تكشف نتائج الإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية أن “عصر الكاوبوي” على وشك أن ينتهي إن لم يكن قد انتهى عملياً، بعد الفضائح المخزية التي ارتكبها المضارب في البورصة… ترامب.
الهياج، الزعيق، محاولة تركيب الصفقات الأخيرة، استخدام المال الإنتخابي بغزارة، تصرفات السوقة والمضاربين في البورصة إذا ما هددتهم الخسارة. كان أمام جموع المهتمين من متابعي هذه “الحرب الإنتخابية الصاخبة” والمثيرة نموذجان: مضارب يهمه أن يربح بغض النظر عما يمكن أن تكلفه هذه المضاربة؟ ورجل رزين يتعامل مع الناس، الناخبين باحترام وتهذيب. حتى لقد لاقى البعض في مسلكه وفي تصرفاته إجمالاً وفي ردوده غير المباشرة على “هوبرات” ترامب ما ينم عن التهذيب واحترام “الآخر” حتى لو كان خصماً، والإبتعاد عن المهاترات ولغة الشتائم والهوبرات الفارغة.
على هذا يمكن، وبسرعة، تسجيل الملاحظات الآتية على المباراة بين ترامب وبايدن.
اولاً- كان غرور ترامب يعميه، فلا يستمع لنصائح فريقه ولا يأبه للخفة في التصرف أو الكلام. بالمقابل كان بايدن في مواقفه وكلماته وتصرفاته عموما مثال “الجنتلمان.
ثانيا- “خرّب” الرئيس الاميركي المنتهية ولايته بداية العام 2021 دونالد ترامب تماسك جماعته وحقّر وأقال العديد من معاونيه وكبار الموظفين في الادارة.. إدارته!
ثالثا- كان قليل التهذيب، سليط اللسان إلى الفجور، خصوصاً مع تحققه من خسارته.. وهو قد فصل ثلاثة أو أربعة من أركان إدارته في عز احتدام المعركة الرئاسية.
في أي حال، يمكن تقديم التعازي إلى مختلف المسؤولين العرب، ملوكاً وامراء ووزراء، ذهبوا إلى البيت الأبيض في واشنطن على معاهدات الصلح مع العدو الإسرائيلي، وبيقين ثابت أن ترامب سيفوز في هذه الانتخابات ليستمر رئيساً للعالم لأربع سنوات إضافية.. لم يتريث هؤلاء المتعجلون، وذهبوا بالأمر إلى “مركز العالم” في واشنطن.. وقامروا فخسروا، لكنهم أغنياء بل أصحاب ثروات خرافية لن تؤثر فيها مثل هذه الخسارة.
…ثم، من قال أنهم اصحاب مواقف تستند إلى مبادئ، وأنهم يهتمون بالرأي العام في بلادهم… ثم أن الذهب يمكنه أن يشتري الرأي العام والآراء الخاصة.. و”الذهب أصدق أنباء من الكتب”!
ثم من قال أن الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن سيتوقف أمام هذه الصغائر الصادرة عن ضعاف النفس أو الذين لا يقرأون موقف الرأي جيداً … هذا قبل السؤال عن علاقتهم بالرأي العام، سواء في بلادهم، وهو معدوم، وفي هذه الواسعة الشاسعة ذات ملايين الملايين من الناخبين، وهم يتحدرون من أرومات كثيرة: فيهم المن أصول بريطانية وأصول فرنسية وأصول إيرلندية وأصول إفريقية وأصول عربية.. فضلاً عن اليهود والبروتستانت والأرثوذكس والأقليات المسلمة.
*****
وإذا كان الأميركيون الذين انتصروا ببايدن (وخلفه الرئيس الأسبق أوباما، ومعه المرشحة لمنصب نائب الرئيس كامالا هاريس). إنه درس جديد في الديمقراطية تأتينا من أعتى نظام عنصري ودموي، يحتقر الفقر والفقراء ويمتهن كراماتهم ولا يعترف أو يحترم إلا القوة… إلا في مناسبات قدرية لفوز باراك أوباما برئاسة الولايات المتحدة الأميركية، أو بهذه الانتخابات التي فاز فيها بايدن من كان نائباً للرئيس أوباما، ثم تلك الجميلة التي تختلط في دمائها أصول كثيرة!.