المشهد السياسي في لبنان، بالرئاسة الأولى، والمجلس النيابي الذي يغيب حتى يُنسى، فاذا حضر فإنتاجه “كلمات كلمات كلمات”.. والحكومة المؤتلفة على خلاف، او المختلفة على اتفاق، يثير من الحزن أكثر مما يثير من الشفقة على “المواطن” الذي تتعاظم همومه، ويشغله القلق على ابنائه الذين يغادرون فلا يرجعون، فضلاً عن مشكلات حياته اليومية (بلا كهرباء الا بالثمن، وبلا ماء في بلاد الالف نهر ونهر الا عبر الصهاريج بالثمن)..
ولقد كانت جلسات مناقشة الحكومة (بعد صمت طال واستطال حتى نسي الناس امرها) طريفة، ظريفة، حافلة بقفشات “الرئيس”، والخطابات التي تؤكد الحضور في ظل الغياب، واستذكار هموم الناس للمزايدة، ومعارضة بعض الوزراء لحكومتهم، والعديد من النواب لتغييبهم عن القرار المعلق في سماء الهيمنة الاميركية..
علت اصوات “النائبات” لابسات الابيض والكاكي، المعترضات على “ذكورية” المجلس والحكومة.. وحجبت الثقة زوجة “الحكيم” من دون ممارسة الطب، وإن تميز بالجراحات التي لا شفاء من آثارها.. على رغم أن لحزبها اربعة وزراء او يزيد..
لم يكن جمهور المتابعين على شاشات التلفزيون كثيفاً.. فهم قد ضجروا من امثال هذه المبارزات الخطابية التي لا تعني شيئاً.. فالثقة مضمونه، اذ لا بديل من هذه الحكومة العاجزة في دولة مفلسة وغارقة في الديون الداخلية والخارجية، ومصرف لبنان فقد حاكمه براعة اللعب بالثلاث ورقات، لان الكل يستنجد به ثم ينساه، والحكومة تستدين ثم تطالبه بسداد الدين.. وهو لا يملك أن يطرح الثقة بالحكومة لأنها هي هي الثقة بشرعيته لأنه “مرجعها” الاول والاخير، نظرياً، اما عمليا فلهذه الحكومة الف مرجع ومرجع، في الداخل بعضها وفي الخارج اكثرها وأخطرها..
المهم اننا اكتشفنا أن لدينا مجلساً للنواب يعمل بمعدل عشر ساعات في السنة، ويناقش حكومة منقسمة على ذاتها ومجلس الوزراء معطل بسبب حادثة قبرشمون لبطلها الوزير الجوال في الداخل بدل أن يمارس دوره كوزير للخارجية..
والدنيا صيف.. من له الهمة و”الخصية” لكي يعمل.. أما الحكي فسهل على الذين حرموا من منبره شهوراً طويلة، وجمهورهم مشتاق إلى سماعهم يشكون اليه همومه… فيزيدون من هذه الهموم!
يمكنك أن تضحك.. ولو كان ضحكاً كالبكاء!