طلال سلمان

التحالف..مقدس الأن!

بتوفيق من الله سبحانه وتعالى، تمّ إغلاق الدائرة بلقاء مجدَّد بين الدين والدنيا، فوئدت الفتنة في مهدها وسَلِم لبنان دولة وشعباً ومؤسسات… له الحمد، وليتقدس إسمه ولتكن مشيئته كما في السماء كذلك على الأرض!
لقد انتصرت قضية الحرية، وسيلعلع صوتها بكل »اللغات« الإسلامية والمسيحية: الكاثوليكية والشيعية، الأرثوذكسية والسنية، المارونية والإسماعيلية، البروتستانتية والزيدية الخ…
لا حدود ولا سدود ولا قيود بين أصحاب الرسالات، الأرضية منها والسماوية.
الخلاف حول الآخرة يستطيع أن ينتظر نهاية الجدل المفتوح منذ بدء الخليقة، أما الاتفاق حول الدنيا فواجب فوري تفرضه الشرائع والمصالح معاً.
الإعلام الرسمي هو الإعلام الديني، والإعلام الديني هو الإعلام الرسمي، في دولة الطوائف والمذاهب وحكّامها »العلمانيين« الآخذين بالنظام الجمهوري الديموقراطي البرلماني!
مَن قال إن المؤسسة الطوائفية خارج الدولة الطوائفية، وإن أهل الدين خارج ما تعارف الناس على تسميته مؤخراً »تحالف السلطة والمال«؟!
* * *
اكتملت الدائرة، وتمّ إفراغ الشارع من المنادين بالحرية!
ليذهبوا إلى المساجد والكنائس فهناك يكونون أحراراً كمؤمنين، أما في الشارع فسيكونون »مشاغبين« تواجههم شرطة مكافحة الشغب.
كأنما كانت حرية العبادة، أو حرية المعتقد الديني هي الموضوع!
أو كأنما اتهم أحد من الناس السلطة في ولاء رجالها لطوائفهم ومذاهبهم، أو جادلهم حول الآخرة وآلية الحساب فيها!
الآن تمّ إخراج الناس من الدين والدنيا،
للدين أهله يتولونه ببركاتهم،
أما بركات الدنيا فلأولياء الأمر الذين فرض الله عز وجل على الناس أن يطيعوهم وإلا كانوا من القوم الكافرين!
صار النقاش خارج السياسة، إذن.
مَن يعترض على »مقسِّم الأرزاق«، الذي يعطي مَن يشاء ومتى يشاء بغير حساب؟!
ولا بأس أن يكون لأهل الدنيا ضعفا حق أهل الدين فكل بمن معه..
وعلقت الحلول للمسائل المطروحة حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً!
لا حل للأزمة الاجتماعية بكل مفاعيلها (السكن، الاستشفاء، الأقساط المدرسية، تكاليف الحياة اليومية) خارج دائرة الإيمان.
غداً متى استعاد الاعلام الديني حريته!! فسيجد كل مواطن خبز عياله أمام باب مسكنه، أما أعباؤه الأخرى فتسقط عن ظهره مع انتهاء خطبة الجمعة، أو عظة الأحد، ويعود إلى منزله منتعشاً مستبشراً بفضل التواشيح أو التراتيل التي تسحر الألباب!
للركود الاقتصادي »حجاب«،
أما أبطال الصفقات و»حرامية المال العام« فلسوف تطاردهم اللعنة حتى يوم الحساب!
وأما العجز في الموازنة فأمر مقدّر ومكتوب ولا يمكن سداده إلا بتوفيق من الله سبحانه وتعالى وهو رزاق كريم ويستجيب للداعي إذا دعاه!
* * *
ليست هي الصفقة الأولى ولن تكون الأخيرة بين »مراجع« الدين والدنيا.
أصحاب العمائم والقلنسوات يباركون أصحاب السلطة وإنجازاتهم الطاهرة،
وأصحاب السلطة يردون لهم الجميل بتكريس دورهم كشريك في السلطة، له حق الرأي كما له حصته المقدسة في المنافع التي تحتاجها »الرعية«.
خارج الطائفة أنت لا أحد،
أما داخل الطائفة فأنت صاحب حق شرعي في المنصب كما في الصفقة، في الجاه كما في الرزق.. الحلال!
مَن خرج من طائفته خرج من الدولة وعليها،
ومَن دخلها أدخلته السلطة إلى نعيمها الأرضي!
والحرية هي المسافة بين طائفة رجال الدولة ودولة رجال الطائفة!
وهي مسافة لا تتسع لا للحزب ولا للنقابة ولا حتى لرابطة المعلمين، فكيف بالسياسة، معاذ الله، وأهل الفتنة من السياسيين؟!
فكن مع الله ولا تبالي، له الأمر من قبل ومن بعد وهو على كل شيء قدير. آمين!

Exit mobile version