قاتل الاسرائيليون موحدين في جنسياتهم الأميركية والبريطانية والألمانية والروسية وبعض الأقطار العربية: لبنان، سوريا، العراق، مصر، اليمن، تونس، المغرب، ودول الرمل في شبه الجزيرة العربية..
ولم يقاتل العرب إلا قليلاً، معارك محددة ومحدودة، وفي ميادين محددة ومحدودة ـ غالباً من موقع الدفاع ومحاولات رد الهجوم.
أقام الاسرائيليون “دولتهم” بالحرب والدعم الدولي والهزائم العربية. لم يكن ثمة تكافؤ أبداً.
لم يذهب العرب إلى الحرب موحدين، ولو مرة واحدة. وحين توحدوا لساعات أثبتوا انهم قادرون لو أنهم أرادوا… ولكنهم فككوا الوحدة مع البشائر الأولى للنصر وتواطأ بعضهم مع العدو على الشقيق ـ رفيق السلاح ـ الشريك في المصير، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً..
وهكذا وصلوا إلى كمب دايفيد بدل أن يصلوا إلى القدس، وكاد العدو يصل إلى القاهرة والى درعا بدل أن يستعيد العرب سيناء والجولان المحتل في الطريق إلى فلسطين،
لم يعرف النظام العربي أو انه لا يريد أن يعرف، فاذا ما عرف انكر أو تجاهل، أن اسرائيل تجد نفسها قادرة ومؤهلة في غياب النظام العربي عن المعركة لإنشغاله بقمع شعبه في أقطاره متعددة الرؤوس: ملوك وامراء وشيوخ وماريشالات الهزيمة ورؤساء الانفصال.
الفضاء العربي مشاع مفتوح أمام الطيران الحربي الاسرائيلي..
والبحار العربية من المتوسط حتى بحر العرب مروراً بالخليج والجزيرة العربية بملوكها والأمراء والشيوخ والسلاطين والرؤساء، مشاع مفتوح أما الطيران الحربي الاسرائيلي والمدمرات الاسرائيلية والبوارج الاسرائيلية والأميركية والبريطانية والفرنسية، وكلها في موقع الحليف، على أن ثمة أخباراً عربية مفرحة في المقابل..
فلقد سمحت مملكة الأمير محمد بن سلمان بفتح دور للسينما والمسرح، في الرياض وبعض النواحي الأخرى على ضفاف الربع الخالي والبحر الأحمر وهذا أمر طيب.
على أن الدولة التي قامت بالحرب وتبقى بالحرب طالما عجز من استعدتهم فاحتلت أرضهم وقتلت شبابهم وشيوخهم والأطفال، عن مواجهتها وصدها والحاق الهزيمة بها، ستظل تكتشف مع كل يوم “أهدافاً معادية” يتوجب عليها تدميرها، من اجل أن تكون سيدة البحر والجو والبر، بلا منازع أو رادع.
اسرائيل هي الحرب المفتوحة على أهل هذه الأرض: تريد انتزاعها من اهلها بالقتل، بالحرق، بالتدمير، بالحرب، بالخيانة، باسترهان أهل الغاز والنفط، باستتباع الملوك والرؤوساء الصعاليك، وشيوخ القبائل الذين يرون في كل مستعمر، فرنسياً أو بريطانياً أو أميركياً أو اسرائيلياً، انه يمثلهم جميعهم، ويقاتل بهم ويحتل باسمهم فيعرض نفسه عليهم شريكاً من الدرجة الولى: لا قرار إلا معه ولا حرب إلا من أجله… وعلى هؤلاء الشركاء تحطيم “العدو” الواحد بالحرب أو بالخديعة أو بتوظيف ثروات العرب من نفط وغاز وموقع استراتيجي ضد العرب وحقوقهم في السيادة على أرضهم وتوحيد قراهم لحماية بلادهم وشعبها وثرواتها بقوة السلاح، بدلاً من قبول الخديعة وشراء الأرخص من السلاطين حتى لو كان الأغنى بذهبه الذي لم يتعب في التنقيب عنه واستثماره لبناء قوة الردع التي تحميه وتضمن له حقه في بناء غده الأفضل.
اسرائيل في ذروة النشوة بانتصاراتها هذه الأيام..
تحارب إيران في لبنان وسوريا والعراق معاً، مستغلة صراعات الداخل والغفلة، والطائفية، والقوى الداخلية المستعدة للتواطؤ معها. تضرب، حيثما أرادت وقررت، من دون رد موجع أو حساب رادع، مطمئنة إلى الانقسام العربي وهو يتعاظم ـ بلا أسباب تبرره ـ حتى تقديم الخصومة أو المكايدة مع الأخ الشقيق على العدو أو مع قاهر الإرادة، مغتصب الأرض، قاتل الأطفال والنساء والشيوخ، هادم المدارس والمساجد والكنائس وبيوت الفقراء الذين شردهم أول مرة ثم تعقبهم في ديار التشرد حتى ينسوا أسماءهم وموطنهم وأرضهم فصارت فلسطين هي الإسم والهوية والوطن والنسب والطريق إلى المستقبل.
كذلك فقد منع سموه الملكي “المطاوعة” من مطاردة السيدات والآنسات اللاتي يذهبن إلى السوق من دون “البرقع” ويحضرن حفلات الغناء لمطرين ومطربات في أماكن عامة، وكذلك بالتصفيق والصفير وحتى الزغردة فرحاً والرقص نشوة.
وانه لخبر خطير ومبهج يبشر بقرب نهاية اسرائيل.. ذلك أن هذا الانفتاح في الداخل، ترافق مع دخول الحرب السعودية على اليمن عامها الخامس..
والأخطر والأبهج أن التحالف المجيد بين المحمدين (ولي العهد في كل من السعودية والامارات)، قد قسم الدوار بين الدولتين الشقيقتين بالعدل والقسطاس: فتتولى السعودية اليمن (شمالاً) وتتولى الإمارات الجنوب… وهكذا يمكن القضاء على اسطورة اليمن التي لا تهزم، ويمكن الرئيس اليمني الرهينة في الرياض من استعادة القاب الفخامة والسيادة، حتى وهو لاجئ سياسي في ضيافة الديوان الملكي للسعودية التي تقتحم أو تحاول اقتحام الجبال ذات القمم المكللة بالثلج أو الأودية ذات الانخفاض الذي يذهب بالهواء وينشر الإحساس بالاختناق.
من يهتم اذا هاجم الطيران الحربي الاسرائيلي قواعد عسكرية في العراق؟
ومن يهتم اذا ما كان الطيران الحربي الاسرائيلي “ضيفاً” دائماً في الأجواء السورية وصولاً اليها عبر الجواء اللبنانية..
لهذا من حقنا بأن “نحتفل” بسقوط أو اسقاط طائرتين مسيرتين اسرائيليتين اخترقتا قلب الضاحية ـ النوارة.. ولم تعودا إلى منطلقهما داخل دولة العدو الأول والأخير.. لو يعرف العرب!