ها هي دولة العدو الإسرائيلي تقتحم الدولة التي فبركتها قوات الاحتلال البريطاني دامجة بين ست مشيخات تحت رعاية المشيخة الأكبر”أبو ظبي” تحت قيادة الشيخ شخبوط الذي كان “متخلفاً” لا يؤمن بالبنوك ولا يحب إجراءاتها، لذا فقد كان يضع كل ما يأتيه نقداً في كيس يدسه تحته، ويجلس فوقه مرحباً بالقلة من زواره ومن يطلب لقاءه من رعيته.
بعد حين، واستجابة لمتطلبات العصر خلع البريطانيون شخبوط وجاءوا بالشيخ زايد آل نهيان أميراً، ثم جمعوا ست مشيخات أخرى مع “أبو ظبي” وأعلنوها دولة باسم “الإمارات العربية المتحدة”.
ولما كان شيخ دبي راشد أكثر وعياً بمجريات الأمور في عصر التحولات فقد جعل من مشيخته أقرب ما يكون إلى “هونغ كونغ”: هي من العرب وليست معهم بل مستقلة بأمورها من دون أن تلحق الضرر “بجيرانها ” من قادة المشيخات الأخرى وكلهم أبناء بدو واقارب أي أهل حسب ونسب وإن لم يكونوا من أصحاب الثروات.
القرار بريطاني لكن الشمس كانت قد بدلت مسارها وصار مركزها في واشنطن، ولا بد أن تضمن لندن رضا البيت الأبيض، خصوصاً وأن الدولة الجديدة المزمع إعلانها غنية جداً بالنفط مما يفترض أن تكون واشنطن المرجع والقيادة.
صاح نتنياهو:- هاتوا الطائرة! فجاءوا بها، وطلب إلى الموفد الأميركي الخاص الذي أوفده الرئيس ترامب أن يكون رئيس الوفد، فرحب.. ثم جيء ببعض رجال المخابرات والإدارة وأعضاء الكنيست أن يكونوا في الوفد ليسجلوا باسمه هذا الإنتصار الكبير على العرب، في عقر دارهم، ومن دون إطلاق نار أو تفجير أو غارات من الجو ومن البحر، ودون اقتحامات قد تكلف دماء ورجالاً.
ركب الجميع الطائرة، وقرأ قائدها بعضاً من التوراة، ثم أقلع بها عبر السعودية التي ردت بالترحيب على طلب الإذن بالعبور في اتجاه الدولة – الجارة: الإمارات العربية المتحدة.. (وذلك يعني الموافقة على مهمة من فيها، بطبيعة الحال)!
سبق الفضول هبوط الطائرة، وحين تقدم الموفد الأميركي نحو باب الطائرة، كان الحشد الأمني-السياسي-المخابراتي متعدد الإنتماء يستعد وفضوله يتقدمه لاكتشاف هذه الواحة المذهبة في قلب الصحراء التي أقامها الشيخ زايد ثم أورثها لأبنائه الذين عرفوا العالم وجالوا في عواصمه قبل أن يرجعوا إليه ليتعلموا منه.. وقد دعاهم إلى الصبر، وإلى اعتماد الحوار وسيلة للتفاهم، وعدم استخدام المال إلا في ما يخدم طموحهم ويؤكد قدرتهم على قيادة البلاد والتفاهم مع الجيران، ودائماً مع تحاشي التصادم مع المختلفين من الطامعين بما لهم أو بمساعدتهم لبلوغ ما عجزوا عن الوصول اليه بقدراتهم وحدها.
ها هي دولة عربية جديدة تفتح ذراعيها مرحبة بالآتين باسم “السلام” ومن أجله.. وإذا كان الشيخ زايد قد صمت عن استعادة الجزر الثلاث القائمة في عرض الخليج مقابل دولته وقرب إيران، على الضفة الأخرى، فمن حق نجله الشيخ محمد وبالتشاور مع حاكم دبي وشريكه في حكم الإمارات الشيخ محمد بن راشد المكتوم أن يندفعوا إلى حيث اندفعت مصر من قبل، ثم الأردن، ثم ياسر عرفات ذاته وأن يقيموا السلام مع من جنح إلى “السلام”.. ولو عبر الحرب واحتلال بلاد الآخرين.
ويا عروبة هيا إلى مأتمك بعدما اغتالك بعض الذين يحملون هويتك واستخدموا كوفياتهم في تغطية النعش .. ثم وقفوا متراصفين يتقبلون التهاني بالعصر الاسرائيلي الجديد.