ربما لأول مرة في تاريخ لبنان الحديث، يعقد مجلس الوزراء جلسات مفتوحة، تمتد احيانا حتى السحور (فالزمن رمضان)، تحت عنوان: محاولة تقليص النفقات (وزيادة الإيرادات، حيث أمكن) في الموازنة الجديدة.
لكأنما اكتشف الوزراء، ومعهم رئيسهم، أن في الموازنة مبالغة في النفقات و”تساهل” في جباية الإيرادات نتيجة “المجاملة، او “المحسوبية” او النقص في احترام المال العام والحرص عليه.
ولان لكل وزارة وزيراً يقوم عليها، ويحب أن يدلل نفسه وينفخ في امكانات وزارته، سواء أكانت “سيادية” ام “عادية” ام حتى “ثانوية” فان ارقام الموازنة تتضخم بأكثر مما تسمح به امكانات البلد، وكذلك بأكثر مما تستأهل الوزارة المنسية، والتي استحدثت ـ على الارجح ـ لأسباب تتصل بالتوازن بين وزراء الطوائف، فتنتفي الفروق بين “الاساسية” و”العادية” و”الثانوية” فاذا الكل واحد.
فقط، قبيل مناقشة الموازنة السنوية، ثم خلالها، ينتبه الوزراء إلى انهم ينفقون في حين لا ينتجون، اقله كفاية، وانهم يبذرون الموازنة على ما هو غير ضروري وغير اساسي، كحشو وزاراتهم “بالزلم” والمرافقين وبموظفين مؤقتين او مياومين لا ضرورة لهم الا التمكين “لشعبية معاليه” من اجل الانتخابات المقبلة..
لا احد ينفق من جيبه، ولا احد يحاسب من انفق وأين وكيف.. ومن كان منكم بلا خطيئة فليرجم غيره بحجر..
قديما قيل: المال السائب يعلم الناس الحرام، فكيف اذا السادة الوزراء قد جاءوا إلى وزاراتهم “متعلمين”، بل ويمكنهم اعطاء الدروس عن الحلال (البغيض) والحرام المشروع..