طلال سلمان

استعراض دموي نجاحات اسرائيلية

لا بد من شيء من الدم توكيدù للنجاح واكتمال السيطرة،
ثم انه لا بد من »مهرجان ناري« للاحتفال بدفن مؤتمر مدريد وزمن المفاوضات!
وهذا الاستعراض الدموي الذي تقوم به اسرائيل، بدءا من جبل عامل مرورù بالجيوب الثائرة داخل فلسطين المحتلة وصولاً الى مالطه وانتهاء بجبل عامل مع توسيع دائرة النار الى مشارف بيروت (جون المخلص القريعة)، هو الوجه الآخر الاحتفالي للنجاح الباهر الذي حققته اسرائيل بقيادة »رجل اميركا« فيها اسحق رابين!
ان حكومة رابين تكاد تعجز عن جني الجوائز التي تنهال عليها،
وبديهي، اذن، ان تتجاوز »روح مدريد« (وضرورات الملاينة منعù لاحراج واشنطن) لتستعيد لغة الحرب مع سوريا، مؤكدة على الاتهامات التي تلقى صدى محببù في الغرب الاميركي عمومù، كوصفها بأنها »بؤرة الارهاب«،
وبديهي ايضù ان تترك للمدافع ان تعبّر عن رغبتها في »السلام« مع لبنان،
لقد انتهى زمن التفاوض الذي لم يقم اصلا الا على مسار واحد، ثم لم يتقدم منذ البداية وحتى اليوم خطوة واحدة.
على ان مؤتمر مدريد كان ضروريù كحاضنة للتواقيع المنفردة او كمظلة للراغبين في الخروج من جلودهم طلبù للعضوية في »الشرق الاوسط الجديد«،
فلما كان مؤتمر عمان وتأكد تسليم »العرب« بالهيمنة الاسرائيلية، سياسيù ومن ثم اقتصاديù، بات بامكان اسحق رابين ان يباشر هجومه على آخر العصاة والمتمردين والمترددين: بقتل المقاومين، والتشهير بقلعة الصمود الاخيرة، سوريا، والضغط بالنار على اللبنانيين لانهم يرفضون الالتحاق بمشروع تحويل الاحتلال المؤقت الى هيمنة دائمة، وهكذا تكتمل حلقة الحصار حول الحالمين بسلام شامل وعادل ودائم.
الحرب واحدة والسلام واحد: هي اسرائيلية وهو بالتالي اسرائيلي.
واذا لم تكن تواقيع الحكومات القائمة تكفي كضمانة لهذا »السلام« فان »رجال الاعمال« الموعودين بسلطة الغد في ظل النظام العالمي الجديد، بديلاً عن العسكر وعن العائلات الحاكمة المعاقة والمعيقة، مستعدون لان يتخطوا الحكومات عطاء وارتباطù وتعميقù لركائز »التغيير الثوري« الجديد!
و»رجال الاعمال« هؤلاء نوع خاص من المخلوقات القابلة لاعادة التشكل وفق الحاجة ووجوه الاستخدام: انهم »الشعب« او »الرأي العام« او »القوى الفاعلة«، حتى طلبت اصواتهم للتعبير عن طموح الجماهير الى الاستقرار والازدهار والتقدم الذي يأتي به »السلام«، وهم »الحكم« و»الحكام« او »مراكز الضغط« عليهم من أجل مثل هذه الغايات النبيلة،
ولانهم، غالبù، بلا انتماء وبلا هويات محددة، ومعظمهم يحمل اكثر من جواز سفر، فلا خوف منهم ولا هم يُحرَجون.
مؤتمر السلام الموعود يخلق مناخ حرب جديدة. ومع ان المقاتلين قلة فسيظل السلام قرارهم، تعددت تواقيع المسلّمين من قبل مدريد بزمن طويل.

Exit mobile version