ها هي العروش الغنية بالنفط ومشتقاته تبادر إلى “انقاذ” الملك الهاشمي الاخير عبدالله بن الحسين فتقدم له من الدولارات ما يكفي لخروجه سالماً من ازمته الاقتصادية الراهنة، والتي ستتجدد بعد حين،
ليست هذه “شهامة” ولا هي إغاثة للملهوف بل هي عملية دفاع عن الذات على مستويين:
الاول: انه لا يجوز اسقاط عرش في الشارع، لأي سبب ومهما كانت المبررات، ولا يهم أن كان “هاشمياً” ام من اسرة من خارج الإشراف، كما حكام الجزيرة والخليج، فالكلمة الآن للدولار وليس للنسب بغض النظر عما اذا كان “شريفا” ام من اسرة أخذت البلاد بالسيف ثم جاءها النفط فزادها قوة على قوة.
الثاني: أن بلاد النفط (ومعها بلاد الغاز) لا تريد حدوداً مشتركة مع فلسطين، فذلك عبء تنوء به، ثم أن هذه المهمة تأتي في غير وقتها، فالاتجاه إلى الصلح مع اسرائيل وليس لتحرير فلسطين.. ومن الضروري أن يبقى عرش الاردن “فاصلاً” ولو وهميا او شكليا بين العدو الاسرائيلي (الذي لم يعد عدواً للممالك) وبين اصحاب التيجان المذهبة، في انتظار “صفقة القرن” بإتمام “الصلح” بين العرب، كل العرب او معظمهم، مع اسرائيل، التي ستكون شريكاً كبيراً في صنع المستقبل الافضل لمنطقة الشرق الاوسط التي كانت تعرف، سابقا، بالمنطقة العربية او بلاد العرب.
المساعدة الملكية الجديدة للهاشمي الفقير، من الورثة غير الشرعيين لأجداده، والذين اخذوا البلاد مثله بقوة الاجنبي معززاً بسيوفهم، لن تخدم لأكثر من بضعة شهور.. وهذا مقصود، اذ يجب أن يظل هذا الهاشمي معوزاً ومحتاجاً لنجدتهم، حتى لا يرفض لهم شرطا او يجادلهم في امر المستقبل وموقعه فيه، فهو ضمانة لهم بقدر ما هم ضمانة له، لأنهم لا يريدون مطلقاً أن تكون لهم حدود مشتركة مع فلسطين اليوم ـ اسرائيل الغد.
فلسطين هي المقصد، وهي المعروضة في المناقصة الدولية الآن لتحويل “امة العرب” في “وطنها العربي” إلى مجرد قطع ارض مفروزة تنتظر حسم الصراع بين القادرين على أخذها.. وجميعهم واحد لغته خليط من الانكليزية المهجنة والعبرية الجديدة، مع شيء من اللغة العربية المهجنة بلغتي المستقبل.