ها هي الانتفاضة الشعبية، غير المسبوقة في تاريخ لبنان الحديث، تدخل شهرها الخامس ـ من دون أن تظهر مفاعل جذرية على طبيعة النظام الطائفي ـ الاحتكاري المعزز بدعم دولي مفتوح، يجمع الشرق والغرب، والعدو الاسرائيلي ضمناً، وان كان تنامي قوة “حزب الله” قد استنفرته فاندفع إلى شن الحرب على هذا الكيان المولد لكيانه الهجين في المنطقة العربية.
بهذا المعنى يمكن القول إن استيلاد دولة شرقي نهر الاردن، باقتطاع بعض الارض السورية كان يخدم الغرض نفسه.
وهكذا يتكامل وعد بلفور (وزير خارجية بريطانيا العظمى في العام 1917) مع حصيلة مؤتمر سان ريمو والذي عرف بمعاهدة سايكس ـ بيكو، وأدى إلى توسيع حدود “متصرفية جبل لبنان” لتشمل “أقضية” الشمال بعاصمته طرابلس، والجنوب بعاصمته صيدا ومعها جبل عامل، والبقاع بما فيه مدينة بعلبك والبقاع الغربي و”بلاد بعلبك” ما عدا الهرمل وشمسطار لان اصول سكانهما من جبل لبنان (كسروان وجبيل).
هي ولادة جديدة للبنان الوطن..
هذا ابرز واخطر قرار انجزته الانتفاضة الشعبية التي شارك فيها اللبنانيون جميعا من ادنى مناطقه إلى اقصاها، وان كانت بيروت قد جمعت الاطراف من حدود فلسطين جنوباً إلى حدود سوريا شمالاً وشرقاً بعنوان طرابلس وعكار والضنية والكورة، وجبل لبنان من بعقلين والدامور والناعمة إلى جل الديب وجونية وجبيل الخ..
لقد وحد الشعب وطنه، عبر انتفاضته المجيدة برغم كل ما دبر ضدها من محاولات شغب وتشويه.
يمكن القول أن شعب لبنان قد اكتشف نفسه وصنع وحدته بإرادته الحرة، متخطياً مناورات الطبقة السياسية ومحاولات اثارة الفتنة لتفرق صفوفه بالتصادم.. (وكلنا يتذكر وقائع هذه المحاولات)..
لقد نصرت الانتفاضة الشعب على الفتنة عبر تأكيد وحدته.