مع فجر الاثنين رحل عمنا أبو علي محسن سلمان.
بعد العيد مباشرة، وقبل أسبوع، التفت من فراش مرضه الى أهل بيته وقال: أنا الآن جاهز. انهم ينادونني وعليّ أن التحق بهم.
وكان ذلك آخر ما قاله عمنا ابو علي محسن، وأمس ذهب الى موعده مع أشقائه الذين سبقوه: الحاج محمد (ابو توفيق) وابراهيم (ابو طلال) ومهدي (ابو فوزي)، والأسبق الذي رحل مبكراً جداً منهم علي (ابو أحمد).
لا يكتب النعي عادة في الرجال الطيبين، بسطاء خلق الله، الذين يعيشون مع الناس، يحزنون لأحزانهم، يشاركونهم أفراحهم، يتمنون لهم الخير ويدعون للمحسنين في صلواتهم، يخافون الله ولا يحلِّون الحرام ويلتزمون جانب الحق ولا يتقاضون عن جهدهم إلا القرش الحلال، ولا يطمعون في رزق الغير.
آخر أعمامنا، محسن، كان واحداً من هؤلاء الذين عاشوا حياة طبيعية، تبدأ بطلب »رضا الله والوالدين« وتنتهي بشكر الله على رزقه، ولو قليلاً، طالما أنه يجنبهم الحاجة الى الغير.
من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال، ومن جورة الترمس الى الهرمل عاش العم محسن حياة »الدركي« المجتهد في تنفيذ القانون من غير ان يلحق بالمظلومين والفقراء والمحرومين مزيداً من الظلم.
وعندما تقاعد ظل يملك ثروة عظيمة من الأصدقاء في كل ناح من بسطاء الناس أمثاله.
النعي يوجه عادة لأصحاب الألقاب المفخمة،
أما عامة الناس، وهم ملح الأرض، فيرحلون كما جاءوا وكما عاشوا ببساطة، وتستقبلهم الأرض التي أحبوها وأعطوها عرق الجبين بحب كالذي ربطهم بها طيلة العمر.
في مثل هذه اللحظات يرفرف الحزن كثيفاً لا يخفف منه الا الايمان والا الذكر العطر للفقيد الراحل.
عليهم سلام الله جميعاً،
والحمد لله، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
طلال سلمان