يؤرّخ البعض للمشروع الإسرائيلي في أرض فلسطين وعلى حساب شعبها، باختراع إمارة شرقي الأردن التي ستحوّلها «النكبة» إلى مملكة!
فقد ضمّت ما بقــي خارج الاحــتلال الإسرائيلي من أرض فلسطين في العام 1948 إلى عرش الأمير عبد الله، ليصــير «ملــكاً» لدولة «ثنائية» الهوية، أردنية ـ فلسطينية، تحت لواء حفيد الشريف حسين ووارث «الثورة العربية الكبرى» التي زامنتها «الأقدار» عشية وعد بلفور بإقامة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين.
لفترة، رأى البعض في هذه المملكة المدخل إلى استعادة فلسطين… في حين رأى فيها العالمون ببواطن الأمور عامل تثبيت لأركان إسرائيل، بتوفير «دولة» بديلة إن لم يكن وطناً بديلاً للفلسطينيين.
ثم كانت هزيمة 1967… ولم يعد أمام الفلسطينيين من خيار: هو منفي في وطنه تحت الاحتلال، أو هو منفي في أرضه تحت العرش الهاشمي.
كان زواجاً بالإكــراه قبلــه الطرفــان مرغمين، وإن كان وفر للملك الهاشــمي مساحة أوسع لشعب أكثر عديداً، وإن ظل منقــسماً ـ في أعماقه ـ بين «الوطن» الذي لا بديــل منه وبين «الدولة» التي تمنحه جنسية غير إسرائيلية.. أما «الأردني» فقد ضاق ذرعاً بهذا «الشريك» الذي هبــط عليه من علٍ، مزوداً بعلم أغزر وكفاءة وخبرات وتقاليد مجتمع متحضر اقتحم عليه باديته وغربته عن الدولة الحديثة.
صار الأردن دولة لشعبين. الدولة مطعون في علة وجودها، والشعبان يصعب أن يصيرا ـ في الظروف المفروضة على كليهما ـ شعباً واحداً.. لكن المؤكد أن إسرائيل كانت الرابح الأعظم، فقد تخلصت من الفلسطيني الذي انشغل بإيجاد مساحة شرعية له في الكيان الجديد، ولو موقتاً، وفي انتظار أن ينجز استعداده لمعركة العودة بالتحرير.
صارت فلسطــين التي شــطر داخــلها، أول مرة، بالاحتلال الإسرائيلي، ثلاثة كيــانات بينها حدود وحواجز عسكرية وحالة طــوارئ، هذا عدا الفلسطينات الأخرى المتــناثرة فــي الشتات.
عن العـلاقة التي استحال أن تكون، في أي يوم، سليمة بين المطرودين من وطنهم، وبين الخائفين على «دولتهم» ومكانة عشائرها فيها، هذا العدد الخاص من «فلسطين ـ ملحق السفير»…
وبديهي أننا نتحدث، هنا، عن النتائج متجاوزين الأسباب التي يعادل نسيانها فعل الخيانة.