طلال سلمان

جزين عيد وسقوط اقنعة

نشرت في جريدة “السفير” بتاريخ 1 حزيران 1999

سقط القناع، واستعادت الحقيقة صورتها الأصلية التي لطالما بذلت المساعي محمومة لتزييفها وتزويرها في جزين ومنطقتها خاصة، وعلى امتداد الشريط المحتل عموما: ليس ثمة مشكلة »سياسية« بين اللبنانيين، تفرقهم معسكرين أحدهما »مع« إسرائيل والثاني »ضدها«، وليس ثمة حرب دينية تقسمهم الى ضحايا محتملين من المسيحيين على يد قتلة هائجين من المسلمين.
سقط القناع، وتبدى الوضع على بساطته: المشكلة في الاحتلال، فإذا ما زال الاحتلال عادت الأمور سيرتها الأولى… فالناس في بيوتهم، في أرضهم، لا خطر يتهددهم من داخلهم، ولا مشكلة لهم مع دولتهم التي كانت ترعاهم وتداري أوضاعهم وتحاول أن تجنّبهم المزيد من المخاطر، فهم كانوا أشبه بالرهائن الذين يحتجزهم سفاح طلباً لفدية لا يمكن دفعها!
سقط القناع، بل سقطت الأكاذيب والادعاءات التي كانت تنسج لجزين وضعاً خاصاً، وكأنها كانت خارجة على الدولة، مثل الطفار، أو ملتحقة بالعدو، بالرضا، أو مهددة من شعبها ولاجئة سياسية عند الاحتلال، فإذا ما غدر بها وتركها تعرضت للانتقام الرهيب!!
وسواء »استقيل« أنطوان لحد أم استبقي مع ميليشياه أقنعة وأكياس رمل للاحتلال، وجرى التمديد لهؤلاء المرتزقة كأدوات للمناورة الإسرائيلية والمساومة على الانسحاب الكامل، فإن لبنان دولة وشعبا ومقاومة باسلة قد حقق انتصارا سياسيا باهرا.
لقد تمّ تحرير جزين.
لم تكن تلك »مصادفة« قدرية، ولا هي جاءت »منّة« من العدو المحتل، ولا »فعل توبة« من قبل لحد وميليشياه التي جاءت بها قوات الاحتلال لتحميها فانتهت لتكون عبئاً عليها تدفع من دماء جنودها ثمناً باهظاً لتستبقيها ولو كواجهة أو وجه مستعار!
ومن حق لبنان أن يحتفل بتحرير جزين.
فالاحتلال قد »اضطر« للتخلي عن لحد وميليشياه.
ولحد قد »اضطر« للانسحاب من جزين.
وإسرائيل قد »اضطرت« للتخلي عن لحد في جزين.
و»الوساطات الدولية« تهاوت، من قبل كما اليوم، على عتبة الإصرار الإسرائيلي على محاولة توظيف جزين وأهلها لبث الشقاق بين اللبنانيين، ولإلحاق الأذى بصورة الدولة، ولإثارة الحساسيات بين لبنان وسوريا.
إنه عيد وطني، وقومي، مجيد.
المجد للصمود والصامدين، المجد للمقاومة، المجد لهذا التوحد في القرار وعلى الأرض بين الحكم والشعب وطليعته الباسلة من المجاهدين الذين جعلوا مثل هذا التلاحم حقيقة إضافة إلى كونه ضرورة.
المجد والخلود للشهداء الذين لولا تضحياتهم العظيمة لما كان لنا عيد، أي عيد.
طلال سلمان

Exit mobile version