تتعامل الطبقة السياسية، وبحسب منطوق النظام الطائفي، مع “الخيانة” على أنها “وجهة نظر” وليس على أنها جريمة بحق الوطن وشعبه.
ثم أن “الخيانة” عند أهل هذا النظام تكتسب معناها ودرجة خطورتها من خلال تحديد الطرف المستفيد من هذا “العميل”، فإن كانت “الجهة” المعنية دولة عربية غنية بالنفط والغاز، فهو مواطن صالح، كان يعمل لمصلحة وحدة العرب.. أما إن كانت الدولة المعنية “أجنبية” فإن الحكم عليه يراعي مكانتها وتأثيرها على اقتصاد البلاد وأسباب رزق الناس.
وإذا كان انتشار وباء كورونا قد غطى نسبياً على فضيحة سحب “المجند” الإسرائيلي ـ جزار معتقل الخيام عامر الفاخوري، فإن دوي محركات الحوامة الأميركية التي جاءت إلى حيث السفارة الأميركية، في محلة عوكر، سيظل يملأ الأفق، ناشراً علامات الاستفهام والاستفسارات المعلقة في الفضاء المفتوح أمام الطائرات التي تزينها النجوم الخمسين!.. وصورة زعيم العالم الحر دونالد ترامب، يعلن “صفقة القرن”، وإلى جانبه الرئيس السابق ـ واللاحقّ بنيامين نتنياهو منتشياً وهو يسمع حليفه وراعيه وداعمه في سعيه لتوسيع مساحة دولة العدو، مع فرض التنقل تحت الأرض على أهل البلاد الذين كانوا أهلها على مر التاريخ.
هل تحتاج “إسرائيل” الدولة التي لا تفتأ تتوسع طاردة أهل البلاد الذين كانوا دائماً أهلها، إلى هذا العميل عامر الفاخوري الذي أثبت كفاءة نادرة في تعذيب من كانوا أهله الذين اندفعوا يقاومون المحتل الإسرائيلي لتحرير بلادهم.
هل تحتاجه دولة العدو الإسرائيلي في مهمة أخرى ضد أهله، بتسهيلات استثنائية وتغطية مباشرة من البيت الأبيض الذي احتفى سيده دونالد ترامب بهذا الإنجاز التاريخي المتمثل “باسترداد” العميل الفاخوري… في حين انتشر دخان الطائرة على وجوه العديد من كبار القادة ومشاهير السياسيين في البلاد التي تحمل بعض زعاماتها التاريخية دمغة التعامل مع العدو الإسرائيلي في حين تحمل الآن شهادة التفوق في الارتهان لهذا العدو بعدما أجبره مجاهدو المقاومة ـ وهي تصيح بضحايا معتقل الخيام، بل بالشعب اللبناني جميعاً: ها قد عدنا، واستعدنا من تعاون معنا مخلصاً.. بفضل أكثر من زعيم في بلادكم… ولتذهب مقاومتكم إلى الجحيم! فقد مضى زمانها في العصر الأميركي!..
ولن ننسى، ولن نغفر!