لكي نفهم حقيقة ما لاقاه الرئيس الاميركي دونالد ترامب في الكيان الاسرائيلي من حفاوة في الاستقبال، لا بد أن نعيد قراءة نتائج قمم الرياض التي اجتمع فيها من لم يسبق لهم التلاقي من قادة العرب والمسلمين.
والحقيقة هي أن المكاسب الاسرائيلية من تلك القمم (على الواقف) والتي انعقدت واختتمت في يوم واحد، هي أعظم وأخطر مما جنته اسرائيل من حروبها على العرب (والمسلمين) على امتداد ستين سنة او يزيد.
صحيح أن المكاسب المالية كانت للإدارة الاميركية، وان كان فيها حصة وازنة لإسرائيل، لكن المكاسب السياسية كانت اولاً وأساساً لإسرائيل.
فليس أمراً بسيطاً أن يستبدل “قادة العرب والمسلمين” عدوهم التاريخي الذي يحتل ارضهم ويسترهن ارادتهم، اسرائيل بإيران، وان يصنفوا هذه الدولة التي كانت إلى قبل ايام، “شقيقة” أو “صديقة” في خانة “العدو بالمطلق” وان يتعهدوا بمحاربتها داخل حدودها وحيثما كان لها نفوذ في أربع رياح الارض، وفي دنيا العرب على وجه الخصوص
كذلك فليس امراً بلا دلالة أن يذهب الرئيس الاميركي إلى حائط المبكى وعلى رأسه القلنسوة اليهودية، ويقف خاشعاً، وان يدس في ثقب في الحائط العتيق ورقة كتب عليها تمنياته.. ثم أن يذهب في اليوم التالي متعجلاً إلى بيت لحم ليلتقي رئيس السلطة التي لا سلطة لها على أي شبر من فلسطين ليعود فيصحب نتنياهو إلى متحف المحرقة اليهودية، حيث ادعى رئيس الحكومة الاسرائيلية أن الارض الفلسطينية هي ارض اجداده واجداد الاجداد..
انها النتيجة المباشرة الاولى لقمة الخمسين دولة عربية واسلامية، التي انعقدت على وقع رقصة “العرضة” في الرياض، والتي جنى منها ترامب اكثر من ثلاثة آلاف مليار دولار، ستمكنه من أن يتغلب على الازمة المالية التي تعاني منها بلاده، في ظل رئاسته الميمونة..
آلاف المليارات العربية لترامب، عشية سفرة في خط مباشر من الرياض إلى مطار اللد في الارض الفلسطينية المحتلة، بينما مئات المعتقلين الفلسطينيين يواصلون اضرابهم عن الطعام والشراب في السجون الاسرائيلية، فلا يستذكرهم المؤتمر العربي ـ الاسلامي الفخم بكلمة، وينسى محمود عباس الاشارة إلى موضوع اعتصامهم وصيامهم… بل يذهب الجميع إلى موائد الطعام والشراب حتى التخمة ثم يتجشأوون ويحمدون الله على نعمته، وليصم المعتقلون الفلسطينيون إلى ما شاءالله، فالصوم صحة، وأقصر طريق إلى الجنة!
كم من ترليونات الدولارات العربية ستكون حصة اسرائيل، وفي أية حروب ضد العرب بالعنوان الفلسطيني ستنفقها، فضلاً عن توطيد الامن والاستقرار في الكيان الصهيوني، والأخطر: من اجل أن تفتح الطريق امام اسرائيل إلى انحاء الوطن العربي كافة من بوابة ارض الاسلام المقدسة.
اننا نشتري الهزيمة بالثمن..
اننا نشتري المهانة بالذهب،
اننا نشتري التحقير بالمقدس في ارضنا، كما في وجداننا..
ومن حق نتنياهو أن يقف متباهياً بالانتصارات المؤزرة التي حققتها اسرائيل على مجموع الملوك والرؤساء والامراء الذين استدعتهم المملكة المذهبة فطاروا اليها ليلبوا النداء عاجلين..
كيف لا ينتصر نتنياهو اذا كان في مواجهته امثال هؤلاء الجبناء الهاربين من ميدان الدفاع عن بلادهم وحمايتها، قبل تحرير فلسطين، والمستعدين لان يبيعوه مع بيت المقدس مكة المكرمة مقابل سلامتهم على عروشهم ورئاستهم المفرغة من المعنى؟
لكم كشفت لنا زيارة ترامب من مخازي ملوكنا والرؤساء.. حتى لنكاد نشكره ومعه السيدة عقيلته وكريمته التي فرح الامراء بمصافحتها يدا ليد وعينا لعين، شاكرين الله على نعمه..
ينشر بالتزامن مع السفير العربي