرته على الحركة؟!
ان اللبناني يتصرف وكأنه سينتخب ويبكي، او انه سيبكي ثم ينتخب.
خلف الطرائف تكمن الحقيقة التي لن يستطيع طمسها القانون الأشوه او الممارسة الشوهاء، والتي لا يحب ان يتوقف أمامها لا المشاركون بأي ثمن ولا المقاطعون لأي انتخابات ولو بأفضل قانون.
والمهرجان الانتخابي العرم ليس أفضل المناسبات لظهور الحقائق، لكنه لن يستطيع طمسها!

Exit mobile version