ها هو الانسان، بجبروته ومكابرته، بعواصف الفرح التي عاشها واحزان المآسي، يتهاوى امام جرثومة تتغلغل في احشائه وتلتهم اسباب الحياة فيه فتنهك صحته وقد يرحل عن دنياه التي بدل فيها اقصى الجهد لتحسين شروط حياته.
على أن هذا الانسان الجبار بإرادته، الخلاق بعقله، القادر بعلمه على تجاوز ذاته وابتكار الاسباب والوسائل التي توفر له فرصة حياة أفضل، لم يستسلم امام المرض الجديد الوافد، كورونا، بل اندفع إلى المختبرات يجرب ويحاول ابتكار العلاج، ثم، يجرب مرة أخرى فيطمئن إلى نجاحه بإمكان الانتصار على الوباء الذي اكتسح العالم، بشرقه ـ الصين اساسا ـ وغربه، اوروبا بدولها كافة، شرقاً وغرباً وبين بين، قبل أن يندفع إلى البلاد العربية محققاً وحدتها بين المحيط والخليج: من المغرب إلى قطر، ومن السعودية إلى مصر، ومن تونس إلى العراق مع محطة في لبنان الذي جاءت اليه بالمئات من مغتربيه في بعض اوروبا وافريقيا والخليج العربي التي يجتاحها الوباء.
هي لحظة نادرة في التاريخ الانساني تجسدت فيها وحدة البشر، لا فرق بين ابيض واسمر او اسود البشرة (ولو ابيض القلب من الناس).. وان استمر الحكام مستمتعين بخلافاتهم، حتى أن الرئيس الاميركي الذي ضرب الوباء الولايات الخمسين من بلاده، حاول أن يستفز الصين بالادعاء أن الوباء جاء منها، ثم لم يمانع في استقبال طائرة روسية ارسلها “صديقه” بوتين لنجدته وهو في مأزق العجز عن مقاومة هذا الوباء، بعد ما اوقف زحفه في الصين ليطير متنقلاً في اربع انحاء العالم، بما فيها روسيا التي تضاعفت اعداد الاصابات فيها.. متجاوزاً البرد وكفاءات بوتين الرياضية وبراعته في المناورات السياسية لاغية احتمالات الحرب الكونية.
الانسان هو الابقى. انه جبار في المقاومة. شرس في التصدي للأوبئة، عقله يقظ دوماً ونهمه للمعرفة ليس له حد.
بسم الله الرحمن الرحيم
“اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ “*.
*سورة العلق