في لقاء مع مسؤول عربي عتيق وعريض التجربة رد على السؤال بسؤال:
» ولماذا القمة العربية؟! القمة لثلاثة أهداف: سياسية واقتصادية وعسكرية… فأما سياسياً فلسوف ننتهي بمناشدة الولايات المتحدة الأميركية العودة إلى ممارسة دورها (وضغوطها) كراع »لعملية السلام«، مع وعينا الكامل بأن واشنطن كلينتون غير قادرة، حتى لو رغبت، على إحياء ما قد مات فعلاً!. وأما اقتصادياً فلا دولة تستطيع أن تمد يدها بالمساعدة للدول الأخرى، والدول التي كانت غنية تعاني عجزاً في موازناتها وتستدين بالمليارات… وأما عسكرياً فلا مجال، بعد، للحديث عن مواجهة عسكرية مع إسرائيل!! بل لقد تعذرت حتى المواجهة السياسية فهل تستطيع مصر، مثلاً، أو الأردن، ناهيك بالسلطة الفلسطينية أن »تقطع« أو تلغي اتفاقاتها مع إسرائيل؟!
لا مجال للقاء عربي، إذن، على مستوى القمة، إذ لا مجال لتجديد الاتفاق العربي على الأساسيات، فكيف كان يأمل العرب بانتزاع قرار جديد من مجلس الأمن الدولي حول »عروبة القدس الشرقية«، ولو في سياق التأكيد على قرارات سابقة؟!
إن العرب يناورون وظهورهم، مثل وجوههم، مكشوفة.
هم عاجزون عن القرار في الأبسط من شؤونهم، فكيف يطلبون من غيرهم ما لا يستطيع معظمهم الالتزام بتنفيذه؟
بالمقابل فإن »الشريك الإسرائيلي« المفضّل عربياً، شيمون بيريز يتباهى بينما هو ضيف ملكي في عمّان »بأن الخيار النووي الإسرائيلي هو الذي أوصلنا إلى أوسلو«..
القوة تصنع القرارات، وتفرض الاتفاقات، أما الضعف فيذهب بما في يدك من الأولى، وما وقَّعت بالإذعان من الثانية..
وها هي روسيا الاتحادية، وقد كانت إلى ما قبل سنوات قليلة، أمبراطورية عظمى، تقف على باب البيت الأبيض متسولة الإعانات والهبات والصدقات، بعدما استنفدت حيز القروض، بينما يقف رئيس القطب الكوني الأوحد بيل كلينتون على باب الصين القوية مقراً بنظامها السياسي »المعادي« مسلِّماً بخيارها الاقتصادي المختلف، بسبب نجاحه، عارضاً عليها الشراكة في الهيمنة على عالم القرن الحادي والعشرين.
وليس المطلوب من الدول العربية أن تكون مثل الصين، ولا هي تستطيع حتى لو أرادت،
لكن المطلوب أن تلتقي من حول مصالحها المباشرة، اقتصادياً وسياسياً، لتؤكد وجودها كمفاوض، ولتوظف قدراتها الحقيقية التي طالما تغنينا بها (البشر، والموقع الجغرافي والثروات الطبيعية، والسوق الاستهلاكية الفسيحة الأرجاء الخ) من أجل انتزاع الاعتراف بها، كطرف له وزنه وله قضاياه المحقة وله مطالبه المشروعة، خصوصاً وقد سبق للمجتمع الدولي أن أقر بها، والتزم بحمايتها، معنوياً، على الأقل.
إن العرب لا يلتقون، والقمة متعذرة بل ربما مستحيلة حتى إشعار آخر.
وطالما تعذر التلاقي، مجرد التلاقي، في ما بينهم، فمن أين لهم الحق بأن يطالبوا العالم بالتعامل معهم كوحدة أو كطرف موحد؟!
ومع استمرار فرقتهم فإن ضعفهم سيتفاقم مهدِّداً إياهم بالاندثار، سياسياً، مؤكداً خضوعهم للهيمنة الإسرائيلية، وليس للإرادة الأميركية فحسب،
حتى تطرف نتنياهو لم يجمع العرب حول موقف،
فكيف نطالب دول العالم بالاجتماع حول ما تخلينا عنه؟!
وإذا كان الخيار النووي الإسرائيلي قد أوصلنا مع بيريز إلى أوسلو فإلى أين سيوصلنا »الرجل الذي أرهب العالم« بنيامين نتنياهو؟!