طلال سلمان

عن زيارة ماكرون.. وما سمعه!

لو أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تصرف بالسهولة والبساطة والصراحة التي تحلى بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال زيارته بيروت لبضع ساعات، لأمكن الوصول إلى صيغة للحكم تنهي “القطيعة” التي يلتزم بها بعض السياسين، او تلك التي تواجههم بها الدولة فتعطل عملها ويختنق الناس في ظل هذا “الحصار” غير المفهومة اسبابه، وان كانت نتائجه اسوأ من أن تُخفى..

خلال ساعات معدودة التقى الرئيس الفرنسي معظم السياسيين في لبنان، لا فرق بين المعارضين والموالين، ولا فرق بين “المتقاطعين” كوليد جنبلاط وقيادة “حزب الله” او بين “الكتائب” و “القوات” وسليمان فرنجية وسائر المختلفين-المتفقين او المتفقين على اختلاف مواقعهم ومواقفهم.

إن “الازمة ” في لبنان أخطر من أن تترك للوسطاء البعيدين والذين لا يعرفون، او بالأحرى، لا يتفهمون اسباب الخلاف بين اهل الحكم بمن فيهم “المعارضون”.

الازمة تتجاوز التعارضات والتباينات السياسية و”المواقف المبدئية” لتتصل بخبز الناس والضائقة الاقتصادية التي يعيشها اللبنانيون وسط معارك و”خناقات” و”اشتباكات” كلامية بين القيادات المطهمة والزعامات التاريخية..

واذا كان الرئيس الفرنسي ماكرون لم يفهم اسباب القطيعة بين الحكم ومن يعارضه، فان “الرعايا” في لبنان لا يفهمون على الطرفين: فهما يتقاطعان متعارضين ويتعارضان متفقين .. اقله على “الرعية “!

على أن الرئيس الفرنسي يعرف، بالبديهة او عبر سفارته في بيروت، أن مساعدات حكومته للبنان قد تنهب، ولذلك ألح على التشدد في حمايتها متعهداً بإرسال المزيد من المساعدات.. شرط الا تنهب، او كما قال حرفيا: “حتى لا تذهب إلى الايدي الفاسدة”.

*****  

من “الطرائف” التي يمكن تسجيلها على زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون ومجرياتها أن “القادة”  في لبنان تنصلوا من الحكم والحكومة، وان بعضهم تبرأ من المسؤولية عن نهب المساعدات.. ولعل هذا، في جملة اسباب أخرى ما دفعت ماكرون إلى القول أن بلاده سترسل مساعدات عينية مع حراسة بحيث لا يمكن سرقتها، او بتعبيره الحرفي:” سنكون حريصين أن تصل المساعدات إلى اصحابها!”.

الطريف أن بعض السياسيين اللبنانيين وابرزهم وزير الخارجية السابق جبران باسيل قد سارعوا إلى المطالبة بمحاكمة المسؤولين عن التفجير وبإصلاحات دستورية سريعة.. وكأنه كان مشغولا بالخارجية عنها، او كأنهم معروفون ومشهورون ويتجولون في الشوارع والاسواق للترحيب بالرئيس الفرنسي الضيف.

كذلك فان النائب سامي الجميل طالب ماكرون بالضغط على الحكومة لكي تعمل على اجراء انتخابات مبكرة!

***** 

هل من الضروري أن نصرخ بهؤلاء: أن عهد الانتداب الفرنسي على لبنان قد انتهى منذ خمس وسبعين سنة، وهو لن يعود، لا بالرغبة ولا بالطلب.. فالدنيا غير الدنيا، واول من يعرف هذه الحقيقة هو الرئيس الفرنسي ماكرون، فالزمن لا يعود الى الخلف.. وان لم يصل إلى حد الوصف الذي أطلقه جعجع من “أن الحال بالويل”!

وشكراً لماكرون الذي منح اللبنانيين فرصة لإعادة التفكير بما جرى، وإلى الفرز بين الأصدقاء وغير المبالين من رؤساء الدول..

كذلك شكراً لروسيا التي قدمت أول مستشفى ميداني نصبت أوتاده في المدينة الرياضية بإشراف وزير الصحة الذي يتواجد على مدار الساعة في كل مكان!

Exit mobile version