ليس جديداً اللعب بسعر صرف الدولار.. وقديماً احتل اصحاب الارصدة مقاعد الانتظار في المصارف لبيع الدولار بالليرة، او بيع الليرات بالدولار (أيهما الاريح..)
ها نحن نشهد الآن طلائع ازمة مشابهة، بين الضالعين فيها من يملكون ما يكفي للمضاربة صعوداً او نزولا، بيعاَ وشراء، والآخرون بلا عشاء…
حاكم مصرف لبنان يطمئن، والحكومة تحلف بالله العظيم أن لا ازمة سيولة.. لكن المواطنين الذين لا يصدقون الاعلام الرسمي يذهبون إلى الصرافين فيشترون الدولار بزيادة مائة ليرة وأكثر عن سعره المعلن والمعتمد!
كيف السبيل لان يصدق المواطن دولته، وهو الذي يرى غير ما يسمع، ويتأمل طابور المتهافتين على الاتجار بالعملة الوطنية وكأنها سلعة كاسدة ويذهب إلى الدولار لكي يشتري اطمئنانه وراحة باله إلى سلامة ارصدته وثورته المحمولة والمنقولة والبين بين..
كالعادة، سيزداد الاغنياء غنى، وسيزداد الفقراء فقراً، من دون أن يجدوا مرجعاً يستمع إلى وجعهم، فالاقتصاد في لبنان حر، على طريقة “دعه يعمل، دعه يمر”، لكن المواطن يفاجأ دائماً بلافتات “ممنوع المرور”، فيرجع إلى بيته مقهوراً..
اصحاب البنوك سعداء، والسماسرة اسعد، فالكل يجني ارباحاً غير مشروعة، وحاكم المصرف المركزي يفتح خزائنه لمقاومة هذا “الاجتياح الاميركي”، الذي يرى فيه البعض تشديداً للحصار على تمويل “حزب الله” الذي لم يعرف الطريق إلى المصارف، وان كان يهمه استقرار النقد الوطني لأنه لم يألف التعامل بالدولار..
الطريف انه كلما تفاقمت الازمة الاقتصادية ـ المعيشية في البلاد ازداد الاغنياء غنى، وربحت المصارف من المضاربة، وربح اصحاب محلات الصيرفة، ودفع المواطن الطبيعي ـ الذي تتناقص اعداده بسبب المنفخة والادعاء الفارغ، من قوته وقوت عياله ثمن الحفاظ على استقراره الشخصي بمعزل عن تطمينات الدولة..