طلع لبنان “اوت”: لا في عداد الأصدقاء الدائمين للولايات المتحدة الأميركية ظهر اسمه، ولا في قائمة خصومها التاريخيين الذين انفتحوا عليها – بالحرب ! – وانفتحت عليهم.
فالرئيس نيكسون سيلقى “ترحيباً حاراً في القاهرة، قلعة النضال العربي المعاصر،
وهو سيستقبل بما يليق من الاحترام في دمشق، قلب العروبة النابض،
وستجن فرحاً به عمان،
وفي الرياض سيرقصون له “العرضة”،
أما في تل أبيب فلا داعي للتفاصيل، (للمناسبة: لا داعي لإثارة مكامن الوجع بالإشارة إلى القدس واحتمالات أن يزورها الضيف الكبير)،
وحدها بيروت طلعت من المولد بلاحمص، وإن ظل مكيناً في جوانحها ذلك الشعور المطمئن بأنها هي الأصل حتى لو صار لها مئة ضرة،
والأسئلة التي أثارتها هذه المفارقات في عقول السذج كثيرة، هذه نماذج منها:
ترى هل لبنان، في نظر أميركا، شوعي لا سمح الله، حتى قاطعة المسر نيكسون؟
.. ولكنه زار حصون الشيوعيات في بكين وموسكو، ناهيك ببوخارست،
أترانا أخطر؟! آه لو كان لنا من يطمئننا في جهاز المخابرات المركزية الأميركية.
أم أن أميركا تريد منها أن نكون أميركيين أكثر مما نحن؟!
.. ونحن، نلبس القمصان المشجرة ، نشرب الكوكاكولا والبيبسي كولا، ولا نقبل لعلكة “الشيكلس” بديلاً.
أم تراها منزعجة لأننا أميركيون بهذا المقدار،
أم تراها تعتمد سياسة “فرق تسد” بين الشعب وحكامه، فتمتدح الحكام وتدعوهم إلى زيارة واشنطن، ثم تمتنع عن زيارة البلاد “لأسباب أمنية”؟!
أترانا مشاغبين حقاً، وشعبنا على هذه الدرجة من الخطورة؟
يجيء كيسنجر إلينا، فينتقل الحكم كله، وفي ظروف من السرية المطلقة، إلى رياق كي يتسنى له أن يلقاه ويسمعه بوضوح..
ويجيء نيكسون، فينتقل الحكم إلى دمشق طلباً للهدوء ورواق البال.. على أي حال، الحمد لله ، إن أقرب محطة كانت عاصمة الأمويين وليست صنعاء، مثلاً، أو نواكشوط..