كان لبنان في قديم الزمان وسابق العصر والاوان يتمتع بميزات بلد الأمان والازدهار، يقصده اخوانه العرب من مختلف اقطارهم كمصيف ومشتى وصلة وصل بين قبائلهم والعشائر، كما في الغرب.. يرتاحون فيه من مشاهد الفقر والتخلف في اقطارهم، فضلاً عن الشمس الحارقة معظم ايام السنة والبرد القارس في ما تبقى منها.
نهض العرب، في اقطارهم المتحضرة، مصر وسوريا والعراق، وكان لبنان السباق في ميادين كثيرة، اضافة إلى الطبيعة الساحرة.. فجامعاته، الوطنية منها والاميركية والفرنسية، مشرعة الابواب لآلاف الطلبة الآتين من مختلف الاقطار العربية (الكويت وسائر جهات الوطن العربي، العراق وسوريا، وبعض دول شمالي أفريقيا) فضلاً عن فلسطين قبل النكبة فيها 1948 وبعدها … وطلابها الذين ذاقوا مرارة خسران الوطن يتفجرون حماسة للعودة وخوض معركة تحريرها من محتلها الاسرائيلي..
اما اليوم فلبنان بلد يعيش قلقا مصيرياً:
ـ طبقته السياسية فاسدة مفسدة، تنهب موارده دون خوف من الحساب، وتعزز نفوذها بقرارات وتدابير تعزز التعصب الطائفي بدل أن تعزز المشاعر الوطنية، وهكذا يعم الانقسام، وتتعزز الطائفية لتغدو أقوى مما كانت في أي يوم، وتنتعش في ظل هذا الواقع المذهبي وهو اسوأ وأقسى من الطائفية.
ـ حكومته مشلولة بسبب حادثة امنية اعطيت أبعاداً سياسية، سرعان ما انعكست داخل الطائفة الدرزية، ثم تمددت إلى اوسع نتيجة “الزيارة المباركة” لجبران باسيل، برغم انه استنكف عن إتمامها حسب البرنامج المقرر.
وهكذا فان الناس يعيشون خوفاً من المجهول، ومما يضاعف الخوف ضغط الازمة المعيشية التي يعانون من حدتها، وعجز مداخيلهم عن تلبية احتياجاتهم اليومية العادية.
والحكومة “مش هون” لا هي تستطيع أن تجتمع، ولا رئيس الجمهورية يدعو إلى مجلس وزراء في القصر..
وهكذا لم يتبق الا المرجعيات الطائفية والمذهبية التي تداعت إلى الاجتماع في دار الطائفة الدرزية، ثم صاغت بيان تهدئة ونصح بالاعتدال ومعالجة الوضع المتوتر بالعقل والحكمة والتروي..
فعسى أن يسمع المعنيون وان يتعاون الجميع على تجاوز العاصفة وآثارها.