تدخل ازمة قطر والدول الاربع (السعودية ودولة الامارات والبحرين ومصر) عامها الثالث في الخامس من يونيو حزيران ولايلوح في الافق اي اشارة الى قرب انتهاء هذه الازمة التي شقت الصف الخليجي.
وإذا كانت هذه الازمة “مفتعلة” ـ كما كتبت وقت نشوبها قبل عامين ـ فان تصرفات قطر اججت هذه الازمة من خلال اتباع سياسة “المعاندة والمناكفة” التي اشتهر بها رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ـ حين كان يناكف السعودية بعد انقلاب الامير القطري السابق الشيخ حمد بن خليفة على ابيه عام 1995.
وكان بعض الخليجيين تفاءلوا بان الازمة بدأت طريقها للانفراج وهم يشاهدون رئيس وزراء قطر الشيخ ناصر بن عبدالله آل ثاني يشارك في قمم مكة المكرمة الثلاث الخليجية والعربية والاسلامية التي دعت اليها السعودية الاسبوع الماضي.
ولكن الحقيقة ان رفع مستوى التمثيل القطري في قمم مكة الثلاث الى درجة رئيس وزراء، جاء بسبب الضغوط الاميركية على الدوحة وهذا ما اكدته قناة الـ”سي ان ان” التلفازية ، وجاء ذلك بعد ان وقعت قطر اتفاقا عسكريا مع قيادة القوات الجوية الاميركية يشان استخدام الطائرات العسكرية الاميركية للمسارات الجوية القطرية في اي عمليات عسكرية.
واعتقد ان قمم مكة الثلاث استهدفت الحصول على غطاء سياسي خليجي وعربي واسلامي لآي ضربات عسكرية اميركية قد توجه الى إيران حيث ان بيانات القمم الثلاث تحدثت عن ضرورة وضع حد لإيران.
واعتقد ان قطر انتظرت ان تحصل على موقف سعودي ايجابي تجاه خطوتها المشاركة في قمم مكة الثلاث وعدم الاعتراض على بياناتها السياسية وما حملته من ادانات لإيران.
ولكن تصريح وزير الخارجية السعودي ابراهيم العساف بعد اختتام القمة العربية في مكة والذي قال فيه “انه من الممكن الحديث عن مصالحة اذا ما عادت قطر الى طريق الصواب”، اعاد الازمة مع قطر الى المربع الاول، وجعل الدوحة تغضب وتتراجع عن موقفها الذي لم يعترض ـ ان لم نقل انه أيد ـ قرارات قمم مكة، فلو فعلا ان قطر لم تؤيد فعلاً هذه القرارات، فلماذا لم تعترض عليها مثلما فعل العراق؟
ازمة الدول الاربع مع قطر لن تشهد اي خريطة طريق لحلها في الوقت القريب، وهذا امر يزعج الدوحة رغم شعورها بانها “انتصرت” في معركتها بمواجهة الحصار الذي فرض عليها من السعودية والامارات والبحرين، فهي بأموالها استطاعت ان تجد البدائل للحصول على احتياجاتها من الكويت وسلطنة عمان وايران.
الدوحة تشعر انها ربحت سياسيا واعلاميا، فسياسيا فشلت مساعي دول المقاطعة بعزل قطر سياسيا وتهميشها، واعلاميا احسنت الدوحة استخدام قوتها الاعلامية “الضاربة” ، ليس “قناة الجزيرة” فقط، بل ايضا اقامت قنوات اعلامية مع العديد من وسائل الاعلام الغربية، خاصة الاميركية منها، التي كانت قطر تسرب لهما المعلومات حول السعودية ودولة الامارات، ويجب الاعتراف بان الرياض شعرت بانزعاج لامثيل له من قبل (لاسيما في اعقاب قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في شهر اكتوبر الماضي) وترافق ذلك مع ضغوط سياسية كان من الممكن ان تعزل السعودية لولا وقوف الرئيس دونالد ترامب وادارته مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان ودعمهم له.
وهذه جعلت الدوحة تتصرف بعنجهية ومكابرة في سياستها تجاه الطرف الاخر.
هذا بينما اكتفت دول مقاطعة قطر الاربع باتباع سياسة تجاهل قطر والعمل على عزلها سياسيا والاستمرار بمهاجمتها إعلاميا، ولكن لم تحسن هذه الدول استخدام سلاح الاعلام ضد قطر رغم الامكانات الكبيرة ووسائل الاعلام العربية القوية التي تمتلكها، وذلك بسبب اتباعها لسياسة “من ليس معي فهو ضدي”.
ولم تستطع السعودية والامارات استمالة اي من وسائل الاعلام الغربية والعالمية الكبرى ـ كما فعلت قطر ـ ويبدو ان السبب الاول في ذلك جريمة قتل جمال الخاشقجي وتقارير منظمات دوليه حول اوضاع حقوق الانسان في السعودية التي كانت قطر هي المزود الاول للمعلومات بشانها .
والتلاسن الذي نشهده حاليا بين الدوحة من ناحية والرياض وابو ظبي الذي عاد واشتعل بعد تراجع قطر عن تأييدها لقرارات قمتي مكة الخليجية والعربية يؤكد ان الازمة الخليجية لن تشهد لها حل وأنها مستمرة الى ما لا يعلم أحد الى متى؟