كلما حانت الفرصة لان تتمظهر وحدة “الشعوب اللبنانية” وراء مطالبهم في حياة أفضل، برز غول الطائفية فالتهم وحدتهم وبالتالي مطالبهم.
لا حل “للمسألة اللبنانية” الا بإلغاء الطائفية السياسية،
.. والغاء الطائفية السياسية يهدد بإسقاط “النظام”،
وإسقاط “النظام” عملية معقدة جداً، لأنها تتجاوز “الحدود”، وقدرات “الشعب”، إلى تغيير المعادلات الدولية التي فرضت هذا “الكيان” الذي يفتقر إلى اسباب الحياة والاستمرار الا بالارتكاز إلى توازنات محددة في الوضع الدولي، ليس بالإمكان توفر وجودها في المدى المنظور!
ليتظاهر المقهورون والغاضبون والعاطلون عن العمل والمطالبون بالعدالة إلى ما شاء الله، فالنظام اقيم من خارج ارادتهم، ولمصالح دولية لا تعترف بهويتهم، بل تتعامل معهم بما يفرقهم ويضع بعضهم في وجه البعض الآخر.
مستحيلة هي وحدة “شعب” اقيم كيانه على اساس انه “طوائف”، لها “تراتبية” محددة، أي اخلال فيها يتسبب بحرب اهلية، لأنه سيتبدى وكأنه انتصار لطائفة على طائفة اخرة، وليس انتصاراً لشعب موحد على نظام فاسد ومعادٍ لمطالب هذه المجموعات الطامحة لان تكون شعباً واحداً في وطن واحد.
كان النظام “مصنوعاً” لمصلحة “الدول” التي ابتدعته لتبقى في المنطقة، بذريعة حماية الطوائف: فرنسا للموارنة والكاثوليك، بريطانيا للدروز، روسيا للأرثوذكس، تركيا (العثمانية) للسنة، اما الشيعة فعلى باب الله..
…ولقد اختلف الزمان، فتهاوت “الدول الضامنة” بعد ما تم توطيد اركان النظام، واغتال عجز القيادات المبادئ الثورية والافكار الجامعة، وتهاوت قضية “الوحدة” باعتبارها الطريق إلى المنعة وحفظ كرامة الأمة، بدولها المبتدعة وشعبها المقسم قسراً بالطائفية والمذهبية..
وأقيمت في المنطقة دولة معادية ليس “شعبها” منها، ولا اساس لوجودها في التاريخ، مستندة إلى الرعاية الاجنبية (بريطانية في البداية ـ وعد بلفور، ودولية جامعة في ما بعد وحتى تاريخه..) فعم وباء الطائفية والمذهبية فضرب المنطقة جميعاً منذراً بتحولها إلى مجموعة من “اللبنانات” التي يناقض وجودها التاريخ والجغرافيا ويهدد باغتيال المستقبل.
..والحل اكبر من لبنان والفتية الشجعان الذين ينزلون إلى الساحة موحدين ثم يجدون من يفرقهم بالسياسة لا بالأمن!.