دخل »التمديد« خانة الفولكلور اللبناني الذائع الصيت،
صار بعض الوجبة اليومية، مثله مثل التبولة والكبة النية والقصبة النية والفتوش واللبنة بزيت والبيض بقاورمة…
وصارت له »دبكته« الخاصة وأهازيجه الخاصة بالمطربين والمطربات وضابط الايقاع والمسرح والمخرج والكومبارس والديكورات الملائمة.
بالاختصار، صار لهذا الغرض السياسي المتصل بشخص رئيس الجمهورية، »مؤسسته« التي تسعى »لخطفه« بإلحاح ملحوظ، خصوصù وان عنصر الوقت ضاغط جدù، ولا بد من اهتبال الفرصة السانحة تطبيقù للحكمة الخالدة: اذا هبت رياحك فاغتنمها!
و»مؤسسة التمديد« تتميز بالتسامح والترفع عن التعصب وتسعى بروح وحدوية لوراثة مجموع التقاليد الفولكلورية العريقة في العمل السياسي في لبنان، من دون التدقيق في مصادرها الاصلية: فلا بأس من شعار »يساري« الى جانب »مبدأ« يميني متزمت، ولا بأس من المبالغة في الاستعراب من دون التخلي عن اعتى المقولات الانعزالية، ولا مانع من شيء من الجهوية في مجال التوكيد على المصلحة الوطنية العليا.
أليس بالتمديد تتأكد الوحدة الوطنية وتطير بجناحيها اللذين كانا مهيضين فتم علاجهما حتى عادا أقوى مما كانا في الزمن الجميل؟!
بالمقابل، قامت على عجل وبشكل عشوائي ومرتبك »معارضات التمديد« التي لم تتمكن من التحول، بعد، الى »مؤسسة« لها برنامجها الواضح وتقاليدها في العمل المنسق والرؤية الموحدة لطبيعة »المعركة« بميدانها وظروفها وأسلحتها وأطرافها المتعددين.
وعلى طريقة »جوقة الزجل« انقسم »أقطاب« اللعبة السياسية (؟!) والمتدرجون في معارجها الى مناصرين ومعارضين يتوسطهم حَكَم عاقل يختم السهرة ب »ردة« يترنم بها الركبان ويتوارثها الأحفاد عن الاجداد وتدرَّس من بعد في معاهد العلوم السياسية.
والردة الحكمة الجاري الترويج لها الآن، في معسكر خصوم التمديد: »فلنحدد الخسائر طالما يتعذر علينا الربح، ولنقبل ولو على مضض بالياس الهراوي لثلاث سنوات اضافية تحاشيù او خوفù من الأعظم«… والأعظم أن نضطر الى التسليم برئيس »سوري الولاء«، مثله، لست سنوات بدلاً من ثلاث!
****
مع نهاية الاسبوع الماضي حسمت »مؤسسة التمديد« الموقف فقدمت الياس الهراوي الى الناس، علنù ومباشرة، بوصفه المرشح الاوحد لرئاسة الجمهورية!
استغلت تردد الطامحين، والحسابات المعقدة للطامعين، وسوء سيرة بعض اصحاب التجربة السابقة، واندفعت لتحوِّل »مهرجان الزهور« في زحلة الى تظاهرة انتخابية حاشدة، تتجاوز »الرد« الى التحدي المباشر فتكاد تهتف بآلاف الصور ومئات اللافتات: هل من مبارز؟! هل من مناجز؟! فلينزل الرجل بينكم الى الساحة!
لكن الجنوح الى الفولكلور كان غالبا، فاستحضرت »عدة الشغل« جميعا، بما في ذلك لاعبو السيف والترس،
وهكذا تسنى للبقاع ان يشهد »العرس الثاني« الذي يمكن نقله من الخانة الاجتماعية الى خانة التوظيف السياسي المباشر،
فمن المريجات وحتى اعلى نقطة في وادي العرايش الذي يحتضن زحلة، كان واضحا تقصد الرد على كل لافتة رفعت بتهنئة »الكاثوليكي« الياس سكاف لمناسبة زفافه من البشراوية المارونية بنت طوق، بعشرات اللافتات التي تهنئ »الماروني« الياس الهراوي لمناسبة اعلان زواجه »الكاثوليكي« من رئاسة الجمهورية الديموقراطية البرلمانية!
» عريسنا شيخ الشباب«
» لا بل عريسنا نحن هو شيخ الشباب«
» زحلة يا دار السلام، فيكي مربى الاسودي«
»ابدا، بل زحلتنا نحن هي دار السلام وفيها مربى الاسود«
ثم، فجأة، وبحركة من عصا المايسترو السحرية، تتوحد الجوقتان في ترداد الخاتمة المعبرة عن الفرح الطاغي:
» ع الضيم والله ما ننام، الموت ببوز البارودي«!
بعد ذلك تتوزع »الجماهير« على الطاولات المفروشة بالتزكة الغنية، وتدور الكاسات مبشرة بالعهد الجديد، فالسكرة تتقدم على الفكرة التي لا ضير من تأجيلها قليلا!
* * **
»مؤسسة التمديد« طلعت من »حوش الامراء« الى »حارة الراسية« ومن هناك نزلت الى »الميدان«،
فمن يبارز، ومن يناجز، ومن يقول: ها أنذا؟!