يراهن النظام على طبيعته الطائفية في مواجهة الانتفاضة الشعبية الرائعة وغير المسبوقة في تاريخ الكيان اللبناني الفريد في بابه والمعادي بطبيعة تكوينه لجماهير الشعب التي يقسمها ويتعامل معها بازدراء، واثقاً من قدرته على تفريق جموعها.
وكان ملحوظاً غياب الاحزاب الطائفية عن الحراك، هذا اذا ما تغاضينا عن اعتداءاتها المتكررة على المتظاهرين، او محاولاتها استغلال هذه الانتفاضة ضد مطالب المتظاهرين وسلمية تحركهم (كما جرى في جل الديب وفي بعض انحاء عكار وطرابلس ومحاولة التشويش على الحراك في بيروت..)
المهم أن الحراك قد انتصر على الطقس الممطر وعلى برد كانون الثاني واستعاد زخمه عبر مطاردة كل من اعتبره مسؤولاً من اهل النظام (وزير، نائب، فضلاً عن حاكم مصرف لبنان الذي اشتدت الحملة عليه بسبب تدهور سعر صرف الليرة في مواجهة شيطان الدولار..)
الخطوة العملية، بل التأسيسية للثورة، تتمثل الآن في بناء جبهة وطنية مؤهلة لقيادة الحراك من أجل التغيير وفق برنامج عمل محدد ومكتوب تلتزم به القوى المشاركة فيه لتكون هيئة رقابة ومحاسبة دائمة تحاسب النظام على التقصير كما على الاخطاء المرتكبة (او المنوي ارتكابها؟! في حال غفلت الرقابة عن المحاسبة).
لا يجوز أن ينتهي هذا الحراك الثوري العظيم باعتماد منطق النظام اللبناني التقليدي ومفاده “كل انسان خطاء..” او “عفا الله عما مضى.. ولنفتح صفحة جديدة.. أن الله تواب غفور”!
إن الطبقة السياسية مدربة جداً ومعتقة الخبرات، وهي تراهن على الزمن وعلى يأس المنتفضين او تعبهم او نجاح الحركات التآمرية لتفريقهم وتشتيت جموعهم بذرائع طائفية او مذهبية او جهوية، او احتياجاتهم اليومية، خصوصاً مع امتناع المصارف عن اعطائهم ـ من ارصدتهم لديها ما يكفي لشراء ما يلزم بيوتهم من مصروف.
وصحيح أن النظام في لبنان مصفح بالطائفية والمذهبية، الا أن هذا الحراك الشعبي غير المسبوق في حشوده مؤهل لتحقيق الانتصار المؤكد.