»الزعبرة« من التقاليد اللبنانية العريقة،
و»الزعبرة« أقل من التزوير وأكثر قليلاً من الكذب الأبيض،
والانتخابات هي موسم »الزعبرة« الجماعية، حيث يتبارى في ميدانها المرشحون والناخبون، السلطات والمعارضات، »المفاتيح« و»الصناديق«، »المراقبون« من موقع المندوبين و»الحرس« من موقع المفوضين.
الناخب »يقدّر« ان المرشح يبيعه كلامù، فيبيعه من بضاعته،
ولكن هذا »الناخب« إن تيقن انه يستطيع ان يربح »كميون زفت« فلن يتردد في »تبييض« الوجه حتى »تسود« الطريق أمام بيته!
ولأن »مرشح الزفت« يتقن فن »الزعبرة« فإنه لا يضع على الطريق منه إلا ما يخدم فترة »المعركة«، فلا تعلن النتائج إلا وتكون آخر حبة سوداء قد »طارت« مع رصاص الابتهاج.. سواء أصدر من بيته أم من بيت »الخصوم«!
الناخب »يشم« رائحة المال في »المعركة«، ويفهم ان المال سيغرق الديموقراطية بأوراق غير تلك المعدة لإدخالها الى الصندوقة السحرية.. وهكذا »يزعبر« فيأخذ »ورقة« من »الصندوق« مقابل »الورقة« التي سيضعها في »الصندوقة«.
الناخب »يفهم« على السلطة بالإشارة، فإن كانت قوية تهيَّبَها والتزم بدافع الخوف والرهبة و»زعبر« على ضميره، فأضاف اسمù او اسمين،
ومرشح السلطة، عادة، »زعبرجي بريمو«، ولذلك يكتفي باسمه على حساب رفاق الطريق الذين قد يذهب من بعد »لتعزيتهم« مهاجمù قلة الأخلاق وانعدام الوفاء عند »ناس هذه الأيام«، ويبادلونه هم التحية بمثلها.
السلطة تعرف ان المعارضين طامعون بالمقاعد المشغولة بأهلها، ولذلك فهي »تزعبر« بالترويج لعلاقة الخبز بالاستقرار، و»تزعبر« باختراع مهمات وهمية تتطلب زمنù مفتوحù، و»تزعبر« فتتهم الطامعين بالإعداد لانقلاب ووأد الديمقراطية،
والمعارضون يعرفون ان أهل السلطة مثلهم طمعù ولذلك فهم »يزعبرون« فيحملون رايات تتكاثف عليها كلمات خطيرة مثل »إرادة الشعب« و»الحرية« و»النزاهة«، و»استغلال النفوذ«، وتتصادم الزعبرة بالزعبرة، ويكون النصر كالعادة للأقوى!
كل يستعير من الآخر لغته، وأحيانù يستخدمون الكلمات ذاتها وإن بدلوا في مواقعها من الجملة،
ثم ان »الدول« »تزعبر« فتزعم انها »لا تتدخل في الشؤون الداخلية«، بينما سفيرها في الحمام الملحق بغرفة نوم الحاكم، او في مطبخ هذا او ذاك من »زعماء المعارضة«، بحسب تأصل وجاهته، وتصريحاتهم المتلفزة تحض على المشاركة بزعبرة واحدة أو زعبرتين لا فرق، فالمهم ان يزيد عدد المتورطين في الزعبرة دعمù للنظام العالمي الجديد!
وها قد افتُتح الموسم، وعُلِّقت صور طوائف اهل »الزعبرة« فوق رؤوس الذين لا يملكون تكاليف طبع الصور الملونة، لكنهم »يزعبرون« فيمزقونها وينزعونها عن الحيطان والأعمدة متذرعين بأنها محفورة فوق ألواح صدورهم.
هل فرغت من تشكيل قائمة »الزعبرة«؟!
أم تنتظر »السوق« وسعر الإقفال »لتزعبر« على الآتين »ليزعبروا« عليك في السعر؟!
»زعبروا«، فإن الانتخابات نعمة لا تدوم..