طلال سلمان

الانسان ينتصر بعقله.. والحياة اقوى من كورونا!

فجأة، ومن دون سابق انذار، تبدى الانسان وكأنه مخلوق من قش، تُقرر مصيره جرثومة تستبطن داخله، فلا يشعر بها، ولا يستبد به القلق، مهونا على نفسه الامر، مفترضا أن هذا العارض قد يكون “مغصاً” او مجرد “تلبك معوي” او “سوء هضم” بعد وجبة دسمة.

لا يطيق الانسان أن يحس نفسه مريضاً. هو في نظر نفسه جبار لن تقوى عليه جرثومة تكمن في احشائه وتفتك بمصادر اطمئنانه، ثم تطرحه مريضاً في البيت قبل أن يسارع اهله إلى نقله إلى المستشفى مذعورين، فتتولاه الهيئة الطبية ويعودون على متن القلق إلى بيوتهم.

الانسان عدو ما يجهل، فكيف وهذا الوباء “جديد” على العالم كله، وقدرته على الانتشار والتوسع في أربع جهات الارض هائلة، بحيث يضرب في الصين فاذا ما انتبهت اليه السلطات في بكين، نجده قد اجتاح اوروبا جميعاً من ادناها في ايطاليا واسبانيا وفرنسا، إلى اعلاها في اسوج والنروج والدانمارك … ثم يقفز بأسطوله الهائل إلى الولايات المتحدة الاميركية، حيث يخبط خبط عشواء، فاذا اكبر مدينة في العالم، نيويورك، اسيرته، يدور في انحائها ويرقى ناطحات السحاب فيها فيفتك بسكانها الاكثر عدداً من سكان دولة او بضع دول بأهلها، وينتقل منها إلى المدن الكبرى في الولايات جميعاً، فيلادلفيا، ومكسيكو، ولوس انجلوس.. قبل أن يكمل زحفه إلى المكسيك والبرازيل والارجنتين. متجنبا كوبا المحصنة بالماركسية والفقر والتضامن.

يتبدى الانسان الجبار، الذي قفز عاليا إلى القمر، ودجَّن البحار بالعواصف العاتية التي تجتاحها بين الحين والآخر…

يتبدى هذا الانسان ضعيفاً، يصرخ وجعاً من جرثومة لا يراها، ولكنها تتنقل في انحاء جسده بلا صوت حتى تطرحه في المستشفى يصرخ من وجعه.. بل انها قد تودي به بلا وداع..

ولان الانسان جبار بعقله الذي لا ينام وارادته التي لا تقبل التحدي، فقد باشر العمل لمواجهة الداء بالدواء.. ويبدو انه نجح فكافحه في اول مدينة ضربها، وهي ووهان في الصين..

وبشجاعة المناضل ذهب الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى مدينة ووهان، ليؤكد أن الانسان هو الاقوى، بعقله وعلمه، وهكذا فقد اجتهد حتى عثر على الدواء الشافي..

على أن ذلك لم يعجب الرئيس الاميركي الاحمق دونالد ترامب الذي تواجه بلاده كارثة حقيقية، فادعى أن الصين “سرقت” هذا العلاج من خارجها!

لم يعلق الرئيس الصيني حتى تم تطهير المدينة من الوباء، فعرض على ترامب أن يساعده على الكارثة التي تعيشها بلاده، لكنها رفض بعناده،

في الوقت ذاته اوفدت روسيا اسطولا من طائراتها بما تيسر لها من علاج ومساعدات إلى ايطاليا واسبانيا وفرنسا، تأكيداً للتضامن والاخوة الانسانية في مواجهة هذا الوباء القاتل.

الانسان هو الاقوى..

قد يدفع ضريبة ثقيلة لحماية نفسه وعائلته ومجتمعه من الاوبئة التي تجتاح الكون، بين عمر وآخر، ولكن عقله لا يتعب من البحث والاجتهاد حتى يقهر المرض وينتصر للحياة.

Exit mobile version