تسلى اللبنانيون خلال الايام القليلة الماضية بأخبار “المونديال”، ونقلوا صراعاتهم “الفكرية” و”السياسية” إلى الملاعب الفخمة في الانحاء الشاسعة للإمبراطورية الروسية المتجددة بقيادة بوتين..
لم يكن للبنان فريق في المونديال… ولقد لعبت الفرق العربية المشاركة ما وسعها الجهد، لكنها سرعان ما خرجت من هذا الحفل الرياضي الدولي واحدة اثر الأخرى، وعادت إلى بلادها مرفوعة الرأس بأنها قد شاركت واجتهدت وحاولت ولكن التحدي كان اقوى من استعداداتها..
*****
لكن الاحقاد المحلية غلبت في بعض الحالات على العقل والمنطق، وصب الجمهور المصري، مثلاً، غضبه على فريقه الذي لعب بشكل مقبول ولكنه ووجه بفرق اقوى نشأة منذ الصغر وأحسن تدريباً… وتأكد للمرة المليون أن هذه اللعبة ذات الشعبية العارمة، والتي كانت، ذات يوم، لعبة الفقراء، وبالذات اولئك الآتين من الشوارع الخلفية في مدن البرازيل والارجنتين والمكسيك، هي ـ ككل رياضة ـ باتت رياضة مكلفة، لا بد من اختيار لاعبيها من بين الاصحاء جداً، محترفي الرياضة، المواظبين على التدريب، فضلاً عن جودة التغذية، والالتزام الصارم بقواعد إعداد الذات لمواجهة “الخصم” بالعقل قبل الاقدام، وبحسن التدريب وصرامته،
اننا، يا العرب، نتصرف وكأن الفوز في المباريات، حتى الدولية، ضربة حظ.. ويحكم الرعب من الفشل، وبالتالي العقاب، حركة اللاعبين..
كمثال، فقط، كانت الحملة على الفريق المصري الذي شارك في مباريات كأس العالم ظالمة جداً… لكأنما كان المطلوب من اللاعب الممتاز محمد صلاح أن يكون ماشيستي الجبار، وان يحل محل الفريق جميعاً، ومعه المدربين، والاندية التي ينتمون اليها ويلعبون لها..
للمناسبة، اسعد اللبنانيين اختيار محمد صلاح بيروت لتمضية اجازة قصيرة.. وشغل وجوده الشبان والكبار الذين حاولوا، عبثاً، لقاءه وتهنئته والاحتفاء به، بمن في ذلك السفير المصري… لكن الزيارة ظلت “سرية” ولم يلتق هذا اللاعب الممتاز الا من اسعدهم الحظ بإحدى المصادفات..
على امل أن يكون لنا، نحن العرب، أكثر من فريق ممتاز من وزن محمد صلاح ووطنيته وبساطته التي لم تفارقه وكذلك ابتسامته التي تكشف سمرته!