طلال سلمان

بين جورج فلويد في واشنطن والسيدة عايشة في كورنيش المزرعة..

العنصرية والطائفية – المذهبية بلاء قاتل لا علاج له ولا دواء الا بالتقدم الانساني وسقوط التمييز بين البشر على اساس اللون او الدين او المذهب.

أمس، في قلب بيروت، كادت شتيمة مسمومة تستهدف السيدة عائشة كريمة اول الخلفاء الراشدين (ابو بكر) وزوجة الرسول العربي محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وسلم)، تشعل نار فتنة مدمرة، مع أن الذين تجمعوا في تظاهرة مطلبية في قلب بيروت لم يكونوا بوارد النقاش الفقهي بل كانوا يهتفوا للحرية والوحدة الوطنية واسقاط الطائفية والمذهبية.

..وكان يكتفي أن يهتف موتور مدفوع الآجر، يسانده بعض المتعصبين حتى تنطلق شرارة الفتنة،  لتلتهم شعارات التظاهرات الوطنية الحاشدة والمستمرة منذ 17 تشرين الاول وحتى اليوم..

أما في مينيسوتا حيث داس بعض رجال الشرطة على رقبة المواطن الاسود جورج فلويد حتى الموت، فقد كانت تلك هي الشرارة التي اشعلت الشارع في مختلف المدن وفي سائر الولايات، بينما لم يجد الرئيس الاميركي دونالد ترامب غير أن يتسلح بالإنجيل وهو ذاهب في اتجاه الكنيسة المحاذية للبيت الابيض..خداعاً للناس وتبرئة للذات..

ولقد اشتعلت الولايات المتحدة الاميركية غضباً وخرجت جماهيرها- “بيضاء” و”سوداء” – إلى الشوارع مؤكدة وحدة الاميركيين ضد العنصرية والعنصريين، رافعة صور جورج فلويد بطل الثورة الجديدة للخلاص من العنصرية وتأكيد حتمية المساواة بين البشر بغض النظر – مرة أخرى- عن الدين او اللون او المعتقد السياسي.

في لحظة الحقيقة حرر الاميركيون أنفسهم، بيضاً وسوداً، من آفة العنصرية، والتعصب العرقي، وتلاقوا خلف نعش جورج فلويد، بوصفه “بطلهم” وتصدوا لحرس البيت الابيض وهم يهتفون “هذا واحد منا، هنا نحن جميعاً!. الموت للعنصريين والطائفيين. كلنا بنينا ونبني بلادنا.. اميركا”.

الطائفية – المذهبية والعنصرية آفتان من مصدر واحد، وكلاهما سلاح قاتل في حرب اهلية لا تنتهي، كما تعلمنا دروس التاريخ والتضحيات الغوالي من اجل التحرر والتحرير وحماية كرامة الانسان .. فلم يصبغ انسان ما وجهه بالأسود ليصير “عبدا”، كما سيطلق عليه رفاقه، ولا اختار انسان دينه او طائفته او مذهبه ليقع اسير عنصرية او فئوية او مذهبية اشد قسوة وتحقيراً لكرامته، بل هي قد تأخذ إلى القتل.

والمسافة في ما يحصل في مختلف الولايات الاميركية احتجاجا على قتل المواطن اسود البشرة جورج فلويد، وبين ما حصل بالأمس في كورنيش المزرعة – مفرق بربور، يشهد على أن التعصب ابن شرعي للتمييز العرقي او الطائفي او المذهبي.

إن التجارب الانسانية غنية بالدروس، ولن يستطيع الرئيس الاميركي ترامب طمس الحقائق برفع الانجيل بين المؤمنين بحقهم في وطنهم..

كما لن يستطيع من هتف في بيروت ضد السيدة عائشة بطمس تاريخ النضال الوطني والكفاح من اجل الحرية والتغيير.

إن الانسان واحد في اربع رياح الارض. والدين رسالة سماوية من اجل خير الانسان. ولون البشرة لا يعكس رقة الروح وطيبة النفس وحب الناس.

دعونا نثبت ايماننا بان الله للجميع، وبان خير الناس من عمل من اجل خير الناس.

ولنتعظ، ونتمثل بهؤلاء الاميركيين الذين طالما قدموا أنفسهم لنا على انهم كوبوي يقتلون دون خوف من العقاب، وها هم الآن يخافون من جثة جورج فلويد ويكادون يسقطون الرئيس الاميركي وهم يصرخون بضرورة محاسبته عن هذه الجريمة.

***** 

إن رئيساً أحمق يمكن أن يدمر أعظم بلد في العالم.

وقبل ايام افتعل الرئيس الاميركي الاحمق ترامب مشكلة معقدة مع الصين حين اتهمها  ب”تصدير” جرثومة كورونا إلى بلاده، كأنما الجرثومة يمكن أن تركب وتعلب ثم تحمل إلى المرافئ معدة للتصدير..

هذا في حين أن الصين التي ضربها الوباء في انطلاقته الأولى قد عكفت على دراسة مصادر هذا الوباء، وتركيبته الجرثومية، ثم عملت بدأب وصبر عظيم على ابتكار الدواء، قبل أن تعلن انها مستعدة لان ترسله إلى من يطلبه..

لكن الكوي بوي الاميركي دونالد ترامب، اعتبر ذلك اهانة للتقدم الاميركي، وليس مشاركة في التصدي لوباء يقتل الانسان في كل مكان، فرفض معتبرا انه “ارقى من أن يطلب مساعدة بلد متخلف كالصين”.. متناسيا انه لو قررت الصين سحب ارصدتها من مواقع الانتاج والتشغيل والمصارف الاميركية لا ندفع ترامب صارخاً بالصينيين: – ارحموني! لقد أخطأت فسامحوني، وسأجد سلاماً اعظم فتكا لمحاربتكم.. يا صفر الوجوه ! لعنكم الله!

اما عند كورنيش المرزعة في بيروت فقد تلاقى الاخوة – الاعداء من الغاضبين والمبغضين على تحييد الانبياء والخلفاء الراشدين وبناتهم وابنائهم عن معاركهم الدونكيشوتية على المناصب في السرايات والوزارات وادارات الحكم في بيروت.

إلى أن جاء من أُوفد لحرف الأنظار والانتباه عن حقيقة ما يعاني منه الجميع، الشاتم والمشتوم، بينما الخلفاء الراشدون بألف خير..

ولعل الشتامين الذين لا يعرفون الاسلام قد نسوا أن السيدة عائشة هي ابنة الخليفة لرسول الله النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وزوجته التي ارادها وطلبها وانتظر عليها لكي تصير “حلاله” و”ام المؤمنين”.

والكفرة لن يكونوا ائمة المؤمنين، مهما تلطوا بشعارات الثورة وارادة التغيير.. فتلك مهمات مقدسة تحتاج مجاهدين آمنوا بربهم فزادهم هدى..

وكم كانوا اولى بهؤلاء الهتيفة الذين لا يعرفون الدين لو انهم نزلوا إلى التظاهرات مع آلاف المطالبين بغدٍ افضل للناس جميعاً، بمن في ذلك هؤلاء الذين اضاع صوابهم الدولار فنزلوا ضد اهلهم وغدهم الافضل ليعودوا بنا إلى الفتنة…قاتل الله من اشعلها!

والامر لله، من قبل ومن بعد!

Exit mobile version