بين أن نكون أمة عربية، أو لا نكون شيئاً كلمة صغيرة مرتبطة بقرار كبير: نقول “لا” حين يتوجب أن نقولها فتكون لنا الحياة، ونصمت بالجبن أو بالعجز أو بادعاء الحكمة والرغبة في العيش فلا ننطقها ولا نعمل بها فإذا نحن لا شيء… تضربنا إسرائيل كل يوم فنكاد نبتلع الألم، حتى لا يستعر غضبها فتضربنا ثانية، ولا نشكوها (مجرد شكوى) حتى لا نسيء إلى علاقاتنا مع الصديق الأميركي العزيز، ولا نضيع وقته في توافه الأمور وهو المسؤول عن سلامة الدنيا والآخرة!
بين أن نكون أو لا نكون قرار بألا نترك بحرنا يتحول – أمام عيوننا، وبموافقتنا!! – إلى بحيرة أميركية تصول فيها وتجول الأساطيل المعادية، التي تشكل جزءاً من الحماية الاستراتيجية للعدو الإسرائيلي، عند الاقتضاء (وكما رأينا خلال حرب 1973).
بين أن نكون أو لا نكون أن نعرف إننا صغار بالإرادة وكبار بالإرادة: متى ضعفت إرادة القتال وغرقت في برميل نفط صغرنا إلى حد الاضمحلال، إلى حد الاندثار، إلى حد الخجل من زوجاتنا وأبنائنا وأسمائنا، ومتى قويت فينا قويننا بها على الجبابرة جميعاً من إسرائيل إلى الاستعمار إلى الإمبريالية الأميركية إلى الصهيونية الدولية إلى الرجعية العربية انتهاء بالنفط الذي لا يقهر!
والخيار مفتوح: نكون “براميل” يملكها الآخرون، وتحمينا طائراته الأواكس، أو نكون بشراً، ونكون أصحاب قضية وأصحاب حق وجدارة بالحياة فنبعث بطائراتنا لتشتبك مع طائرات “توم كات” الأميركية ومع حاملتها النووية، انطلاقاً من أن أرضاً لا يدافع أصحابها عنها لا تكون لهم، ومن أن بحراً لا يحميه أهله لا يكون لهم.
ولا يهم أن تسقط واحدة من طائراتنا أو اثنتان، وأن تسقط للعدو المغير طائرة أو لا تسقط له أي طائرة.
المهم إن إرادتنا لم تسقط.
ومع صمود الإرادة لا يمكن أن يسقط لاحقنا في وطننا، بأرضه ومياهه، ولاحقنا بالحياة، حاضرها والمستقبل الأفضل الذي نطمح إليه.
وإرادة القتال تعني بالضبط روح الثورة.
وروح الثورة هي بالضبط سر انتصار الضعفاء والمقهورين على قوى القهر والاستغلال والاستعمار.
وغدنا يأتي محمولاً على رماح الثوار المقاتلين أو لا يأتي أبداً، بل يمتد عصر الندب على الماضي ليشمل الحاضر وليلتهم المستقبل.
وتحية إلى ليبيا الثورة، ليبيا الفاتح، وهي تؤكد اليوم جدارة الإنسان العربي بالحياة، ودائماً عبر إرادة القتال.
وتحية إلى معمر القذافي ورفاقه وإلى كل ثائر عربي، من كل أولئك الذين استعادوا اليوم رعشة العزة والكرامة التي هزتهم وهم يسمعون جمال عبد الناصر يدعوهم إلى القتال في مواجهة العدوان الثلاثي سنة 1956.
و”الله زمان يا سلاحي
“أنده وقول أنا صاحي”.
وثمة كثير من السلاح في أيدي العرب فلنأمل أن تزيد نسبة الصحو وأن يزيد عدد الصاحين!