الأخلاق أن تتصرف كما ضميرك، أن تشبه نفسك، ان تتساوى روحك ونفسك. الأخلاق علاقة بين الفرد ونفسه. علاقة إجتماعية بمعنى انك ابن بيئتك. تتشكل حسب تقاليد وعادات البيئة الاجتماعية المحلية. الضمير لا يتكون جنيناً الا بقدر ما تعطي البيئة أثرها في ذلك.
الدين بيئة اجتماعية، سواء كنت مؤمناً أو غير مؤمن، فالدين يملي عليك آداب السلوك، واحياناً عدمها. الدين مكون اساسي في كل فرد. تجاوز ذلك نوع من التمرد، وهذا ضروري احياناً. لكن دفع الامور الى حدها الاقصى له مضاره. اهم ما في الدين انه يملي على الضمير ما يجب ان يكون عليه المرء. تخضع بالدين لطاعة الله، اي لارادة خارجية، الا اذا كنت صوفياً واعتبرت ان الله كامن فيك. الخضوع لكل ارادة خارجية هو استسلام لارادة غير ضميرك. تتناقض الاخلاق مع كل ارادة خارجية حتى ولو نشأ عليها الانسان الذي لا يمكن ان يكون “روبوت” ثم يحافظ على سويته. الفرد والمجتمع لا يحافظان على السوية الا بالتجاوز. تجاوز التراث وما تربّينا عليه، والا تنتفي فكرة التقدم.
الاستهلاك بيئة تضاف الى تشكّل الانسان. يملي على الانسان سلوكه. يتقاسم الدين والاستهلاك العمل. يقصف كل منهما دماغك بالمعلومات والتوجيه حول ما يجب ان تفعل وكيف يمكن ان تعيش. سلوكك يقرر الدين والاستهلاك، بما في هذا الأخير من اعلانات وادوات تقنية، من السيارة الى الغسالة الاوتوماتيكية الى ركوب الطائرة. يتواطأ الدين والاستهلاك على اعادة تشكيلك. يقصف الاستهلاك ومسائله الدعائية دماغك بمعلومات لا حد لها حول ما يجب ان تشتري او لا تشتري. هذه الآلات التي تشتريها تصير جزءاً من سلوكك اليومي. تتعرف يومياً حسب ما يمليه عليك دينك، وحسب ما تمليه عليك وسائل الاعلام الاستهلاكية على طبيعة اخرى تضاف الى طبيعتك. اذا كنت عاطلاً عن العمل تنشأ عندك المرارة من عدم امتلاكك ما تعجز عن شرائه كي تنضوي في جمهور عريض من الذين يمارسون ما عوّدهم عليه الاستهلاك واجهزته.
يتنافس الدين والنمط الاستهلاكي المفروض اعلامياً على تقاسم يومك، وعلى تقاسم ممارستك اليومية. حسابات الضمير لو أجريت، لاختلفت مع ما يمليه الدين والنمط الاستهلاكي. تكنولوجيا الاستهلاك تعيد تكوين جزء من حياتك اليومية، جزء دخيل على هذه الطبيعة، لكنه يصير جزءاً منها. النموذج الديني يتغير بتغير نمط الاستهلاك. تبقى العبادات كما هي، تتغير المعاملات بالتواكب مع نموذج الاستهلاك. فهل يجب ان تبقى المعاملات جزءاً من الدين؟
كلام مختصر والجواب لن يكون سهلاً.
ينشر بالتزامن مع موقع روسيا الآن